الاثنين، 18 أغسطس 2025

-40-

أتذكّر لما كان لعب الكرة في الاستراحة أقصى طموحاتي في أي ويكيند يمرّ علي. حياتي كانت اعتيادية، هادئة، وحده الويكيند الكروي يمثّل ذروة لهرمونات سعادتي النائمة. حقيبة عمري كانت مليئة مليئة بأحلامي كنت أنتظر فقط لحظة السفر الى المستقبل لكن كاونتر قصّ بطاقة الصعود رفضوا حقيبتي الكبيرة والمليئة وافرغوا ما فيها! فسافرت بحقيبة كبيييرة وخالية. 

"معليه" 

المهم، كنّا فريقين وكنت من أصغر 3 لاعبين، عادة يرمونا بالهجوم كعناصر زائدة. أتذكر كيف كنت أراجع نفسي ومستواي بعد كل مباراة بغبنة وقهر وأحسب كم هدف اهدرت. كنت اصغر من اني استوعب ان هذا المركز معدّ للواثقين من أنفسهم أكثر من مهاراتهم، ثواني الفزع بعد استلام الكرة -كنت سيء فيها- مربكة وكانت طويلة. لحظتها نطاق رؤيتك تشبه "الداش كام"؛  مركّزة وضيّقة، يمكن لأي أحد ان يباغتك من الجانب. خيبة الآخرين كانت تضايقني وتضغطني، أكرر بصيغة أخرى مركز الهجوم معد للي واثق من نفسه ولا يبالي بشأن الآخرين، بهذي الأدوات ممكن يكون مهيّأ نفسيّا ليسدد بدقة، وهي نقطة ضعفي. 

سنة أو أكثر وأنا على هذا الإحباط الى أن غيرت مركزي وتغيرت حياتي! لا أبالغ ان قلت ان حياتي  تغيرت بعد ذلك. كل شيء تغير، نظرة أقاربي اللاعبين وغيرهم وحديثهم بعد المباراة، كأني شخص آخر، لك أن تتخيّل كيف تتغيّر حياة لاعب عالمي بتغيير مركزه! 

"معليه" 

المهم، تركت الهجوم المحبوب من الجميع، لأن الأضواء مسلطة عليهم وعدت للخلف، ليس تماما الى مركز المحور (خلف الدائرة بالملاعب الأصليّة)، بعيدا عن الأضواء فوجدت نفسي. "لكَ الله! ما كان أحد يقدر يمرّ من عندي غالبا لو كان ايش" كنت هزيل الجسم ومع لكن بساقين قويتين وتتحملان الضربات وكنت مرنا وقادرا على أن أكون ظلا لصيقا ومزعجا (صفة أكرهها بحياة الواقع، معليه المهم) كان قطع الكرات تحدّيا أجيده، وقراءة أفكار اللاعبين ونوايا تحركاتهم، الإلتحام بقوة بعيدا عن عنف الأقدام والسيقان بطريقة بربرية. كان كمّ التحدّي الذي أواجهه بعيدا عن الأضواء وتركيز الأصوات المنادية "شوووت، ناول، إلخ" يطلق عناني. وجدت نفسي بهذا المكان وأحببت الانطلاقة للمقدمة واحراز بعض الأهداف التي كانت أسهل بالواقع من الخلف؛ لأنك تقرأ القصة من بدايتها بخلاف وأنت بالمقدمة تأتيك الكرة بلا سياق تفهمه، لهذا التفكير يضيعك. 

متى لعبت آخر مرة؟

مضى زمن طويل. لكني لازلت أتدرب، كيف؟ لازلت أتخيل المواقف و ما الذي علي فعله بالملعب! ومن واقع تجربة أؤكد لكم، بأنّه تدريب ناجح.

سنوات على تلك الأيام، سنوات كانت الدقائق داخل الملعب تنسيني أمر حقيبتي الفارغة.