الاثنين، 7 ديسمبر 2020

يشكو من لا شيء


*



خرج وهو يشعر بالبثور على وجهه أكثر. أخبره بأنه على مايرام ولا شيء يشوّه جلده. وصل لمسكنه وبدأ بصعود الدرج حيث لم يتغير رتم طرقات قدمه عليها منذ بدأت حالته هذه تزداد. مشى بدربه الى أن وصل لغرفته ولو أبعدت قليلا لغاصت قدمه وعلقت بالأرضية. هكذا شعر إلى درجة أنه أحس قليلا بالبلل أسفل بنطاله وكأنه آتي من طريق موحل. 


( كان هذا الكائن يعيش داخل دفتر بعدد صفحات قليلة لم تعد فيه مساحة لملء أي شيء، كان مليئا بالأيام والذكريات وكان عنده حسّ مرعب بالانتباه لكلّ نتوء وانحناء للخطوط لدرجة أن انحناءً بسيطا كافيا ليصنع سكينا يمزق دماغه قبل أن يدرك بأن ذلك لم يكن إلا انحناء بسيطا لأحد الأيام والكلمات )


يستلقي على السرير يحاول الالتواء بالغطاء حتّى يشعر بأن شيئا إلتف عليه بإحكام ليهدئ روحه التي وإن سكن جسده لا تبدو مستقرة. بقي قلبه يرجف تاركا بأثر الإرتجاف فراغا خانقا. شعر بأنه بحاجة لأن يتنهد ذلك الفراغ من قلبه لكن أنفاسه لا تصل إلى قلبه. 


يتنفس وكأنه بذل مجهودا كبيرا قبل وصوله. كان تفكيره يشعره بأنه قطع مسافات طويلة ذهابا وإيابا عبر الوقت.


بدأ يلتوي بشكل عكسي حتّى يتحرر من الغطاء رغم أن روحه بدأت بالاضطراب لكنه شعر بشيء من الراحة وهو جالس على جانب سريره مطأطأ رأسه وتنهداته تتساقط من فمه. "ماكل ذلك يوم عادي، يوم عمل معتاد لا جديد فيه، وجبات معتادة، مالذي يكوّم التعب فيني أكثر" يسأل نفسه. 


وتذكر يوم أرسل رسالة لأحد أصدقائه كان قد اخبره بأن كل شيء حولنا ليس إلا تصورا ويمكن وفق ذلك أن ينال كل شيء يريده بعد أن يحكم تصور حيازته لما يتمناه بكلّ ما أوتي من قدرة. 

 

كان ذو قدرة عالية على التركيز، كان قادرا على خلق وهم لحظيّ لمدة وجيزة بوجود شيء ما. وكان يوجد فعلا! كان يلعب بهذه الأفكار حتّى أتقن ذلك لكن دماغه فقد السيطرة على نفسه وبدأ يتصوّر ما لا ينتهي من أمور  ولا يكاد دماغه يكف عن إلقاء كل تلك الأشياء المزعجة على كاهل رأسه

 

كان شعوره بالألفة ازّاء الجمادات يحزنه، هل من خطأ بأن يشعر لهذه الدرجة بها؟ احساسه بأثر بريق اللون بالفراغ ومايعنيه انعكاسه على سطح خشن مخدوش، يعرف بالضبط هذه الخدوش وكيف ترسم أثرها بالداخل وكأنها صوت واضح أو لمسة لا يمكن توهمها. كل ذلك يشعره بالحسرة؛ كان الأجدى أن يفهم البشر كذلك. فقط لو كان جمادا.

 

كان قد تخلى عن عاداته البدنية والتي تتطلب جهدا كبيرا منه، كان ذلك الاستسلام الأخير لدماغه. 

 

  بعد بضعة أيام:

 خرج بعد أن صُرف له مرهم لعلاج البثور على وجهه وأخبره بأنه سيكون على ما يرام. لكنه لم يشعر اطلاقا بملمس المرهم على جلده.




Alex Eckman-Lawn

الجمعة، 6 نوفمبر 2020

كيف نصنع من الأشكال والأفكار البشعة عملا فنيّا






 
عندما يرسم الرسّام منظرا قبيحا هل يمكن أن ينجم عن ذلك عملا فنيّا؟ وإن اعتبرناه عمل فنّي هل سنعتبر هذا العمل شيئا جميلا؟


تاريخ الأعمال الفنية مليء بالمشاهد البشعة والشنيعة والمؤلمة والتي تناقض تصورنا عن الجمال، المنظر المريح الهادئ واللطيف على ذاكرتنا. لكن ورغم ذلك ستجد من يعبّر بعمق عن جمال لوحة المؤلمة "طوف الميدوزا" لثيودور جيريكو (1791-1824) يمكننا القول بأنّ الفنّ الأوروبي هو أبرع فنّ خلق الجمال من خلال مشاهد الألم والمآسي. يمكن في حال تتبع ذلك أن ما تم لم يكن فجأة بل عبر سلسلة طويلة من اللوحات والدراسات الفنيّة -العمليّة بالذات- هل يمكن أن نعتبر ذلك نجاحا؟ جعل المأساة تبدو عملا فنيّا ونقول عنه عمل جميل؟

 

بعيدا عن الفن الأوروبي وعن الألم والمأساة (الألم النابع من تعاطفنا مع الآخرين) إلى الفن الشرقي، الياباني تحديدا والى أفضل خلاصة على شكل فنّان تاكاشي موراكامي. 

 

لنعد السؤال مرة أخرى مع بعض التعديلات، هل يمكن أن يرسم الفنان شكلا بشعا ومنفّرا و مثير للإشمئزاز في لوحة وتصبح بعدها عملا فنيّا؟ ذلك سيجعل التحدّي أصعب وأعقد من تحويل المآسي والآلام فيها إلى عمل يوصف بالجميل. الواقع أن الأعمال اليابانية تجاوزت ذلك وصنعت أعمالا لفكرة منفّرة ومثيرة للإشمئزاز بسبب عنفها أحيانا أو بسبب الفكرة. وواحدة من أكثر المواضيع التي يمكن الشعور بخطوط التماس تلك، بين المتناقضات هي الايروتيك والجنس. عندما تصور الأعمال الغربيّة صورا عارية فهي تأخذها أحيانا بجانبها الميثيولوجي أو الأسطوري حتّى تغلف هذا الحظور بشيء من الأبهة؛ وهذا ماجعل الكثير ينفر ويعترض على لوحتي ادوار مانيه (1832-1883) "غداء على العشب" و "أولمبيا" رغم أن مثل هذه اللوحات  وجدت كثيرا وتمّ قبولها بفضل قدر لا بأس به من خلفيّة تبعدها ولو تلميحا عن الصراحة لكن لوحتي مانيه لم تفعل أي شيء من ذلك لهذا صدمتهم؛ امرأة معاصرة وعارية تتناول الغداء مع رجلين بكامل ملابسهم، لو كان المشهد بثيمة ميثيولوجيّة للقت شيئا من التقبّل.  يصعب على الفنّ الغربيّ إظهار ذلك وجعل الفن قادرا على إزالة ذلك الشعور بالذنب أو العار أو الخجل مما يتم تصويره، مهما صوّر وحدث كثيرا مثل لوحة جوستاف كوربيه (1817-1877) "أصل العالم" التي تصوّر فرج امرأة وكأنها بورتريه، ستشعر بأن في ذلك تجاوزا، ذلك الشعور بالتجاوز قد يكون هدف العمل الفنّي نفسه، الشعور بكسر شيء ما واجتيازه أكثر من الشعور بقبوله وتقبّله؛ ذلك سيحتاج إلى قدر أعلى من الدقة في فهم -ولو من دون وعي- مدى تأثير أدنى الملليمترات باللوحة على تفكير الأشخاص. 

 

أكثر ما يدهش هو احتواء الأعمال الكرتونيّة اليابانيّة على العديد من المشاهد الجريئة والخليعة وكثيرا ما تؤخذ بإطار فكاهيّ كوميديّ يجعلها مقبولة أكثر ومحصورة في إطار اللقطة الكرتونيّة كأنّها مزحة ثقيلة أعقبتها ضربة ممازحة على الكتف. جرعة المزاح والفكاهة تلك تجعل المشهد والصورة أو الرسمة مقبولة. وتزيل كل فكرة عن كونها تجاوزا إلى حد القبول أكثر ككونها شيء جميل سمحت هذه المزحة بالتعبير عنه بأريحيّة دون قلق أو دون أن يتم التعبير بمتعة التجاوز والتي لا حدود لها. يشبه ذلك تماما قبول بعض المزح والأقوال الخادشة من بعض الأشخاص وفي إطار ساخر. 

 

هل تشعرك لوحات اليابانيين الجريئة بمثل ما تشعرك به لوحات إدجار ديجا (1834-1917) ولوحات إيجون شيلي (1890-1918) من تجاوز؟ لا تلمس بأعمال اليابانيين ذلك ولنا أن نتخيّل لوحة غربيّة كالتي رسمها كاتسوشيكا هوكوساي (1790-1849) "حلم زوجة الصياد" ؛ بالإضافة الى عنوانها الذي منحها عالما تبتعد به يمكن اعتبارها أقصى حدّ في نوعها وأقصى ما يمكن للفكرة من غرابة أو إثارة للإشمئزاز وطرقا للإيروتيك أن تكون في إطار عمل فنّي. بذل الرسام فيه جهودا في جعلها أكثر قبولا بكونها مضحكة، منفرة إلى حدّ الاستغراب والضحك أو شيء من ذلك؛ لو رسمت بريشة غربيّة رصينة لتبادر للأذهان أنها ليست إلا أفكار تعبر عن رغبات الفنان نفسه. في الإطار الياباني يسهل افتراض أنها ليست فكرة مبنيّة على رغبة الرسام بل فكرة طرحت لا أكثر مبنيّة على أفكار تدور حولها لا عليها. 

 







 أكثر ما يميّز تاكاشي موراكامي بالإضافة الى كونه فنانا معاصرا هو أنه يظهر صورة جامعة لكل الحالات الفريدة التي صورها الفنّ الياباني. تجد عنده أشكال في غاية القبح لكنها صورت بطريقة جميلة يجعل منها عملا فنيّا في غاية الروعة؛ بالأساس يمكنك أن تشاهد ابداع اليابانيين في ذلك من خلال خيالهم في إظهار أشكال المخلوقات الفضائية بعالم الكرتون. وعلى ما يكثر بالفن من أفكار جريئة ذات ايحاءات جنسيّة أو تعابير ايروتيكيّة للفنان تعابير غريبة فيها يشبه اطارها الفكاهي ما نجده في رسومات الانمي/كرتون. وأشهر هذه الأعمال تمثال الشاب والفتاة وهم يلعبون لعبة القفز بالحبل والذي يتمّ خلقه من افرازاتهم. خلق شكل مضحك أو لمحة مضحكة تمنح الصورة مساحة لقول كلّ ما تريد بأريحيّة. وأكثر ما يصدم سلسلة الأشكال اللطيفة والجميلة في عالمه، تماثيل ورسومات مع مزجها أحيانا بأشكال بشعة أو قبيحة بعمليّة تمازج دقيقة. تظهر احساسه بالخيط الرفيع الذي يفصل القبيح والنفور والإشمئزاز بالأشكال اللطيفة والناعمة. أتذكّر حلقة من المسلسل الكرتوني (الوميض الأزرق) كان المشهد صادما عندما تحوّلت الأرانب إلى مخلوقات شريرة؛ شكل الأرانب إرتبط بدلالات كثيرة وإقحامها بصورة شريرة مثل صدمة غريبة تحفّز الذهن الى إعادة تركيب الأشكال التي يخزنها. إن اللعب على الدلالة النمطيّة لبعض الأشكال وإعادة خلطها قد يخلق شعورا يشبه الدهشة من الأعمال الفنيّة. حادة لكن بينها وبين النفور حدّا فاصلا وفي غاية الدقة والاقتراب من حدوده يحتاج الى انتباه دقيق.   

  


الأشكال المخيفة ليست جديدة في عالم الفنّ ولو أنها عند موراكامي مختلقة أكثر في حين أنها في أعمال فرانسيس بيكون (1909-1992) مشوّهة من الواقع لغاية ما، تعكس ملامسة للجانب النفسيّ للانسان الحديث. إن الجرأة في خلق إطار مقبول وفني للشكل المريع يشبه خلق إطار مقبول للتصوّرات الايروتيكية عند اليابانيين مثل تاكاشي موراكامي. 

الأربعاء، 4 نوفمبر 2020

لا نهائيّة المعاني

 


 

توصف اللغة كثيرا بأنها أصوات لها طابع اعتباطي ولكن الانسان (المجتمع) يمنح هذا الصوت دلالة ما. وحتّى ان أصرّوا على أن لا علاقة للدلالة بذلك الصوت (صوت الكلمة) فإنه من الجميل أن نفكر بأن كلمة "أم" صيغت بهذه النبرة الحميمية بحرف الميم التي تضم الشفاه لكنها أفكار سخيفة وساذجة وواهمة في نظر علماء اللغة واللسانيين بالذات. ويرون بأن الناس يفكرون بهذه الطريقة لأنهم يرون الفكرة تبدو جميلة وخلابة لكنها ليست منطقية وصحيحة. الواقع أن ما يجعل هذه الفكرة أقرب الى الحقيقة كونها جميلة، يمكن اعتبار بعض النظريات والفرضيات صحيحة كونها جميلة وخلابة؛ الفكرة تبدو صحيحة لأنها جميلة، لا يعقل للحقيقة أن تتركها فارغة. طوال التاريخ والانسان يحارب هذه الأفكار الجميلة في سبيل الحقيقة وإن كانت مُرّة واعتبرها أهم من كل شيء -كان ذلك صعبا-  بعكس انسان العصور القديمة الذي لم يكن يحمل ذلك التقدير للعلم أو لم يكن يتخيل أن للحقيقة شكل مبسط لهذا أتاح لمختلف التفسيرات وأكثرها تحليقا وجمالا بأنّ تحيك من الحقائق ما تشاء. أتخيل أنه بعد ألف عام لن يرث البشر أساطير وقصص جميلة خرافية من عصرنا بل سيقفز للخلف أكثر.


حين يكون للصوت الاعتباطي دلالة ويصبح بعدها كلام ذو معنى ماذا عن بقية الإشارات على اعتبار أن الصوت إشارة. اللون مثلا، هل هو اعتباطي؟ أعني دلالاته هل منحناها له نحن أم وجدناها باللون نفسه؟ بعضها كذلك وبعضها منحت منّا، فكان اللون بهذه الصورة إشارة اعتباطيّة لكنه لم يكن كذلك عندما عنى اللون الأزرق الهدوء والسكون، حتما هو يعني أكثر من ذلك لكن هذا أسهل مايمكننا أن نجزم به. الشعوب تمنح الدلالات: ذاكرتها وأحداثها وأشياء كثيرة من حولها قد تصل الى حدّ اعتبارها جميلة، مقدسة. ولو خرجنا عن الألوان والأصوات البشرية لوجدنا الأشياء التي تبدو إشارات يمكن أن تكون لغة ذات دلالة: الغروب، الرعد، المطر. أوكلها اعتباطيّة أوكل الدلالات الممنوحة لها جاءت اعتباطيّة؟ كأننا نخزّن فيها بيانات رقميّة وهي المعنى لنجد كل تلك الأشياء أو اللغات من حولنا ذاكرة متنقّلة.

 

هل تمنح بعض الشعوب دلالات لما حولها أكثر من غيرها؟ وهل نحن كأشخاص نمنح الدلالات؟ كل شخص يمنح وفق طريقته؟؟ وهل هنالك أشخاص أكثر من أشخاص؟ ماذا عن الحدّ الأقصى هل لذلك حدّ؟ ماذا لو أن أحدهم منح لكل شيء من محيط حياته دلالة ومعنى، لم يمنح النجوم دلالة ومعاني بل منح كلّ نجمة دلالة ومعني وحيدا وكلّ ذكرى (الذكريات إشارات كذلك) منحها دلالتها ومعانيها أيضا كيف يمكنه العيش وسط هذا الضجيج وسط هذه الغابة المكتظة من المعاني والكلمات (على شكل أشياء) التي ((لا نهاية لها)) هل يمكن حينها أن يجد لحظة صمت في حياته؟ لو وصل إلى حدّ أوصله الى ما يشبه الانتحار هذا يعني أنه استنفذ كل شيء، حتّى الصمت وهو آخر شيء يملكه الانسان وهو الرمق الأخير للسكون وهو القلب النابض لكل المعاني والذي سيظل ينبض بمعناه الذي يملكه في أعماقه حتّى يطغى بالمعنى المجازي/ الإضافي الملقى على عاتقه. الصمت هو الأساس الي نستند عليه في كل ما نمنحه من دلالات ومعاني.


إننا لا نمنح الأشياء من حولنا دلالات ومعاني بل شيء من روحنا يتمّ قطفه إن وصل الى حدّ المعنى. في مشهد يشبه "ون بيس" وكيف كان الناس يدفعون الضرائب من أرواحهم في جزيرة الـ بيغ ماما نفسها. كذلك الأشياء تطلب منك روحا لتأخذ المعنى منك. ماذا لو منح أحدهم كلّ شيء معنى ووجد نفسه خاليا تماما من أي شيء؟

لازلت أذكر حديث أحدهم الذي قال بأنه يستحيل حذف أي صورة أو أي شيء من ذاكرة "الميموري" حتّى لو حذفت فلا يمكن حذفها فيزيائيّا! كأن الحذف ليس إلا إعادة صياغة لا أكثر. كأنه ((لا نهاية لها)) مثل الفراغ تماما.


"ألا تسمع هذا الصراخ الرهيب الذي يحيط بك من كلّ جانب؟ هذا الصراخ يسمّيه البشر بالصمت"

جورج بوشنر


الثلاثاء، 27 أكتوبر 2020

لا أحد يحكي عن ليلة البارحة

 



استيقظ ورأسه مُثقل بحمل لا يعرفه. شعر بأنه مدين لاستعداده بالليلة السابقة، حيث قام بتجهيز ملابسه اللازمة لخروجه إلى عمله. لهذا لم يكن عليه إلا أن يسلك دربه باتجاه الباب خارجا وكلّ شيء في طريقه. 


شعر بالفزع قليلا، حال رؤيته وجه جاره. ولا يعلم مالسبب. حتّى جاره بدت من ملامحه عصفة ذهنيّة ارتطمت بسكونه من الداخل. بالكاد أظهرت أثرها لكن ** انتبه إليها لأنّ شعورا مصاحبا ساعده على ذلك. 

"صباح الخير" يحيي جاره الذي يجيب " أهلا صباح الخير" وبعد سكوت طويل وعلى غير العادة راد جاره حديثه وسأله " كيف كانت ليلتك؟" تنفّس بصوت واضح قليلا قبل أن يردّ "بصراحة كانت صعبة قليلا .. لا أدري لكنّها عدّت" " هذا حسن حسن بالفعل" أجاب جاره وكأنه يتحدث عن شيء مرّ بهم معا. 

افترقا عبر الطريق وشعر كلّ شخص بأنّ كل أحد يخبئ أمرا عن الآخر.

 

بالطريق أحس ** برعشة خوف لا يفهمها، أصبح غير راغب على إكمال طريقه للعمل. شعر بأن عليه أن يقدم على شيء قبل ذلك. أو أن ذلك الحمل الذي يثقل رأسه بدأ يتّضح أكثر ولكن بدرجة لا يزال معها في حاجة إلى التفكير طويلا بمفردة ليتضح أكثر.

 

ذهب إلى مقهى يحبّ كثيرا ترتيب أثاثه ومستوى فخامته الذي يميل الى تقديم أكثر مما يؤدي الغرض، كأن يكون مريحا ويدعو للتأمّل. جلس على مقعد جلديّ قرب الزجاج الخارجي. كان يحب المشاهد المنعكسة من خلاله. ويشعر أن قربه من الزجاج يمنحه القدرة على الهرب خارجا اذا لزم الأمر ولو بنظراته. التواجد في العمق يخنقه. شعر بأن الرعشة تزداد سوءا. المقعد بارد حتى بعد مدة من جلوسه، لم ظلّ باردا كأن لا أحد يجلس عليه. بدأت قبضته ترتعش، شعر برغبته أن يلكم شيئا لكنه أطفأ هذه الرغبة مع كوب القهوة التي حضرت ساخنة لتنقذ الموقف. تنهّد على وجه الكوب قبل أن يشرب. إن عادة النفث في الكوب باتت عادة لتسلية وليست غرضا بالنسبة له. لم يكن بالمقهى إلا القلة، عادة أناس مستعدون لأخذ طلباتهم ليكملوا طريقهم وآخرون لم يجدوا لوقت فراغهم إلا هذا المكان. وكان أحد الجيران جالسا بمكان بعيد نسبيّا عنه. 

 

     شعر بأن بالأمر شيئا. كلّهم أتوا وقطعوا طريقهم الى عملهم بصورة استثنائية وجلسوا في هذا الوقت بالمقهى على غير عادتهم. شيء ما دفعهم للاستراحة قليلا. 

 

لا يتذكّر أي شيء عن ليلة البارحة. بدأ جسده يخبره، كأن جسده أفاق لتوّه. كل ذلك السيل من الشعور والأحاسيس بدأت تندفع الى دماغه عبر مجرى الدماء التي باتت - كما يشعر أيضا فوق ذلك- بأنها مزدحمة بآثار ليلة البارحة. خدش بسيط، سريره أملس بكل جوانبه. كدمة بسيطة بساعده، وخدش داخل لثته للتو شعر به، وأشياء كثيرة بعضها يُرى وبعضها يشعر بها. لكنه شعر جيّدا بنقاطها من خلال السيل المندفع منها الى دماغه.

استيقظ ضميره! الشعور بالذنب حالة تشبه الندم لكنها تختلف لأن بها نقطة وجود في العين تشدّ كلّ تقاسيم الوجه اليها استعدادا للدموع بعكس الندم الذي تكاد تشعر بلمساته في أصابعك وقبضتك وحنجرتك. كان ** يشعر بذنب لا يعلمه. 

 

لم يدري ** لم شعر بأنه بهذه الأفكار يستجوب جسده بحثا عن الإجابة وكأنه يائس من عصر ذاكرة عن ليلة البارحة.

 

الشعور بالذنب بات يتدفق أكثر، والخوف يرافق هذا الشعور وبدأ يرتعش أكثر ويتلفّت كثيرا؛ شعر بأنه بحاجة الى تحريك عنقه ليدخل الهواء الى رئته. كأنه بدأ يختنق. قام بثني رأسه للأسفل جاعلا من بقايا حرارة الكوب تلامس وجهه بهدوء. ذلك الـ ما تبقّى من حرارة كوبه كان الشيء الوحيد القادر على لمسه. لأن الكرسي ظلّ باردا كأنه مبلل بالبرد. الآن بدأ يشعر بغضب كل من حوله، ذلك الغضب الذي لم يأتي بعد. هل تذكّر ** كلّ شيء قبل الجميع؟ وبعد برهة بدأ الشعور بغضبهم يخف أكثر. شعر بأن حمل ذلك الغضب لن يكن على عاتقه وحده. 

" فقط لو تذكّر الجميع لكنّا سواسية ولكن ماذا لو بقي الجميع لا يتذكّرون إلا ما فعلت أن ليلة البارحة" بدأ يتمتم كأنه يخاف مما قد يتذكّره 

 

الساعة تشير إلى أنه لا زال هناك متسعا من الوقت. فهو مدين الى تجهيزات ما قبل النوم لأن رحلة البحث عن لبس ملائم تستغرق منه بعد الاستيقاظ أضعاف ما يحتاجه من وقت قبل نومه. فهو إذا خرج بالهيئة التي رسمت بالأمس. ولأنه صاحب مزاج يسهل اضطرابه يمكنك أن ترى هيئته من الداخل وفق اختياراته؛ شخص يسهل الاطلاع على الإشارات التي تتركها اختياراته وإن بقيت معانيها غامضة. 

 

ومع عودة الشعور بالذنب عاد الخوف أكثر شعر بأنّ أحشاؤه تتحرك. وأن نظرات الجميع انتبهت الى ذلك. حاول رؤية جاره واسترق النظر اليه، بدا مثله يعيش حالة مماثلة. " مالذي فعلناه ليلة البارحة؟" عاد يسأل نفسه. 

 

حشد من أحشائه يحاول الخروج اندفاعا للأعلى. يشعر بألم يضغط رئته على ثنية من ضلعة. "هذا ليس وهما الأحلام لن تحرك جسدي الى هذا الحدّ" بدأ يسأل نفسه عن مافعله لم يكن حلما. وضع رأسه المنحني قليلا بين يديه جامعا أطراف شعره بقبضة يده. وكأنّ لا شيء سيوقفه إلا صوت انتزاع شعرات رأسه من جذورها. لم يخفّف قوة الشدّ بيده؛ شعر بأنّ الصداع بدأ ينساب من خلال مسامات جلد رأسه التي اتسعت قليلا وهو يشدّ شعره بقوّة. 

 

أرخى يده، بدأ شعره يتنفس. وبدأت عينه تدمع. جاره رحل. لم يكن سبب وجوده وقلقه إلا شيئا عابرا. كما بدا من طريقة خروجه. شعر فجأة بوحدة موحشة عندما خرج جاره وأدرك أنه لا علاقة لجاره بما حدث ليلة البارحة. 

 

الشعور بالوحدة كان حادّا كأن كل شيء إلقي عليه فجأة. بدأ وجهه يؤلمه جرّاء اندفاع الدماء الى وجهه. وعينه تؤلمه، خاصة مخارج الدمع. كلّ شيء يندفع للخارج في محاولة للخروج منه، من المأزق وكأنه كان المأزق الذي وقعت فيه أعضاؤه، كما شعر بأنه مأزق لكلّ أحد حوله. 

 

شعور مرير بالذنب. وبعد أن كسر حاجز عزلته انتباه الناس إليه بعد أن ألصق وجهه بفوّهة الكوب أكثر بوضع سدعو للاستغراب. كان يريد من بخار قهوته أن تحاول تهدئة وجهه. 

 

   اعتدل ورفع رأسه وبدأ يتنهد. وأدرك أن من حوله بنظراتهم انتبهوا إليه سأله النادل مع انحناءة مهذبة إليه " هل تحتاج شيئا سيدي أكل شيء على ما يرام؟" أجاب بعد أن تنفس بوضوح وشعر أن مجرى الهواء في داخله بارد بطريقة منعشة بأنه "بخير.. بخير حتما" كان يشعر برغبة بالبكاء كأنه للتوّ خرج من النفق العميق في داخله بمساعدتهم. 

خرج وأكمل طريقه هربا من ليلة البارحة التي اعتادت العودة إليه بعد كل ليلة ككل ليلة بارحة 

 

       


 

الخميس، 15 أكتوبر 2020

هربا من الأوراق الثبوتية

 





أصبح شابا يعرفه الجميع لكن لا أثر له في الأوراق الرسمية. كانت يسمع في صغره دائما من والده أن الاجراءات الحكومية شاقة ومتعبة وكان يرى تقاسيم وجهه في كلّ مرّة وهو يكفهرّ عندما يُسأل عن السبب الذي دعاه للتأخير بتسجيل ابنه منذ ولادته والتي كانت سببا بوفاة والدته. يعيشون في بلدة صغيرة لكنها قريبة من أذهان الدوائر الحكومية جيّدا. كان حديثه وأعذاره تشبه كرة الثلج التي كانت تتكبر وتتعاظم مع السنين. أدرك الابن أن كرة الثلج هذه ستبتلعه ولن يكون قادرا على فعل أي شيء إلا الهرب والهرب من الإجراءات الحكومية والتي بات يراها مطاردة خفيّة تتبعه أينما حلّ.


أصبح دون أن يدري أجنبيّا أو متسلّلا أو خارجا عن القانون، أو أي صفة تستدعي القلق من البزّات الرسمية. لا أحد يدري كيف استطاع الشاب ** تدبّر أموره والعيش على هذا المنوال خارج أسوار القانون أكثر من عشرين عام. حتّى عندما مات أبوه ودفن شعر بأنّه داخل نطاق صغير هي حدود معارفه لا يستطيع تجاوزه وكأنه لا يستطيع الابتعاد أكثر من بضعة أمتار عن أقرب شخص يعرفه جيّدا، يمثّل هوية له. أحس بالغرابة. شعر كليّا أنه غير موجود بالنسبة للأشخاص القابعين خارج دائرة معارفه. مالذي دفع والده لعدم تسجيله؟ لاشكّ أن أمرا خطيرا منعه من ذلك. فقد اعتاد رؤية جبين والده يتصبّب عرقا عند سؤاله عن السبب وراء إهمال تسجيله وكيف كان يدافع عن نفسه بأنّه لم يستطع ولم يجد الوقت الكافي لذلك. كان يفكّر بأنّ شيئا مهمّا منعه عن ذلك. 

 

أصبح ** ماهرا في الاختباء عن القانون وأعين الأوراق الحكوميّة وإجراءاتها وتكيّف كليّا مع الحياة بمراوغة كلّ ذلك. تلقّى تعليما مبدئيا في بلدته الجبلية وجل اثباتاته وعود والده ومعارفه لهذا كان تعليمه متواضعا. ولكنه عمل في أكثر المجالات الحرّة ، تنقل كثيرا بالأنشطة، زملاء والده كانوا يساعدونه ويملكون محلات تبيع مختلف المستلزمات والأنشطة وكان بارعا في كلّ شيء طالما وجدت التعليمات. حقيقة أن هذا هو أقصى مدى يمكن عمله جعله يتقن كل تلك الأعمال. وأن يصنع لنفسه إسما محببا لدى الجميع.

 

استطاع كسب رزقه ولكنّه يكبر أكثر مما ينبغي. لم يصدق أحد حقيقة عدم امتلاكه أوراقا ثبوتيّة؛ كان ذلك كافيا لإقناع أي مسؤول أو موظف حكومي بأنّ لديه أوراقا ثبوتيّة بالفعل. وعوضا عن الإصرار بطلبها كانوا يمرّرونه وكأنهم يلمسون وجودها بنفيه اللامعقول بوجودها ويتركونه بسلام. 

 

جيرانه وأصحاب والده وأصحابه يدركون أنه يعيش هاربا بهذه الصوة. وأن مسألة الأوراق الثبوتيّة مسألة تافهة يمكن حلّها مقارنة بما هو عليه من هروب، وأنها ستكون موضوعا مثيرا يتسلّى به الموظفون الحكوميون كثيرا. وحتما سيساعدونه تعاطفا معه. لكنهم لم يشاؤوا أن يخبروه بأن والده لم يكمل الإجراءات كسلا أو تسويفا وكان من المحتمل أن يحاول أحد الأصحاب أن يشرح كيف أنه سكت كل هذه السنوات على أمر مهم كهذا. لم يكن في بالهم احتمال التأنيب اللفظي الذي لن يدوم وقعه على قلوبهم طويلا. وفضّلوا عوضا عن ذلك أن يستمرّ ** بالهرب والنجاح بذلك حماية لسكوتهم. كان يرى أنهم يعاملونه بجدّية بالغة لهذا يتخيّل أن الأمر في غاية الصعوبة ومثير للقلق. لم يعمّر طويلا فقد توفّي ** في عام ٠٨ ** جرّاء حادث مؤسف في احدى الأودية ولم يعثر عليه ولم يكن له وجود في التعداد السكاني للبلدة كأنه كان رقما زائدا أو هامشا أزيل ليحافظ الرقم على صورته العشريّة بلا شوائب. ظل موجودا حتّى مات آخر شخص يعرفه واختفى للأبد؛ لأن أحدا لم يصدّق وجود شخص عاش في هذا الزمن وهذه البلدة دون أن يدوّن اسمه في أي ورقة رسميّة، آخر فرصة له كانت بوفاته داخل البلدة لكنه استمرّ بالهروب -حتّى بعد مماته- من تلك الأوراق. 

الجمعة، 25 سبتمبر 2020

-٢٨-

هل يمكن أن يبدو حزنك مضحكا؟ لا تعجز الكلمات والأحكام على تحويل ذلك في مشهد كوميديّ، يمكن للكلمات أن تقلب كلّ ذلك عليك؛ فهي لن تحصر معانيها في سبيل حزنك أنت. كانت وجيهة فكرة فاكهة السمايلي في "ون بيس" عندما يشعر أحدهم بالحزن وإن كان آكلا لهذه الفاكهة يبدأ بالضحك بدل البكاء! 

الى هذا الحدّ يمكن للحياة أن لا تفكّر بك

 

 

 "كالميرو" الذي لا أذكره قالوا بأني كنت أحبه في طفولتي كثيرا. فرخ صغير وعلى رأسه بقايا من قشرة البيضة التي خرج منها. المشهد يبدو مضحكا ولكني عندما أتذكّر "كالميرو"، الذي لا أحب مشاهدته على كلّ حال أضحك كثيرا أتخيّل أنه طيّب وعلى سليقته لا يختلف عن ماكان عليه بطفولته داخل بيضة؛ لا زال محتفظا بتلك القشرة على رأسه، لا شكّ أنه إذا محتفظ بأكثر منها في داخله، طفولته، عفويّته -قبل تلويث الحياة والمواقف له- احتفظ بكل ذلك رغما عن شكله المضحك فيها. لكن عندما أيضا أفكر بطريقة أخرى أحزن كثيرا كثيرا، فهو بالنهاية سيعيش طول عمره داخل البيضة التي لم يخرج منها بشكل كامل. سيظل حبيسا طوال حياته. هل سيموت قبل أن يلد؟! أو أن هذا يعني أنه عندما يموت سيدفن داخل بيضته التي ستفقس من جديد؟! لا أدري يمكن للكلمات أن تحدث كلّ شيء. لا عجب إن كانوا يقولون "ابراكادابرا" في عالم الكرتون والخرافات حتّى يتحوّل كلّ شيء بفعل سحر ما، سحر الكلمة أو لا أدري هل الحياة قائمة على كلمة ما؟ هل مشاعرنا والتي يمكن أن يختلف تشكيلها بفعل كلمة وإن كانت تكذب؟ هل مشاعرنا تشبه مكعبات التركيب التي يلعبها الأطفال؟ مشاعرنا لأنّها هي التي تقرّر بالنهاية مالذي تعنيه هذه الحياة. 

 

 

كل لون أحمر أحبه يمكن أن أكرهه بعد أن يقول لي أحدهم بأنّ هذا لون دم مسفوح، الشكل والبريق ودرجة اللون لا شيء تغيّر إلا معنى من كلمة قيلت، ربّما كانت تكذب. 

 

 

مالذي أبعدني عن "كالميرو" وأنا أتحدّث؟ 

على كلّ حال تذكّرت كالميرو الذي يمكنني أن أعيد تشكيل نفسي فيه مرارا وتكرارا وتذكّرت أني مثله لم أخرج من نفسي يكفي أن أقصى احتجاج قمت هو عدم الاستيقاظ باكرا كما اعتادوا عليّ.

 

 

  

الأربعاء، 9 سبتمبر 2020

الشكل الفني للفراغ

 





ملء الغرف بالأثاث والزوايا وبتعبير آخر ملء الفراغ، هل يمكن أن نقول بصورة أخرى أنه رسم على فراغ أو نحته لإعطائه شكلا؟

عند دخولك أي غرفة أو مكان مغلق بطبيعة الحال مليئة بالأثاث والزوايا وهي بالمجمل تشكّل شكلا لها وللفراغ بالنهاية يمكن تقييم مدى جمال المواد أكثر وبصورة أقل الفراغ (الذي يسبح فوق الأسطح بتعرجاتها) فوق وعلى جنبات الزوايا وقطع الأثاث ويأخذ شكلا بالنهاية. لو غمرنا المكان بالماء ثم جمدناه وأزلنا قالب الثلج الناتج، سيكون له شكلا وهو انعكاس ماهو موجود من مواد وزوايا وقطع. بكلّ الأحوال المصمم لم يصمم ذلك القالب  وماهو إلا انعكاس لما قام بتصميمه. 

السؤال: شكل الفراغ هذا، هل نحن نشعر أو نعلم أو نرى شكل الفراغ في باطننا دون أن ندرك؟ هل يحدث ذلك من دون وعي ويكون له أثر بالغ على ارتياحنا في المكان نفسه؟

 

 

Ando Fuchs

كيف يمكننا أن نفهم بأننا نشعر بهذا الشكل من الفراغ دون وعي؟ 

(سقف الغرف) لو نسخنا غرفتين وجعلنا احداهما ذات سقف منخفض والأخرى ذات سقف عالي. سيحدث ذلك تغييرا كبيرا، يشبه الاختلاف بين شكل "المستطيل" و "المربع". رغم أن مساحة الغرفة لم تختلف ولا توزيع القطع والمواد، لكن الغرفة اختلفت كثيرا، وأثرها على الشخص أيضا. كلّ هذا أحدثه تغيير شكل الفراغ، وبصورة أدق كتلة الفراغ. ولو أدخلنا على السقف تعديلات شكليّة غير زخرفيّة وغير التحكّم بالطول الذي يتضح تأثيره بسهولة، بل تعديلات مثل انحناء زوايا السقف بطريقة معيّنة "ربع دائرة مثلا" بدلا من الزوايا المكسورة ٩٠ْ هل سيحدث ذلك فرقا؟ وهل الفرق سينجم عن شكل زاوية السقف المنحنية بدلا من الزاوية المكسورة الفرق بالشكل أكثر أم بالفراغ؟ يمكننا أن نقول بأنّ زوايا الأسقف تحدث فرقا بالفعل وعلى افتراض ذلك لماذا نجزم بتأثير الفراغ الناجم من زوايا الأسقف ولا نجزم بالفراغ الناجم من أسطح المواد والأثاث نفسه؟ ولو أجزمنا بتأثيرها نعود ونقول: هل ذلك ناجم من الشكل أم من الشكل الناتج بالفراغ؟  وعندما نقول مكان مريح، أثاث مريح، هل يعني ذلك أنه جميل؟ إذا كيف يكون العمل الفنّي مريحا -على اعتبار أن التصميم الداخلي عمل فنّي كذلك- هل نقول ذلك عند اعتباره عملا جميلا؟ بالنسبة للمكان والقطع، هل نقول مكان مريح بفضل الكرسيّ المريح فيه وباقي أدوات الراحة، أبفضلها نقول عن المكان مريح؟ أم لأسباب تتعدّى ذلك؟

 

 

ولو جزمنا بأن التصميم الداخلي عمل فنّي، هل ينجم ذلك أن نجد ما يتوافق بالمعنى مع كلمة "مريح" لوصف جمال عمل فني آخر؟ هل من مقاييس جمال العمل الفنّي أن يكون مريحا؟ لعل علينا أن نعود إلى معنى كلمة "مريح" باختلاف لغاتنا ان كنّا نؤمن بدقة إطلاقاتنا وتعابيرنا العفوية وكيف أنها عميقة إلى حدّ أن المفردة المختارة تحيط بالمدلول بكافة مرادفاتها (معانيها المعجمية) هل ماهو مريح بالفن (التصميم الداخلي) له رديف بالأعمال الفنية الأخرى مثل الرسم والنحت وغيره؟

 

 
Jesus Perea

 

 

في سبيل محاولتنا معرفة قيمة الفراغ، من خلال توزيع المواد والزوايا علينا أن نتذكّر أن ذلك سيعتمد على "ثلاثة أبعاد" في حين الرسم مثلا يعتمد على "بعدين" لكن البعد الثالث بالرسم يتمثّل بالخلفية وتخلقه الأشكال والألوان. الموناليزا المزيّفة، تختلف عن الأصلية في أوضح صورها من خلال الخلفيّة، (كتلة الفراغ ذهنيّا) والتي يمكن افتراضها وفق الألوان والأشكال. البورتريهات تختلف كثيرا وفق لون الخلفيّات وحدها، بعضها قد تخنق الوجه والشخص المرسوم وتغرقه، تمنحه مساحة شاسعة، وكما عبّر شبنغلر بكتابه ((تدهور الحضارة الغربيّة)) عن عمق "البني السرمديّ" وأشار إلى عظمة اكتشاف هذا اللون بالبورتريهات وكيف أنه يمنح الشخصيّة المرسومة بعدا وعمقا وأنت تتأمّلها، كأنك تتأمل عمر الشخص نفسه. يعني أن اللون وتدرجاته سيتحكم ويغيّر كثيرا بكتلة الفراغ المفترضة بالأذهان. 

 

أيضا الشكل (شكل الشخص وهيئته وكتلته الأمامية) والانحناءات الناجمة عن ذلك صانعة حدودا للخلفيّة. كيف يؤثر على شكل الفراغ باللوحات؟ 



عائلة رولين، رسم فان غوخ


يتضح ذلك كثيرا في لوحات فان غوخ بالذات، خصوصا رسمه لعائلة ساعي البريد رولين والدكتور جاشية. الخطوط فيها أنيقة وليّنة وفي غاية اللطف تمنحك شعورا مريحا تشبه نوعا ما الخطوط الأنيقة والميلان في الرسومات اليابانيّة.حدود الفراغ خلف لوحات فان غوخ لطيفة. 

 

 

ولو قلنا بأن الفراغ الناجم بالنهاية شكل. وقبل ذلك لنعد للشعور المريح أو الإحساس المريح، هل لهذا الشعور أو الإحساس وزن أم شكل؟ هل له شكل (كتلة) أكثر مما له وزنا؟ وهل لهيئة الفراغ شكله (وإن كان غير مرئي بل شكل ذهنيّ) وزن وثقل نشعر به في قلوبنا (مثل أن نقول شعور ثقيل) ؟ لديّ شعور بأنّ شكل الفراغ له أثر على هذا الشعور بالراحة وفي حكمنا على المكان. كأن نقول بكلّ بساطة عن شيء بأننا لا نرتاح له -وفق شكله-. هذا الشكل الذي نشعر به ونراه دون وعي أكثر مما نراه مباشرة ويؤثر في شعورنا نحو المكان. 

على كل حال وكما يصعب حكر الجمال بقاعدة أو نظام ثابت؛ بالإضافة الى تخبّط الأذواق واختلافها وتباينها توجد أمور أخرى غير مفهومة تجعلنا لا نفهم على وجه الدقة متى يكون الشيء جميلا أو لا كعمل فنّي لكن الأمر أقل ابهاما مع البشر والكائنات.

 

دائما ما أتخيل أن أثاثا مليئا بالنتوءات البارزة والطويلة بنهايات "شعيرية" -أو نهايات كنهايات أسطح كنيسة السيجرادا فاميليا- قد يخلق فراغا منفّر الشكل، يشبه بأطرافه الكائنات المجهريّة. مما يجعل المكان غير مريح. أتساءل إن كان ذلك ناجم من أطراف الأثاث نفسه أم الفراغ؟ 

 

 

الى هنا نحن نعرف بأن للفراغ شكل مؤثر لكن ليس له لون يرسم حدوده بدقّه. فراغ مجوّف، فكيف يمكننا الحكم على أثره وهو لايملك لونا وإن خمّنا بأن له هالة نشعر بها وبحدودها ما يجعل له شكلا تقريبيا يتشكل بالنهاية في أذهاننا، هذا الشكل "الهولوجرامي" الذي نجد أنفسنا -دون أن نشعر- أمامه وحتّى ونحن في داخل عمقه لا يخرج عن أذهاننا وجوده. إن ما يساعدنا على تشكيل الفراغ هو اللون والضوء. فهو يرسم حدوده بالزوايا والمساحات والأسطح والمواد. لهذا يمكننا أن نتخيّل أكثر بأنّ التصميم الداخلي عمل صعب. لا نستطيع القول بأن التصميم الداخلي والأماكن -بما فيها الطبيعيّة- تصمّم شكل هذا الفراغ بالأساس. بل هو نتيجة وانعكاس وإن كان جميلا ومريحا كان انعكاسا لما هو أجمل بالواقع. شيء جميل في نفسه وأثره (انعكاسه) 

 

 

رينيه ماغريت

بالنهاية لنقس على الأشخاص في معرفة عمق الحكم وفق الفراغ وشكله. نحن نعلم لأي درجة بأننا لا نحكم على وجودهم بالأساس دون أن نحكم وبصورة أعمق على غيابهم وما يحدثه هذا الغياب -ولو فرضا- من فراغ. بل إننا وبلا وعي نراهم من خلال ذلك الفراغ الذي يمكن افتراضه 



     



السبت، 5 سبتمبر 2020

-٢٧-

 ٤ ساعات غير كافية من النوم هذا كل ما أحتاجه لقضاء يوم سيّءوالوقوف في وجه أحزاني لم أعد قادرا على التغلب عليها؛ كل فكرة موبوءة بما يشعرني بالحزنمزعج ادراك أن ما ينهكنا ليست الا أحزان كان يمكن طردها خارجا من تفكيرنا لكنها مهارة لا تنمو مع الوقت غالبا أو أنها أنهكتهل يمكن ان أخبرك بكل شيء في يوم ما؟ لماذا أشعر بأن ما أود قوله ليس الا جزء منّي ولا استطيع فصله جسديا الا بانتزاعه بكل ألمهل ستتقبلني بشكلي الجديد وقد انتزع جزء منّي؟ لا أبحث عن شيء من ذلك، لطالما حرصت على قطع ساعات نوميللنهوض بحثا عن شيء لا أعرفه، ولم يكن يعنيني أن اعرف ذلك، كان يكفيني أن أبحث عن شيء، أن أبحث ليس إلا، وكان لذلك معنى كافي بالنسبة لي.

الأربعاء، 2 سبتمبر 2020

الحياة تضيق داخل جلده

 



"مالذي ينقص هذا الكرسيّ حتّى يكون مريحا؟" 

لطالما تساءل عن عدم اكتمال أي شيء جيّد من أجله. قام بغسل وجهه ليشم رائحة الماء، وبدأ يجفّف الماء من وجهه ليشعر بلذعات الهواء أكثر على جلده، والذي يزعجه الشعور بأنه يتصبّب عرقا من الداخل. 

 

"كلّ شيء جيّد لهذا اليوم؛ لم أضطر للقيام بأي عمل جديد بالنسبة لي. إعتدتّ إلى الآن على أداء هذا القسط المريح من الأداء مع الناس" قال ذلك رغم أنه يبقيه بعيدا عنهم. 

 

"لديك زيارة للسيّد # " فاتحه مدير عمله بذلك قبل أن يرحّب به بشاشة. 

"هل سأحتاج لبذل مجهود أكبر على ملامح وجهي؟ جلدي ملتصق بشدّة وتحتاج رسم التعابير إلى عضلات أقوى. بالأمس أدّيت جيّدا لكنّي أنهكت عضلات وجهي في رسم ابتسامات لم تكن ظرورية" قالها مستعطفا مديره.

 

"ستعتاد على المقدار الأدنى من هذه الابتسامات مع الوقت" قالها بعد أن رسم له ابتسامة موزونة وأردف قائلا "ليس عليك على كل حال أن تحرّك وجهك كثيرا، السيّد # بالكاد يرى جيّدا"

 

اطمأن صاحبنا * لذلك قائلا "هذا يعني أن أتكلّم بنبرة ألطف أو أرسم بها عوضا عن تجاعيد وجهي ابتسامة مسموعة"

 

ردّ عليه المدير بكلّ رضى "كدت تتقن كلّ شيء، لم يبقى عليك إلا القليل يا * "

 

أمام المرآة، بدأ بتحسين هندامه ويتأكد أن يظهر بالمرآة بالشكل اللائق، ليبدأ عمليّة تجميد هيئته بأحسن هيئة ممكنة، ويحملها كما هي إلى عمله للسيّد # . شعر بانزعاج طفيف، الجلد مشدود على جبينه أكثر وهو يخشى أن يتقرّح. 

"ليتهم قالوا لي بأن مرهم الوجه أهم بكثير من أشياء أخبروني بأهميّتها" قالها متأففا. 

 

أثناء مشيه خارجا للسيّد # لم يخفى على أحد بأنه كان يواصل وضع اللمسات الأخيرة على هندامه. رغم وضعيّة الجمود التي غطس بها غامرا تفكيره. لم تكن تلك اللمسات التي لا تحدث فرقا في حالة الجمود أن تنتهي إلا لحظة دخوله على السيّد ( .. )

 

يقفز الى الرصيف و يشعر بأنه تجاوز شيئا أكثر من البضعة سنتمترات التي تجاوزها بالفعل لامتطاء الرصيف. بدأ يتخيّل نفسه وهو يجري أمام الملأ ويقفز بين فترة وأخرى. هل سينال ذلك الشعور، الشعور بأنه تجاوز شيئا لا يعرفه ويستمر بالقفز أكثر؟

" في اليوم الذي أودع فيه هذا العمل المقيت، سأقفز خارجا منه" 

 

لم يضطر لإظهار مالم يعتد عليه مع السيّد ( .. ). كلّ شيء سار بهدوء. عدا أن شعورا عاصفا كان يعصف في داخله. حاول التماسك أكثر. فهو لا يريد تمزيق هيئته التي باتت تخنقه أكثر ويحاول طرد فكرة تمزيق كلّ شيء والقفز خارجا من كلّ ذلك. 

 

شعر بأنه يرتدي شيئا أجبر عليه على غير رغبته وطبيعته التي قاسى منها ومن أجلها. ( ذلك يشبه ارتداء ملابس شتويّة في صيف قائظ وتحمّل درجات الحرارة العالية وإشادة الأشخاص البليدة والتي ترفع درجة حرارة جسده المحرج أكثر) 

 

وبعد أن وصل إلى غرفته الوحيدة أخيرا وتكرار قول "كلّ شيء جيد لهذا اليوم .. " وبكل حذر وهو يراقب إن كانت غرفته خالية تماما وبعد إغلاق الستائر بحذر كي لا يراه أحد على حقيقته والظهور عاريا بها. وبصعوبة قام بنزع جلده المزعج وأطلق جسده تنهيدة قويّة بحجم الإختناق لهذا اليوم. 

 

 

 



الثلاثاء، 18 أغسطس 2020

-٢٦-

 لم أنم جيّدا ولا رغبة لي في النوم. لم أعد أشعر بدماغي. لازلت أفكّر بشكل جيّد ولو أني أشعر بأنّ دماغي متوقّف عن العمل؛ لم يعد يفرز العديد من الافرازات التي تزن شعوري وسلوكي، شعرت بذلك لهذا شعرت بحاجتي لشرب الماء كثيرا.لست أدري بعد هذه الفكرة الغريبة، هل أنا أفكّر بشكل جيّد؟

أشعر بالقلق، لا شيء يقلقني. أشعر بالغضب، لا شيء يغضبني. أشعر باليأس ولا شيء يدعو لليأس، على الأقل بالنسبة لمن يعيشون حولي. كل شيء على ما يرام وأكثر. كل شيء كما يتمنّاه الجميع.

بالعادة أتعافى بالحديث عن ما أحب. ليس لدي الآن ما أقوله عن ما أحب وهذا يخنقني. 

 الآن أكتب بقلم سائل، ذو خطّ عريض. لطالما أحببت مثل هذه الأقلام، الأقلام الدقيقة قادرة على فضح أبسط ارتعاشة في يدي. الأقلام العريضة تحافظ على تماسك خطّي. خطّي ليس جيّدا لهذا اليوم بل أني لا أكمل رسم كل الحروف واكتفي بخدش بسيط يدل على الحرف الذي أردت كتابته. 

 عزيزي القارئ، كعادتي لم أقل أي شيء حتّى الآن. كل مافعلته هو أنني أخذتك بعيدا عدة أسطر بالأسفل. الجميع بالأعلى على ما يبدو، غادروا بعد بضعة أسطر أو من أول سطر. أعترف بأن ذلك يشعرني بأني قادر على قول ما أريد يا عزيزي الوحيد علي انفراد، ولو أن هذا ليس كافيا لجعلي أقول كلّ ما أريد. أقول لك من كل قلبي بأني ممتن لبقائك معي كل هذه المدة. 

يكفي وصولك، ويكفي أنك ترى هذا المكان، مكاني السرّي الذي أختبئ به بعيدا عن الجميع. 

لا شيء أستطيع قوله ولو أن هذا السكوت يخنقني. يكفي أن تكون معي في لحظة كان يمكن أن أقول لك مالم أستطع قوله. ليتك تخبرني، مالذي رأيته في عيني وأنا أكاد في هذه اللحظة أن أقول لك كلّ شيء. 


الجمعة، 7 أغسطس 2020

الأطباق الطائرة لم تعد تظهر

 
 
 
 
"الأطباق الطائرة لم تعد تظهر لأن الناس لم تعد تؤمن بوجودها" قالها صاحبي وكأنه يحدّث نفسه، بدا كلامه وكأنه كان نتيجة تفكير طويل من الأعماق.

"ولكن هل تذكر تلك البرامج التي كانت تلمؤ التلفزيون؟" بهذا أجابه شخص معه ولم أعرفه وبدا أنه كان يتحدث معه من مدّة طويلة.


"بالفعل الناس كانوا يشاهدون كلّ ذلك، كل من كان يؤمن بها شاهدها فعلا حتّى من لم يكن يؤمن بها تفاجأ بها كثيرامرة" وبعد توقّف لبرهة أكمل صاحبي "لم يكن الخوف وحده من فعل ذلك، ببساطة الناس كانوا يؤمنون بها، وكانوا يتخيّلون كلّ شيء حولها. أشكالها الدائريّة وبريقها في السماء، حتّى ذلك السلّم الضوئي الذي تنزل منه تلك المخلوقات تخيّلوها كثيرا، لكنها مخلوقات مشوهه بناها الخوف أكثر من أي شيء. الأطباق بنيت بخيال حالم لهذا كان انجذاب الطبيعة لها أقرب".


"لماذا غادرت تلك الأطباق؟" سأل صاحبه.


يجيبه صاحبي "لم تعد موجودة".


"لماذا لم تعد كذلك؟" يعيد صاحبه السؤال.


 " لم تكن موجودة إلا لأنّ الناس آمنوا بها وتخيّلوها. كان الخيال جامحا، وكافيا ليزاحم الطبيعة في وجودها لهذا وجدت"
أجابه ملتفتا اليه وكأنّه استغرب من جهله معتقدا بأنه يعرف الاجابة مسبقا


"لا يمكن للناس خلق شيء بخيالهم" علق صاحبه متهكما


"يمكنهم لو تخيّلوا بملء أعماقهم، الطبيعة تنتبه كثيرا لتحديق البشر وترقبه بحذر أو لا أدري لكنها تترقّب" وكأن صاحبي انتظر كلمات تحفّزه للمضيّ أكثر


فيسأله صاحبه "هل الطبيعة تخشى البشر؟ أم أنها تلبّي رغبات البشر؟"


فيجيب " لا، اطلاقا لكن الطبيعة صدّقت وجود تلك الأطباق ببساطة" قالها وكأنه يريد أن يغيض صاحبه بقوله "ببساطة"


" هل كانت الطبيعة تبحث في السماء مثلنا؟ هل كانت تترقّب قدومهم؟" ويضيف صاحبه " هل كانت الطبيعة تصدّقنا؟"


كعادته وكأنه يتخذ من طفولته مرجعا لتفسير كلّ شيء في الكون قال صاحبي " أذكر ذلك اليوم جيّدا الذي وبّخني الجميع فيه. قالوا بأني كنت أنا من كسرت تلك الأنوار بالكرة، كان الجميع يحدّق بي لدرجة أنهم كانوا يقذفون بتلك الكرة على وجهي في كلّ نظرة. حاولت الانكار، حاولت أن أبرّر مافعلته، لا أدري مالذي غاص فيني وجعلني أنا من كسرت تلك الأنوار واتّسقت بالكامل مع ما حدث في خيالهم. كان خيالهم أقوى من الحقيقة. لم يكن بمقدوري تجاوز خيالهم عنّي. لا أدري كيف أشرح لك، كنت طفلا لم أستطع الصراخ في وجه أحد منهم لتمزيق خياله العالق في عينه. لهذا ، لهذا أو لا أدري لذلك تمكّنوا منّي بالكامل. ولا زلت أعيش على أني فعلت كلّ ذلك بالفعل"


"أنت لم تفعل ذلك" يردّ صاحبه وبدا ضجرا ولم يرغب بإطالة تعليقه أكثر.


"صوت انكسار تلك الأنوار عالق في أذني، شعرت بها، يكفي أني شعرت بها وهل توجد حقيقة أكثر من ذلك؟ أكثر من أني لو فعلت ذلك على حدّ فهمك ولم أشعر بذلك الصوت في أذني" بدا وكأنه صوّب كلامه بدقه في وجه صاحبه


"لو أخبرتهم بكل ماحدث وأنت بهذا العمر لصدقوك وتلاشت من أذنك تلك الأصوات" بنبرة حادة حاول صاحبه أن يؤنبه


" لن ينتهي ولن يتغيّر أي شيء سأقول لك بأنّ لا أحد سيستفيد من إقامة حجر دومنو سقط بالسابق وكان سببا في سقوط سلسلة من أحجار الدمنو والتي لازالت تسقط، مالفائدة من إقامة ذلك الحجر وحيدا؟" وكأنّه يحاول إغلاق الموضوع وإنهاؤه على طريقته قال " لهذا كما قلت لك يمكنني أن أحقّق أي شيء لو تخيّلته بعمق، لو استطعت أن أرغم الطبيعة على خيالي لحقّقت ما أحلم به من كلّ أعماقي، أكاد أبكي! الفكرة وحدها تبكيني وإن لم أستطع يوما فعلها، سأرجو من الناس الذين تخيّلوا في الماضي الأطباق الطائرة أن يتخيّلوا ما ومن حلمت به، حتما سيأتي، حتما سيتحقّق في يوم ما. سواء بخيالي أو بخيال الجميع سأحدث الكلّ عنه حتّى يأتي ذلك اليوم الذي يسقط فيه من السماء كنجمة اختارها القدر من بين الملاييييين لتسقط وتستقرّ في المكان الذي أنا فيه"


كان بريق عينيه لامعا وملفتا وكان كافيا أن يجعل أعين الناس تبرق ويرون كلّ شيء غارق في ذلك البريق من خياله. كان يمكنه أن يحلّق بهم ويريهم ما يحلم به، كان يمكنه أن يجعلهم يحلمون معه، يتخيّلون معه لكن كلّ ذلك وهذه اللحظة الناعمة بالذات والصافية كانت رقيقة لدرجة أن صوت انفتاح باب غرفته بقوّة كان كافيا لتمزيق كل هذه اللحظة بعنف وتختفي كل تلك الأصوات الحالمة مدهوسة من وقع صوت فجّ يقول " كنا ننادي عليك تعال" 
 
تذكّر ما دار كان يشبه إقامة حجر دنمو سقط منذ مدّة وأكمل سلسلة السقوط التي لازالت تستمرّ بعيدا 







الخميس، 6 أغسطس 2020

-٢٥-

في ذلك اليوم كنا في قاعة النشاط -أعتقد الثقافي بهذه الأسماء تسمّى مثل هذه القاعات- لم يدري المعلم مالذي يفعله بنا، كلّ شيء معدّ ليكون مناسبا تماما لأي زيارة ولا أحد يريد استخدام أو تحريك أي شيء حتّى لا تفسد القاعة الديكور. قام بتشغيل المسجّل وعلى صوت أحد الدعاة أو المنشدين، لا أدري متى يمكنني إخراج أذني من هذا المكان. بعض الطلبة جلسوا على الكراس والبعض الآخر على الطاولات؛ لم يكن العدد يكفي وكانت الطاولات شيئا جديدا لذلك اليوم. الوقت لا يتحرّك كان جالسا معنا في سكون. أتوق لباب الخروج رغم شمسه الحارقة. لطرد الوقت من قاعتنا حاولت أن أقرأ شيئا، لا شيء مسلّي على الإطلاق، بضع منشورات، حاولت البحث عن قصّة؛ بعض المنشورات تحمل قصص الجن والسحر شيء ممتع أكثر من كونها قصّة معبرة. وجدت واحدة وهي لداعية مشهور - لا أحب ذكر الأسماء التي سأنتقدها- كان يحكي عن فتاة تخرّجت من المرحلة الثانوية، افترضت أنها أكبر منّي بسنتين. كانت الفتاة المدلّلة لوالدها المليونير التي لا يرد لها طلبا. استمرّت غارقة في دلال والدها -كنت أشعر بالفخ الذي ينصبه الداعية لحياتها، أو لأقل أن الداعية لم يكن إلا راويا لا أكثر- بعد تخرّجها من الثانوية طلبت من والدها أن تدرس بالخارج وأنها ستذهب وحدها وأنها ستتبرج وتلبس ما تشاء -شعرت بأنّ الفتاة عدوانيّة كلمة بسبب كلمة تبرّج- رفض الأب بكلّ لين وحاول إقناعها وحاول أن يعرض عليها الدراسة في الداخل بأيّ جامعة تريد -لم تكن هنالك جامعات تذكر- لكنّها رفضت و لا أذكر التفاصيل ولكني شعرت بأنّ الفتاة بدأت "تنفلت" على والدها بهذا التعبير العامي فهمت. كانت القصة تتجه نحو نهاية معتادة في مثل تلك المنشورات لكني تعاطفت معها قليلا. بعد أن كثر الجدال انقلب والدها الطيب الذي يدلّلها الى ذلك الوالد القاسي الذي أرغمها على ما يريد ومنعها من كلّ شيء اعتادت عليه وحبسها وبعد نصيحة من أحد الدعاة -أفترض أنه صاحبنا أو صوته الذي كان يروي القصة  كخلفية صوتية لمشهد جرا تمثيله- قام بأخذها بقوّة إلى "الديرة" وهي قرية قريبة من بلدتهم -أعرف تلك البلدة- وقام بتزويجها من أحد الرجال الأكفاء والذي يرعى الأغنام ويسكن في بيت شعبيّ -تقريبا كذلك كانت التفاصيل- تخيّلت البيت ووجدته يشبه بيت عمّال شعبي في حي جدّي أمامه أرض صفراء غابرة. بعد أن رمى الرجل ابنته في أحضان زوجها أو "بعلها" وتركها عاد بعد مدّة طويلة ليزور ابنته فتفاجأ بإمرأة -الصبيّة أصبحت امرأة كأنّها عاشت السنة بسنوات ولم ينتبه الراوي لذلك- تفاجأ الأب - الراوي يصف الدهشة بأنّها دهشة رضى وسعادة- خرجت من الباب أمرأة يركض أمامها طفل ومنتفخة البطن لاستقبال والدها الذي فاته كلّ ما عاشته ولم يسأل عنها. يقول الراوي، بأنها كانت نهاية سعيدة لحكاية هذه الفتاة! شعرت بالضيق، شعرت بالقهر وشعرت بكلّ شعور مقيت يمكن الشعور به. مع اني افترضت أنها فعلا سعيدة -كنت أصدق الراوي- لكني شعرت بأنها ظلمتو لم يكن بالإمكان الإفصاح عن ذلك كان سيقال لي وبفم كريه "ماشأنك؟". مالذي يجعلنا نختزل السعادة في طوق تقليدي وضيّق كهذا؟ ألم يمل البشر من هذه السعادة وكثرة تكرارها؟ لم تكن سعادة بدت أشبه بالواجب الذي عليك أداؤه في حياتك رغما عنك. تخيّلت شكلها، تخيّلت منظرها تخيّلتها بعد أن كانت أكبر مني بسنتين وقد أصبحت أكبر مني بعشر سنوات. هل بقي شيء من حياتها؟ لا شيء تم امتصاص حياتها بالكامل وترك ما تبقّى من المجسّم جامدا يقف عند الباب.

بعد سنوات مررت بتلك البلدة في طريقي إلى مدينة بعيدة. مررت ببلدة أفترض أنها كانت موطنها، وفي الخلف حيث توجد قرى صغيرة، افترضت أنها هناك في واحدة منها. أو أنها وكعادة أغلب الدعاة والمنشورات في ذلك الزمان لم تكن إلا فتاة افتراضيّة اعتدنا وجودها في مثل تلك القصص.    

اشتقت الى تلك الأيّام ولم أدري أن باب الخروج الذي خرجت منه بعد سنة أو سنتين وكانت الشمس حارقة، كان خروجا من حياتي التي أغلقت عليّ الباب الى الأبد.

الخميس، 30 يوليو 2020

بحثا عن ذاكرة فقدت عند أحدهم



استيقظ وهو في صحة جيّدة. أو كما يبدو عدا عن استغرابه بأن العديد من الأشخاص اجتمعواحوله، أمر غير معتاد وجودهم في مثل هذا الوقت والمكان. شيء ما أتى بهم. بدأ يشعر بحمل ثقيل يثقل على صدره، يشبه حمل الضمير، لكن هذه المرة هو لا يعرف شيئا ولا يدري إن كانوا قد انتبهوا له.
"قالوا بأنّك ستكون أحسن وبأنّ كلّ شيء سيعود في وقته" بهذا وبابتسامة مطمئنة قال له أقرب شخص يجلس قربه ويبدو أنه أكبرهم سنّا. كان الكلّ يترقّبه لهذا لم يستطع أنّ يلفّ بجسده ويتكوّم بغطائه أو بالفراغ ليرتاح. تحديقهم مربك، مثل عدد كبيرة من الأباجورات المضيئة لكن بإنارة هادئة. "قبل كلّ شيء عليك أن ترتاح وأن لا تهتمّ كثيرا، كل شيء سيكون كما يجب" قالها من لم يتصوّر أن يقول شيئا بسبب سكونه الذي بدا بأنّ لا شيء عنده.

كان السرير بالزاوية. بحيث يمكنه أن يسند ظهره على الجدار ويشعر بالجوّ في الخارج من خلاله، أحيانا كانت هذه طريقته الوحيدة للخروج من غرفته. كانوا متجمعين حوله بتوزيع مريح، جلس نصفهم والنصف الآخر يقف بارتياح مستندين بأيديهم على كراسي الجالسين مائلين قليلا نحوه. التعب الذي يشعر به جعله يحسّ بأنّهم كانوا يلحقون به حتّى وصل بالنهاية محشورا في هذه الزاوية. لكن عوضا من أن ينالوا منه يراهم وهم يحاولون الإطمئنان عليه. كان يهرب منهم! ولم يعد بحاجة للهرب منهم أكثر.  

بدأ بالاستقامة على سريره، لا يُبدوا اعتراضا على ذلك رغم أنهم كانوا يرغبون في جعله ينال قسطه من الراحة. لكن وكأنهم يقدّرون جهده لم يحاولوا الإلحاح عليه. هو الآن في مأزق؛ استقام كأنهم ينتظرون منه الكثير مما يمكن قوله.

أنزل رأسه، بدا ثقيلا محمّلا بالأفكار التي لم تستيقظ بعد. وذلك الشعور بالحمل الثقيل على صدره لا زال قابعا. أخافه أنه لم يهدأ ولم يخف حمله رغم نظرات الهدوء التي تحيط به.

بدأ يشعر بالدوار حتّى أنه لم يسمع جيّدامالذي قاله أحدهم ويبدو أنه لم يكن شيئا مهمّا للغاية؛ كلهم أومؤوا بهدوء.

خلف أكتاف الجالسين أمامه كان يشاهد طاولته وكرسيّه الذي كان يجلس فيه كثيرا وهو يكتب. ومزهريته الصغيرة التي لم تضع فيها وردة منذ وقت طويل. شعر بالحسد اتجاه تلك المزهرية المستلقية هناك بعيدا عن الأنظار. كم تمنّى لو استطاع تخطّي تلك النظرات التي تحاصره والتواجد هناك بعيدا عنهم. "ماذا بعد؟" لم يفهم هل كان يتكلم معهم قبل استيقاظه؟ لم يفهم سبب قول أقرب شخص جالس إليه ذلك. "أنت شاب ونعرف كل ما مررت به وندرك أنك شخص جيّد والكل يشهد على ذلك لكن يصعب كثيرا تجاوز ما حدث بسهولة. لا نودّ أن نكون ثقيلين عليك أكثر من اللازم" قال ذلك وكأنه يملي ما يجب فعله أو كأنه كان يقرأ من ورقة موقعة من الجميع. ثم وضع يده على راحة يده " حالما تستعيد كلّ ذلك ستخبرنا بكلّ شيء، صحيح؟" قالها بنبرة أكثر هدوؤا. "سيّدي أيها السادة أنا لا أفهم ولكنّي آسف على كل شيء بدر منّي. أحتاج إلى الوقت لأدرك ذلك وأقول لكم كل شيء حدث يوم الإثنين .." سكت فجأة، كان سكوته انقطاعا لم يدري لماذا دفعه لسانه إلى يوم الإثنين بالذات؟ مالذي حدث في ذلك اليوم كان يدرك أنه يعرف الكثير وأنه وهو يتحدّث، يتحدّث عن ما يدركه حتّى أن وقوفه عند يوم الاثنين كان ادراكا قابعا في أعماقه. "أخبرتنا قبل أن تسوء حالتك بشيء مما حدث وكنت ستخبرنا بما حدث" بهذا أردف ثاني شخص يقف قربه. "حاولنا البحث عن ذلك الشخص لكن لم يظهر ولا أحد يعرف عنه شيئا" أحدهم قال ذلك وأقرب شخص -وهو أكبرهم- كان قد التفت مصغيا باهتمام الى قوله.

بدأت الأشياء التي حدثت تنمو في داخله. كأن الكدمات بدأت تستيقظ. شعر بأنه بحاجة لأن يكون حذرا في كلامه أكثر. عرف بأنّه على يقين بشيء فعله وكلهم على نفس اليقين. كلّ شيء انتهى تقريبا عدا عن وضع العنوان الأخير لكل ذلك.       
الغرفة التي اعتاد عليها لم يشعر بأنّها ضيّقة زكثر من هذه اللحظة. حتّى أنه لا يدري ولا يفكّر في أن يجرّب ذلك، هل يحقّ له الخروج من الغرفة التي اعتاد الخروج منها متى شاء بلا استئذان؟. صوت الباب يُطرق، أحدهم فتح الباب مناديا أحد الجالسين الذي نهض وأكمل هندامه وخرج. أحدهم نظر إلى ساعته، لا يبدو على عجل كما أن تعابيرهم لا توحي بأنهم يشعرون بمماطلته. قام بتعديل جلسته قليلا رغم أنهم لم يبدوا أي ردة فعل لكنه شعر بأنّه تحرّك أكثر مما يجب وأنه كاد يتجاوز البضع سنتيمترات المصرحة له.

يعرف جيّدا أن في داخله الكثير الكثير مما يجب قوله. حمل يبدو أنه مكلّف بالانفراد به رغم شفقة الجميع. يعرف جيّدا -أو هكذا أصبح- أن فتح فمه كفيل بالدفع بكلّ شيء خارج صدره، نحو الخارج وهؤلاء كلهم ينتظرون.
لا يدري هل جاؤوا للمحاولة بالإمساك به أو الإمساك بما في داخله. عليه أن يعرف أولا قبل أن يقرّر. " لا بأس إن لم ترد الحديث اليوم أو إن لم يكن ممكنا إلا في اليوم التالي" قال الأقرب له ذلك " لندع السيّد يرتاح لم يكن ما قاله سهلا عليه" أحدهم قالها وهو ينهض من الكرسي حاث الجميع على فعل ذلك مثله. "بالفعل يكفي أنه قال ذلك، ما أخبرنا به لم يكن سهلا وعلينا أن نقدّر موقفه ووقع ذلك عليه" ثمّ أردف المتحدّث وهو الجالس بالقرب منه واضعا يده على كتفه " لا عليك سننهي ذلك معا" كانت لمسة المتحدّث في غاية اللطف لكنه لم يدرك مالذي جعله يرتجف بقوّة وبكلّ خوف جرّاء لمسته اللطيفة تلك!

أكمل الجميع هندامهم وقد همّوا بالرحيل وفتحوا الباب، تباعا خرجوا كان ينتظر خروج آخر واحد منهم. كان يدرك أن خروجهم واحدا واحدا لم يكن إلا عدّا تنازليّا لقنبلة الخوف التي تكاد تنفجر به. بدا وكأنّ صاحب تلك اللمسة قد زرعها على كتفه. أمر مزعجهم كلّهم يعرفون نقطة النهاية التي يجري إليها دون أن يدري.

بدأ ينتبه إلى أنهم يوقعون مجموعة من الأوراق وكان أحد الموظفين والذي يرتدي زيّا رسميّا يمرّر ورقة على الجميع، الجميع كان يوقّع وعلامة الأسى تبدو عليهم.

رغم أنهم خرجوا جميعا لكن خروجهم لم يكتمل؛ الباب لا زال مفتوحا ولازالت الجلبة توحي بأنّ الغرفة جزء من الخارج. الحركة أصبحت أسرع وصحته التي كانت تبدو جيّدة، أصبحت أحسن، بل أصبح جيّدا بما يكفي لأن يشعر بأنه مثلهم تماما. الأشياء التي كانت تنمو في داخله بدأت تكتمل. كاشفة عن غابة مرعبة في داخله، دفنت فيها أفظع الأمور. آثار النبش عليها كان واضحا، حتّى أنه يكاد يشعر بأنّ أيدي الجالسين حوله كانت متشقّقة ومبللة بالطين. الغابة في داخله تخفي الكثير. رغم النبش لا شيء موجود. لكنه يشعر برغبة أكبر للبكاء أكثر وأكثر حتّى أنه شعر بالحزن كثيرا اتجاه أشخاص كثيرين عرفهم. كثيرون لم يكن ليشفى إلا أن يلقي بنفسه في أحضانهم يبدو أنهم رحلوا. عيونه بدأت تدمع وعند الباب كان الموظف بملابسه الرسميّة وشاربه الكثّ ينظر اليه بكلّ شفقة، ولم ينتبه إلى شبح شفتيه وهي ترسم قوس النهاية، نهاية حكايته التي يبدو بأنه هو من أنهاها طالبا من الجميع أن يستريح بسلام.

الأحد، 26 يوليو 2020

الأبواب لا تخرج أحدًا





"العالم أصغر مما يبدو، كيف لهذا المكان الفسيح أن يكون خانقا؟" كعادته خرج من المكان ولم يسمع أحد مالذي قاله لنفسه. لم يكن المكان خانقا إلا لحلقه. ولأنه يخجل كثيرا من قيود المجاملات خرج قبل أن يأتي موظف إليه بقائمة المشروبات وقبل أن يضطرّ أن يومئ لهم بابتسامة لطيفة بأنّ عليّ أن أذهب فعلا لا لأن المكان لم يعجبني، حمل لا ينتهي مما عليه أن يفعل اتّجاه الآخرين بالإضافة إلى الحمل الذي على عاتقه، والذي جعله يبدو ككائن مكوّم بالذكريات التي طفحت فوق رأسه مشكّلة كتلة على كتلته. لهذا الشعور بأنه مشوّه بنظر الجميع لم يفارقه منذ كانت الذكريات. 

بعد أن خرج مسرعا من الباب الذي يشبه وميض مقبضه موقفا مرّ به، لم يحاول أن يتذكّره، خمّن أنه موقف لم يعجبه. تجاوز الباب والوميض. الهواء الحار وقت الظهيرة نثر من على رأسه بعض الأفكار المزعجة؛ لهذا بدأ هذا الهواء مريح له رغم حرارته اللاهبة. بدأ يمشي على الرصيف، يعدّ الخطوات، ويتذكّر يوم كان يعدّ الخطوات وكيف أنه علم بأنّ ذلك يساعد عينه علي ادراك كلّ حركة سريعة وكأنّه يشاهدها ببطء، أشياء يخجل أن يقول بأنه كان يتمرّن عليها وهم يسألونه "لماذا لا ترفع رأسك؟". "ماذا استفدت؟" بصوت مسموع ولا يسمعه المارة يتساءل مع نفسه. رفع رأسه بعد أن تخيّل أن هذا كان سببا لجعله يرى كلّ شيء بالحركة البطيئة، وجعلته يلاحظ أشياء كثيرة وبدقّة عالية، بدقة مزعجة، لم يكن ليستمر أحد بلحظاته بسلام لو انتبه لها. بحسرة تذكّر أن ذلك أيضا قد يعني بأنّ الجميع كان يتجاوزه وهو يحدّق ببطء. هزّ رأسه قليلا، كأنه صعق بماء بارد، خفق قلبه بقوّة وبدأ يتلفّت، هل انتبه أحد له؟ انتبه أحدهم، لكن المشي كان كافيا ليلقيه بعيدا عن ذهنه. 

وصل الى مكان يستريح فيه، يبدو أفضل من السابق. "العالم أضيق مما يبدو" قال ذلك وهو يشعر بأنّ المقهى الصغير أوسع من هذا العالم الذي تركه خلف ظهره وفتح الباب، كان خشبيّا كما يحبّ، المكان ليس مليئا بالزجاج وهو ما يحتاجه، الزجاج يجعله في حالة ترقّب دائمة لانكسار أي شيء. يريد مكان يجلس فيه ليس بعيدا عن الجميع وله بعده الخاص؛ كيف لمكان كهذا أن يوجد في مكان صغير؟! جلس بدأ يشعر أن هذا المكان أفضل وأنه أصبح أفضل، مسلمّا نفسه للموظفين الذين بدؤوا يقيدونه بابتساماتهم وبدأ بنفسه بشدّ القيد أكثر مع كلّ ابتسامة رضى يبديها، من شعور عميق وعنيف بمحاولتة للدفع بشعوره الدفين بالضيق من هذا المكان فجأة في أعماقه لحين يسمح له بالهروب حرّا من هذا المكان. 

الأربعاء، 22 يوليو 2020

-٢٤-

لا أستطيع أن أبتعد عن قدمي، كما لا يمكنني أن أهرب من تفكيري. لم أكن أعاني من التصاق قدمي، بل أني شعرت بالقشعريرة وأنا أشاهد أشخاصا فقدوا أقدامهم بفعل الألغام. لا شك أنهم لم ينسوا أخر وخزة شعروا بها في تلك الأقدام. لو أنّ ما أود الهروب منه مثل قدمي كيف يمكنني الهرب بلا قدماي؟ كيف أهرب من التفكير إلا أن أفكر بشيء آخر أجد نهايته تقود إلى ما أهرب منه. 

كان يجدر بهذه الفكرة المكتوبة أن تمزق وترمى في سلة المهملات. لكن كيف يمكنني رمي الأفكار؟ أتخيل دماغي سلة كبيرة مليئة بمثل هذه الأفكار. لهذا أعامل دماغي كسلة للمهملات. أتذكّر حديث طالب هندسة يقول: بأنّ كل المحذوفات تبقى إلى الأبد داخل أجهزة الميموري، مهما حذفتها فإنك لا تستطيع أن تحذفها فيزيائيا! كأنّه يتمّ حذفها  باختلاق هيئة بديلة لها.

خطّي اليوم -الذي كتبته بالورقة- جيّد اعتدت الحكم على نبضات -أيّا يكن- من خلال خطّي الذي يتغيّر دائما وفق شيء لا أفهمه بالكامل. لكني زحب زن يكون خطّي جيّدا وإن كنت في حينها أمر بحالة سيئة كالتي أمرها الآن. 

لا شيء يُمحى ولا شيء يُنسى وكلّ شيء يتراكم للأبد ونحن مثل كانسة الأرضية التي تلتفت حولها ثمّ تدسّ الأوساخ تحت السجّاد. 

يوما ما سنكتشف أن الفراغ يمكن طيّه مثل السجّاد. ويمكن بعدها أن ندسّ فيه مالم نستطع نسيانه وسينتقل عبر الفراغ الى عالم آخر.

الثلاثاء، 30 يونيو 2020

قاموسي : قاموس الذكريات (٢)



٤٠. خوان:
اسم اسباني مرادف لجون، وصيغته الفرنسيّة جوان.
يتكرر اسم خوان كثيرا ولا أذكر بالضبط أول شخص عرفته باسم خوان. لكن اعجابي بالاسم ابتدأ مع الصيغة الفرنسية للاسم "جوان" أحببت تحوير جون بهذه الطريقة، جوان هو جنرال فرنسي من الحرب العالمية الثانية.

* اسم لشخصية مألوفة للكثيرين، قد تكون محبوبة أو ذات شعبية ونشطة ومميزة بأمور عدة. طريقة نطق الاسم لطيفة، كأنه حوّر للاستلطاف.




٤١. دوناتيللو:
اسم ايطالي
أول دوناتيللو عرفته ومنه أحببت الاسم كان دوناتيللو ذو الشريط البنفسجي الموجود في المسلسل الكرتوني (سلاحف النينجا) ، كعادة كلّ مسلسل كرتوني يحكي عن عصبة ورفاق، كنّا نختار لأنفسنا شخصيّة نكون: إياها، بهذا المسلسل اخترت دوناتيللو. لم أحب ذكاءه كثيرا بصراحة كنت أصاب بالاحباط لأن أغلب الأعمال البطولية والبهلوانيّة يقوم بها رفقاؤه، هو كان العقل المبتكر والمخلص، بذاك العمر يصعب الشعور بقيمة ذلك. حتّى سلاحه لم تكن إلا عصاة تدعو للسخرية مع الأسف، ومع ذلك كنت أصر على اختياره في الألعاب الالكترونية كنوع من المسؤوليّة. أكثر شيء أحببته فيه كانت اللحظة التي يهتف فيها بإسمه "أنا دوناتيللو" في أغنية البداية الجميلة. بعد سنوات وفي الكتاب الجميل (المنجد) تعرّفت على دوناتيللو آخر وهو النحّات الشهير دوناتيللو. عرفت بعدها أن الاسم ايطالي وأنه نحات معروف وإن لم أهتم بأعماله أبدا.

* اسم لشخص نبيل ومميّز لكنه ليس شعبيّا بالغالب. يحظى بالاحترام والتقدير أكثر من المحبة. نطق الاسم يوحي بتميّزه، ويكفي أن بداية مقطعة تبدأ بـ "دون"


   ذو الشريط البنفسجي: دوناتيللو. الأحمر:رافاييل، البرتقالي: مايكل آنجلو، الأزرق: ليوناردو. كلهم بأسماء الفنانين.






٤٢. "ذئب بشريّ" :
هو اللقب الذي أطلق على الذئب روبو في المسلسل الكرتوني (مخلص صديق الحيوان).  
 "لأنه ذكيّ جدّا كلّ الناس في هذه المنطقة يدعون روبو بالذئب البشري" من هذه الجملة سمعت بالعبارة لأوّل مرة والتي تتحدّث عن روبو زعيم الذئاب والتي رويت حكايته في المسلسل الكرتوني (مخلص صديق الحيوان) والقصة مأخوذة عن ذئب حقيقي في نفس المنطقة اسمه "لوبو" كان مؤثرا جدّا ومختصرا أن يدعو الناس روبو "ذئبا بشريّا" لوصف ذكائه الاستثنائي. وان كان اللقب الذي أطلقه الناس يبدو وكأنه أطلق دون تفكير لكن له أثرا عميقا لا يُنسى، أتذكّر كيف كان على الناس أن يخشون من ذئب يشبه البشر! بالمناسبة حلقة (زعيم الذئاب) هي أعظم حلقة في هذا المسلسل الكرتوني.


روبو زعيم الذئاب بالمسلسل الكرتوني (مخلص صديق الحيوان)





٤٣. رفاييل:
اسم أوروبي مشهور وله جذور عبريّة قديمة ومعنى عبريّ. تحور لفظه كثيرا لكن أشهر لفظ له هو اللفظ الايطالي.
رفاييل الموجود في المسلسل الكرتوني (سلاحف النينجا) هو أول رفاييل عرفته - أنظر رقم ٤١- ذو الشريط الأحمر. لم يكن اللفظ يشبه رفاييل المرح كثيرا أكثر شيء كان يشبه هو شريط رفاييل الأحمر؛ الاسم أنيق ومميز وهذا اللون يناسبه. لكن أول رفاييل وجدته يشبه فعلا رفاييل رفاييل هو الرسام الايطالي الشهير. له أناقة اللون ووجه ناعم ووسيم كأنّ خطوط رسوماته انعكاس لملامحه. عندما تشاهد لوحاته يخيّل اليك أن الريشة وهو يمسكها بيده أخف من الريشه، تميل وتنساب مع نسيم تعابيره. 
* اسم لشخص ذكيّ ووسيم وأنيق بالغالب، غامض؟! ربّما. يحبّ الناس أن يحتفظوا بالصورة الجميلة عنه دون أي محاولة للنبش في أعماقه وحقيقته. كأن صورته الأولى جميلة ويُخشى عليها من الخدش بالتفكير حولها. أو شخص له علامة مميزة في أذهان الناس.  الاسم يوحي بذلك من خلال لطف حرف الراء والفاء في بدايته الذي اكتمل رسمه الأنيق بحرفي الياء. يصعب نطق الاسم بخشونة 

 بورتريه ذاتي لرفاييل (١٤٨٣-١٥٢٠)، وكأنه بورتريه للاسم نفسه. 




٤٤. روكوفسكي:
اسم لقائد سوفييتي من الحرب العالميّة الثانية
من كتاب (التاريخ الكامل للحرب العالمية الثانية) تأليف ريمون كارتيه عرفت هذا الاسم. كانت الصفحة قد أتت بمجموعة من الضباط السوفييت، كانت الاسماء وعرة وخشنة مثل تولبوخين -يكثر حرف الخاء بالأسماء الروسية- وحده اسم روكوفسكي كان جميلا. من الصورة بدا ذكيّا وشابا بالصورة رغما عن رتبته العالية. الصورة والاسم جعلاني أتخيله كشخص ذكيّ وأنيق، أول شيء شعرت به بعد مشاهدتي اسمه وصورته هو خوفي من أن يكون أحد ضحايا ستالين، لم أفهم سبب تعاطفي معه. غالبا ما أحب الأسماء الروسيّة ان كانت ذات اللفظ بولندي -تنتهي بـ (ــسكي)-  وروكوفسكي كان بولنديا بالأساس.

   روكوفسكي




٤٥. رولو توماسي:
 شخصيّة وهميّة في فيلم L.A. Confidental (1997) 
ليس الاسم وحده هو مالفت نظري بل المعنى الذي جاء الفيلم به لحضور هذا الاسم، أحد أهم الأسباب التي جعلتني أفكّر في هذا القاموس وأفهم إيحاء الأسماء بطريقة مختلفة. ولو أن لاسم "رولو" وقع مميّز و"توماسي" الذي جاء بطريقة غير معتادة بالأفلام الأمريكية بدلا من "توماس" لكن القصة التي جاءت بالاسم كانت أجمل. أحد شخصيات الفيلم وهو محقّق شرطة أطلق اسما افتراضيّا لأحد المجرمين وقال بأنّ والده كان يفعل كذلك مع كلّ مجرم مجهول يفلت من القانون، كان يسمّيه رولو توماسي وكأنّه يتخيّلهم شخصا واحدا اسمه رولو توماسي. كيف يمكن للاسم أن يكون صفة لأحدهم وفق انطباع معيّن؟ لهذا كان رولو توماسي أحد أهم الأسباب في بدء هذا القاموس.  أحيانا أفكّر ولو أنّ هذا التفكير لا يقود لإجابة منطقيّة لكنه يقود الى رحلة لا بأس بها بالأذهان، لماذا رولو توماسي؟ ومن سيكون رولو توماسي لو كنت أنت من اختار الاسم؟
* اسم لشخص يوجد في مكان بعيد -لا أدري هل للفيلم علاقة بانطباعي هذا؟- يصلح أن يكون شخصا غائبا. 



شخصية إد اكسلي التي تحدثت عن اسم رولو توماسي بالفيلم 



٤٦. ريمي:
 اسم فرنسي وأشهر حامليه "سانت ريمي" الذي قام بتعميد كلوفيس. يقول ديغول:" تاريخ فرنسا بدأ منذ تعميد كلوفيس".
أوّل ريمي عرفته كان الأكثر شبها بهذا الاسم، ريمي بالمسلسل الكرتوني (ريمي الفتى الشريد). كنت استغرب كثيرا كون ريمي اسم لولد، ولو أنّي وجدت في ريمي بالمسلسل الكرتوني مايشبه الاسم كثيرا. لطيف وجميل ومهذّب، الاسم وريمي نفسه يجعلانك تشعر بوحشة القصّة أكثر ومدى القسوة التي يعاني منها العالم. المسلسل الكرتوني مليء بالمآسي والمواقف الكئيبة، مشهد الحياة وهي تعصر ريمي بمواقفها يتعبك كثيرا. ريمي بالمسلسل الكرتوني الآخر (دروب ريمي) وهي فتاة ومن نفس القصة التي هي عبارة عن رواية باسم (بلا عائلة) لهيكتور مالو. لم أحب ريمي الفتاة ولم أحب مسلسلها الكرتوني؛ رسوماته مشعّة ومضيئة لا تشبه أبدا القصة والشعور الظلامي الذي يرافق القصة. أغنية (ريمي الفتى الشرد) وأجمل مافي مسلسل (دروب ريمي) هو مقطع أغنيتها "دروب قد قطعتيها، أفينا البعد أم فيها" اختيار ريمي كفتاة بالمسلسل الآخر لم يكن غريبا بسبب الاسم. ريمي اسم لا ينسى بالنسبة لي بسبب المسلسل الكرتوني، كنت أشعر بالخوف لا على ريمي وحده بل على الاسم نفسه. أيضا لا أنسى اسم ريمي علق بذاكرتي كثيرا بسبب لوحات فان غوخ التي رسمها ببلدة سانت ريمي في فرنسا، وأشهرها (ليلة مرصعة بالنجوم)
* يكفي أن رسمة الفم تشبه الابتسامة أثناء نطق الاسم. بالغالب شخص لطيف مع الجميع ولطيف على الذاكرة. وفيّ بالغالب. الاسم يصلح بأن ينادى بصوت عالي لعل هذا يوحي بأنّه شخص نشتاق اليه كثيرا، في المسلسل الكرتوني (ريمي الفتى الشريد) ما يشبه ذلك.    

 (ريمي الفتى الشريد) رسومات المسلسل الكرتوني يمكن اعتبارها عملا فنيّا. 
 
 
 
 
 
٤٧. زوسكند:
 بالأساس اسم يهودي من المناطق المانية
اسم يوحي بالاتقان، كأنّ الحروف شدّت الى بعضها بقوّة. السكون والوقوف في هذا الاسم ملموس، هل يعني هذا الوقوف شيئا؟! لا أدري لكن أول مرة تعرفت على هذا الاسم كانت في احدى السنوات التي سألت أحدهم عن أفضل ثلاث رواية يمكنها أن تعيدني لقراءة الروايات، اختار لي: (اسم الوردة) لإيكو و (زوربا) لكازانتزاكيس و(العطر) لزوسكند. قرأت العطر أولا بسبب اسمه الذي لفتني وكذلك للفترة التاريخيّة التي تتحدث الرواية عنها وهي فترة أحب معرفة كلّ شيء عنها، فرنسا القرن الثامن عشر. الرواية جميلة جدا وطولها متقن ومناسب، بالكاد تحوي على حدث زائد أو غير ظروري، وكذلك الفيلم:
Perfume: The Story of Murder (2006)
الذي جاء ليشبع القصة أكثر. من الأعمال القليلة التي ينصح بها رواية وفيلم وبنفس الحرص
* اسم لشخص يحبّ اتقان عمله ،دقيق وحريص، يشبه لفظ اسمه كثيرا الذي يحتاج الى الحرص والتوكيد بالنطق لملء أحرفه. كأن الاسم كان أطول من ذلك لكنه شدّ بالنطق والسكون كثيرا.  
 
 باتريك زوسكند المؤلف

 رواية (العطر) لزوسكند
 
 
 
 
٤٨. زوسن: 
اسم مدينة في شرق المانيا. 
عرفت هذا الاسم والذي يشبه اسم "زوسكند" من فيلم  Enemy at The Gate (2001) عندما أراد السوفييت التعرف على القناص الألماني الذي أُوفد الى جبهة ستالينجراد للتخلص من قناص سوفييتي صاعد. تحدث كوليكوف -شخصية بالفيلم- عن هذا القناص وكيف أنه تعرّف عليه في المدرسة العسكرية بزوسن في المانيا. كأنه كان يتحدّث عن شيء متقن الصنع، شخصيّته، مهارته مع رنين في ذهني لم يغب عني وهو اسم "زوسن" الذي بدا لي وحده في غاية الاتقان. الفيلم جميل للغاية، المشاعر في هذا الفيلم كتبت وأخرجت بعناية. يترك انطباعا لذيذا يشبه ما تتركه أفلام: The Gladiator و Braveheart والأهم من ذلك لإد هاريس وهو كونيغ بالفيلم وقفة لا تنسى.
* يصلح اسما لمدينة تشير إليها بالخريطة بقوّة بلسانك وإصبعك؛ بسبب نبرة الإسم المتقنة. وهي تشبه "زوسكند" كثيرا. 
 
كوليكوف الشخصية التي تحدثت عن القناص الألماني كونيغ (إد هاريس)
 
 
 
 
 ٤٩. سباستيان:
اسم من أصل لاتيني وفي غاية الشهرة بسبب Saint Sebastian. وإسم لمدينة باسكية في اسبانيا.
 سباستيان في المسلسل الكرتوني (بيل وسباستيان) كان أول سباستيان أعرفه ومن بعده سلسلة من نفس الأشخاص الذي تسمّوا بمثل هذا الاسم والذي وجدته جميلا منذ البداية حتّى المدينة التي أحببت اسمها بالإضافة اللفظية "سانت" وموقعها في رسم الخريطة "سان سباستيان" في اسبانيا . في المسلسل الكرتوني كما أتصور دائما يلفظ هذا الإسم بلطف؛ لهذا كنت أجد هذه النبرة والاسم شكلا لائقا لشخصية الصبي سباستيان اللطيفة. لا يمكنني نزع فكرة أن سبستيان شخصية لطيفة وعلى طبيعتها وأتصوّر أنها تصلح أن تكون من الأشكال الطبيعية للصفات البشرية، قبل أن تلوّثها التجارب التي تجعل الشخص أكثر حذرا ودهاء - وللأسف- تلوّثا. كما يبدو سباستيان في المسلسل الكرتوني طيّبا بشكل ملفت ويسهل خداعه لطيبته لكنه ذكيّ بالصورة التي خلق فيها الذكاء أول مرة قبل التجارب. هذا جعلني أشعر بشيء يشبه ذلك مع سباستيان دايسلر اللاعب الالماني الذي اعتزل لأسباب صحيّة في سنّ مبكرة. بعد الاسم الكرتوني والأسماء الرياضيّة بالغالب عرفت سباستيان (سانت سباستيان) الذي ملأ سلسلة طويلة من اللوحات بحكايته المشهورة، مقيّدا بإحدا الأعمدة ومطعونا بعدة سهام في جسده. تلك الهيئة تجعلك تطلع على مشاعر التعاطف العميقة النابعة من الرسام بمختلف الزوايا. شعور حاد يُرسم بأكثر من زاوية؛ لهذا هو موضوع مثالي للوحة وهذا ما جعل الانطباع يسود بالنسبة لي أكثر بأن سباستيان اسم أحبه وأتعاطف معه وأجده شخصا طيّبا في داخله، كما أذكر نظرات اللاعب سباستيان دايسلر للطاولة أسفل عينه هاربا من أعين الصحفيين والكاميرات وهو يعلن اعتزاله. والى آخر سباستيان وهي "كيكة سان سباستيان" اللذيذة جدّا كان سهلا عليها أن تحتل خانة في قائمة الحلويات المفضلة لديّ والاسم كانت حبّة الكرز اللفظية فوق مذاقها. ولا أنسى يوجد سباستيان آخر وهو خادم منزل السيد سيسمان بالمسلسل الكرتوني (هايدي).
اسم لفتى أو صبي أو شخص يملك صفاة أقرب الى الخامة البشرية وبصورتها اللطيفة ولا يخلو من اندفاع ناعم وخفيف. لفظ الاسم يشبه الإنفتاح أو تفتّح شيء ما، لا أدري كيف ولكن هذا ما يجعلني أجد صعوبة في تخيّل سباستيان كشخص غامض ولئيم. 
 
المسلسل الكرتوني (بيل وسباستيان)
 
 
٥٠. سيغفريد:
اسم ألماني يعود لأصول اسكندنافيّة، وأشهر أعلامه البطل سيغفريد قاتل التنّين بالأسطورة الألمانية. قام هتلر بتسمية خطّ الدفاع المقابل لماجينو بخطّ سيغفريد. 
مع حلقة من المسلسل الكرتوني (رحلة عنابة) سمعت بهذا الاسم لأوّل مرّة، أتذكّر أنهم تحدّثوا عن بطل اسمه سيغفريد وهو من سيقتل التنّين. رنين الاسم كان مهيبا؛ فقط لو جرّبت سماع الالمان وهم ينطقون صوت "الراء" و "|الدال" معا. يمكن تحميل هذين الحرفين كمّا كبيرا من الأنفاس المندفعة. للأسف في (رحلة عنابة) سيغفريد كان كسولا ونائما وإن كان شابا ووسيما - كما يوحي اسمه بالنسبة لي- لكنه مسالم وطيّب و بالعامي "ماله بالمشاكل" رغم هذه الصورة لم يغب عن بالي هذا الاسم وكيف أن له هيبة تكمن في داخل الشخص الذي يحمله. ثاني لقاء مع الاسم كان مع خطّ سيغفريد الذي أعده هتلر بمواجهة الحلفاء بالغرب. وفي الفيلم الأمريكي Django Unchained (2012) سمعته للمرة الثالثة مع الشخصيّة الالمانيّة التي تحدّث عن اسم "برومهيلدا" وكيف أنه يعيده الى موطنه في ألمانيا وأنه اسم حبيبة البطل سيغفريد. في هذه الحالة الصورة الشخصيّة التي شاهدتها لأوّل سيغفري لم تؤثّر سلبا على انطباعي حول الاسم وشخصيّته.
* اسم لشاب وسيم ومقدام وغالبا نبيل. بالعادة منوط به -كما بالشخصيّة الاسطورية- أن يقوم بعمل ما. يمكن أن يكون سيغفريد بالملامح شبيها لشخص اسمه "هارولد" -أنظر لاحقا اسم هارولد-. لا أتخيل الاسم، اسما لشخص حقيقيّ؛ يصلح كشخصية اسطوريّة
 
 
هكذا بدا سيغفريد وهم يتحدّثون عنه بداية الحلقة

وهنا ظهر سيغفريد لأوّل مرة



٥١. شتاينر:
اسم الماني شائع في جنوب المانيا. 
مرّ عليّ الاسم لأوّل مرة في كتاب ريمون كارتيه (التاريخ الكامل للحرب العالميّة الثانية) لكن لا أعتقد أن وقعه رنّ جيّدا في أذني إلا بعد المقطع الشهير في فيلم Downfall (2004) لهتلر وهو يسأل عن مكان شتاينر قائد أحد الفيالق -فيلق على الورق فقط- في معركة برلين. استشاط هتلر غضبا، وبدأ يزمجر وفي قمة غضبه لفظ هذا الاسم بقوّة، لا أدري ولو أنك لا تجيد أي شيء من الألمانية وسمعت المقطع كاملا بلا ترجمة قد تنتبه للمقطع الصوتي لهذا الاسم. ثالث مرة سمعت فيها شتاينر كانت الأبرز والأقرب الى قلبي وهي شخصيّة "الوحش شتاينر" من مسلسل الانمي الرائع Monster تلك الشخصيّة لمست قلبي كثيرا؛ كل الشخصيّات كانت ثنائيّة الأبعاد في ذهني عدا هذه الشخصيّة، وهي "الوحش شتاينر" الخاص بشخصيّة غريمر بالانمي. وبشكل عام الأسماء الالمانية التي تنتهي بالراء ملفتة وكثيرة.
* اسم لشخص، يصلح أن يكون شخصيّة عابرة لكن بحدث مميّز؛ شخص يظهر مرّة ويقوم بشيء ملفت. شخص له دوافعه العميقة. 
 فيليكس شتاينر، الذي استشاط هتلر منه غضبا في معركة برلين
 
هتلر وهو يستشيط غضبا سائلا عن مافعل شتاينر
 
 
 
 
٥٢. فرانز:
اسم يكثر في البلدان الناطقة بالألمانيّة وذوي الأصول الالمانيّة. له صور كثيرة بمختلف اللغات والمناطق الجغرافيّة. تعني الشخص الفرنكي - من الفرنك الجرمان الذي اجتاحوا وسيطروا على فرنسا- صورته الأصليه فرانسيس ومن صوره: فرانكو، فرانك، فرانسيسكو.
فرانز شقيق فلونه أتوقع هو أوّل فرانز عرفته، لدي شعور بأنّ الأب الذي يطلق على ابنه اسم فرانز بأنّه يعتزّ بشيء ما ويأمل في ابنه أمرا. وكثيرا ما أتصوّر فرانز أهل لهذا الأمل لكن من دون أن يُقدم على أمور خارقة وغير اعتياديّة. وأبرز فرانز مرّ عليّ هو بالطبع الرائع فرانز كافكا، كما أتخيّل من شخص اسمه فرانز متقن ويعرف ما يقوم به وفق منهج يستند عليه كذلك أجد قصص كافكا كتبت بأسلوب شخص يعرف بالصميم كيف وماذا يكتب وإن بدت بالأفق فزّاعة اللاثقة تلوح في مواقفه. كان هناك فرانز آخر، لم أشاهده ولكن في فيلم Life Is Beautiful (1997) سمعت ظابطا ألماني بمشهد خالي من الضجيج ينادي بحدّة "فررررانز" لم أنسى هذه النبرة وأثر حرف "الزاي" بالنهاية. والفيلم في غاية الروعة ويترك بريقا في الذاكرة. الغريب أن انطباعي عن اسم فرانز يختلف كثيرا كثيرا عن فرانسيسكو وفرانك وفرانكو -ولو أن هذا الاسم قريب الانطباع منه- وحتّى عندما يُكتب فرانس بدلا من فرانز. حرف "الزاء" يجعل منه شخصيّة المانيّة أكثر.
* شخصيّة متّزنة وتقليدية ومتقنة وفق منهج محدّد. يجيد تقدير الأمور. ليس واضح الوسامة ولكنّه ذو هندام مرتّب. بالمجمل يمكن أن يكون شخصا عاديّا دون ظروف مواتية.
 
 
فرانز شقيق فلونه
 
 
 
٥٣. فرانشيسكو:
 يعني الفرنكي باللغة اللاتينية. ويكثر هذا الاسم في اسبانيا بالذات. وهو أحد الأنماط المختلفة لاسم: فرانس،فرانز،فرانسيس، فرانكو. 
فرانشيسكو بيزارو الذي غزا البيرو ودمّر امبراطوريّة الإنكا بالقرن السادس عشر بحثا عن الذهب. أتوقع أنه أول فرانشيسكو عرفته. كان ذلك عن طريق المسلسل الكرتوني (الأحلام الذهبيّة) لم يكن يذكر اسمه الأول، كان يدعى دائما بيزارو. شخصيّة شريرة ومهيبة وكتومة ومصرّة تسعى الى الذهب بوحشيّة ولاتظهر كثيرا رغم طغيان ظلها بالأحداث، لا تشعر بالارتياح أبدا مع التعابير الواجمة لملامحه بأفلام الكرتون، للأمانة الرسم كان بارعا في التعبير عن هذه الشخصيّة الشريرة. في كتاب (المائة الأوائل) لمايكل هارت عثرت عليه وقرأته، صورته في الكتاب أهدأ كثيرا وأكثر ألفه ولفت انتباهي اسمه الطويل وحاد الحضور "فرانشيسكو". فعلا هذا الاسم يترك اثرا بالذاكرة يشبه خدش السكين على صفيح ناعم. لكن الصورة الذهنيّة لهذا الاسم تشكّلت بصورتها الأبهى مع واحد من الرسامين المفضلين لديّ فرانشيسكو غويا، دائما ما يعتبر أعظم رسام اسباني بعد فيلاسكيز ولو أني أجده أشمل منه. ولو قدّر لي أن أحوز على كتاب يحوي الأعمال الكاملة لفنّان معيّن لكان هو أو على الأقل أبرز من سأتمنّاه. ترك غويا بحياته أثرا صارخا، بالفعل يشبه الأثر الذي يتركه خدش السكّين على صفيح ناعم. وجدت الاسم، بنبرته الحادة يشبه ما كان يفعله غويا في حياته وفرانشيسكو الآخر هو لاعب روما الأشهر فرانشيسكو توتي. يمكنك الانتباه الى هذا اللاعب الساحر في مباريات روما ومعبود الجماهير فيها بشعره الطويل. كان ذلك يجعل من مظهره ملفتا، يشبه الحصان الأصيل والذي يلفت الانتباه بحركاته. ويشبه أكثر بملامح وجهه القادة الرومان بملامحهم الكلاسيكيّة بالتماثيل النصفيّة. لفرانشيسكو هدف على الانتر يشبهه كثيرا، في المباراة التي فاز بها روما على الإنتر بثلاثة أهداف، عندما انتبه الى تقدّم حارس المرمى فأرسل الكرة بمهارة للأعلى فوق لاعبي الانتر لتسقط في المرمى. من بعد موسم ٢٠٠٧ -وبعد قصّ شعره- بدأت صورة توتي اللاعب المخلص لناديه تبرز أكثر وبدأ في ذهني يشبه اسمه اللامع أكثر -لا أدري هل أخذ الاسم لمعانه في ذهني من لمعان أحلام بيزارو عاشق الذهب- توتي كان يوما صاحب الراتب الأعلى بعالم كرة القدم، ما يحلو لمنتقديه التذكير بذلك للردّ على مسألة اخلاصه لنادي مدينته روما. لكن الأهم الأثر الذي تركه توتي، فرانشيسكو كان يشبه تماما الاثر البارز في ذهني لاسم فرانشيسكو لغويا الرسام.
يصلح أن يكون اسما لشخص يترك أثرا مميّزا في سيرته. أثر يسهل الاشارة اليه بجمل قليلة دون اسهاب. وسيم في الغالب وفي عمر الأربعين. يفهم الحياة جيّدا لذكائه لا لتجاربه. يبدو أن الأثر الذي يتركه الاسم راجع الى حدّة صوت السين الذي يأتي واضحا بعد الشين، يمكنك الانتباه الى ذلك عند سماع صوت معلّق كرة قدم يصرخ "فرانشيسكو". ألا تلاحظون بأنّ صوت سلّ السيف في الانمي يشبه صوت الـ "شسسسّ" حرفيّا؟
 

 الشرير بيزارو في (الأحلام الذهبيّة)
هكذا رأيت فرانشيسكو بيزارو في الكتب
 
فرانشيسكو توتي، به اكتمل تصوري الذهني لهذا الاسم. الصورة تشبهه كثيرا وبما فيه من سلبيّات


 
 
٥٤. فتغنشتاين / فتغنشتين:
اسم الماني وعادة ما تشير نهاية الاسم "تاين" الى الأصل اليهودي الناطق بالالمانية لهذا الاسم.
أول مرة قرأت هذا الاسم كان في أحد المنتديات، بدا الاسم مميّزا بسبب صعوبة نطقه وبهالة التقدير التي شعرت بأنّها تدور حول لفظ الاسم لا الشخص نفسه، وبشكل أدقّ كنت أشعر بأنّ الكثير يتباهون بمعرفة نطق هذا الاسم وكتابته على الشكل الصحيح أي أنهم يعرفون حتما صاحب هذا الاسم وهو بالفعل فيلسوف مميّز وفريد. أتذكّر كثيرا أن الاسم كان يكتب مرّات "فغتنشتاين" بدلا من الكتابة الصحيحة "فتغنشتاين". مقدار الثقة والتباهي التي أشعر بها في صور الفيلسوف لودفيغ فتغنشتاين لا تشبه الا ثقة وتباهي الأشخاص الذين يحبون الحديث عنه. لدي ميل الى أن الأشخاص ذو الأسماء المعقّدة أشخاص مميّزون، في تلك الفترة كنت أتوق للمعرفة أكثر حوله وحول صاحب الاسم الصعب كذلك كيركجورد -أنظر الى اسم: كيركجور- وكم شعرت بأنّ الوصول الى فهمه يمثّل مرحلة متقدّمة تشبه الوصول الى فهم معاني الكلمات الصعبة في لغة أجنبية. بكل جديّة لدي تساؤل: هل كان لودفيغ لينال هذا الوهج لو كان اسمه مثلا جون سميث أو تشارلز تايلور أو توم مكارثي؟ أدرك أن في هذا التساؤل شيء من السخف؛ الكثير يعرف تايلور صاحب المدرسة السلوكية والأشهر منه آدم سميث صاحب كتاب (رأس المال) لكن كم أود أن أتخيّل وأعرف مقدار الوهج الذي كان سيناله لودفيغ لو كان اسمه انجليزيّا ويشبه ما نألف من الأسماء؟ هتلر لم يكن يحمل هذا الاسم بل أبدله أكثر من مرّة ادراكا منه بأنه بحاجة الى اسم ذو لفظ أفضل بدلا من اسم عائلته القديم الذي يشير من بعيد الى كلمة تعني القرد بالألمانيّة وهو مالن يساعده في مشواره السياسيّ الطموح. نعود الى الاسم، في قائمة المشاهير والأعلام والخياليون أسماء كثيرة تنتهي بـ "تاين" كلهم مميّزون للغاية: مسخ فرانكنشتاين المرعب (": ، اينشتاين، ايزنشتاين، فون مانشتاين واحد من أعظم القادة الألمان بالحرب العالميّة الثانية، شعرت لأوّل وهلة عند قراءة اسمه بكتاب ريمون كارتيه (التاريخ الكامل للحرب العالميّة الثانيّة) الى أنه اسم لا يستهان به. بقدر ما يشبه تركيب هذا الاسم الآلات الألمانيّة المعقّدة والمتقنة، تبدو شخصيّة فتغنشتاين، بل تبدو كذلك شخصيّة هذا الاسم.
* اسم لشخصيّة معقّدة وذكيّة ومتبصّرة ويصلح اطلاقه على شخصيّة شريرة ومنعزلة تعاني من الاستعلاء الذي يبعدها عن البشر. شخصيّة يمكن الحديث عنها بصيغة الغائب طويلا، ذات ملامح حادّة وعين أكثر حدّة. باختصار يمكن استخدامه اسما لشخص لا يشبهه أحد. 

لودفيغ فتغنشتاين، كما يبدو -بالنسبة لي- دائما بالصور كأحد المطلوبين 
 
 
55. فيرسن جيتوريكس :
اسم لبطل من بلاد الغال (فرنسا قديما) قاوم يوليوس قيصر ولكنه هزم بالنهاية. 
بالبداية أحب أن أكتبه هكذا "فيرسنجيتوريكس"
في برنامج على قناة الجزيرة عن غزو يوليوس قيصر لفرنسا سمعت هذا الاسم لأوّل مرّة بعد اسهاب المعلق والمشاهد عن غزو الرومان لهذه البلاد وبدء اجتياحها قال المعلّق بصوته المميّز بأن أحدا لم يحاول الوقوف في وجه الاجتياح الروماني إلا شخص واحد وهو "فيرسون جيتوريكس" لتظهر على الشاشة صورة لهذا البطل بشاربه المميّز .كم كنت متلهّفا لحظيا لسماع اسم هذا البطل وكم كان الاسم في محلّه. كنت أسمع توالي الأحداث بقلق على مصيره وكم كان قلقي في محله. هُزم فيرسن وسلّم نفسه لقيصر لكنه اقتيد بشكل مهين وأعدم. لم أنسى الاسم منذ سمعته أول مرة بدا اسما يستحق التخليد في القطع المعدنيّة وفي أذهان وذاكرة الناس والتماثيل. محيت صورة الغال في فرنسا وجاء الفرانك مؤخرا ليستمر نسيان هذا البطل ليعود من جديد باستعادة عاطفيّة قوميّة بالقرن التاسع عشر ليخلد اسمه بعد أن بدأ الفرنسيون ينظرون الى أنفسهم على أنهم غاليّون بالأساس. "أنا الرجل القوي الذي هزمه رجل أقوى منه" كانت هذه كلمات فيرسن الأخيره. أكثر ما أثار دهشتي أن اسمه بجزئه الأول كان مطابقا لاسم أعرفه وأعرف شخصيّته جيّدا وهو الكونت فيرسن في المسلسل الكرتوني الجميل (ليدي أوسكار). "أما فيرسن فهو الوحيد الذي عاد الى فرنسا" عبارة قالتها شخصية برنارد بمسلسل (ليدي أوسكار) ليصف هروب الجميع من حول ماري انطوانيت وكيف أن الوحيد الذي عاد رغم الرعب والاوقات العصيبة وحاول بإخلاص تخليص ماري انطوانيت من محنتها كان الوفيّ فيرسن، كنت أعرف الشخصيّة جيّدا وأحب اسمها لهذا عندما وقع الاسم كجزء أول من فيرسن جيتوريكس أحببت الاسم أكثر. على كل حال فيرسن جيتوريكس تذكره الفرنسيون في فورة بالقرن التاسع عشر وعاد للنسيان جزئيّا بل إنهم أعادوه في مسلسل كرتوني بملامح هزليّة هزليّ. مصير فيرسن جيتوريكس يشبه تماما تمثال شهير يحمل اسم "الأسير الغالي" تضايقت كثيرا لأن الاسم كان يصعب احكام كتابته بالعربيّة أي يصعب البحث عنه بالقوقل الذي لم يحضر عنه أصلا إلا معلومات قليلة.
*اسم لبطل أو لأختصر كل ذلك اسم لفيرسن جيتوريكس ولا أحد غيره. 
 
 التمثال الشهير لفيرسن

 
 56. فيغابانك : 
اسم لشخصية مشهورة بانمي ONEPIECE.  
لا أذكر أول حلقة سمعت فيها هذا الاسم، أجزم أنها كانت باكرة، في المراحل الجميلة من عمر ون بيس. الاسم ليس غريبا عليّ، فيغابانك الشقّ الأول من الاسم أعدفه جيّدا "فيغا" الشخصيّة الشريرة في عالم (جرندايزر) فيغا الكبير. أُستخدم وقع الاسم كثيرا؛ فهو اسم لحاكم الكوكب واسم الكوكب واسم الاشعاع الخطر واسم للشعب الغازي نفسه. ظلّ الاسم بصورته القاتمة الى أن وقع هذا الاسم ثانية بعد سنوات طويلة في أذني مع باز فيغا الممثلة الاسبانية. اسم فيغا كبير ومهيب رغم قصره لكن لفظ "باز" منح الاسم لطفا مربكا. نعود الى فيغابانك، المقطع الأوّل له بالنفس حجم هائل لصعوده مع الألف بعد "الغين" لكن ون بيس أحكم اغلاق نفس الاسم بـ "بانك/بُنك" هذا الوقوف المفاجئ يستدعي حتما وقوفا للانتباه الى هذا الشخص. كعادة ون بيس رائع في تقديم الشخصيّات وعرضها قبل ظهورها بالعلن. الشخصيّة مهيبة وغامضة وطريقة نطق اليابانيين لاسمه يجعل وقع هذا الغموض مدويا بالأذهان. تشعر أنه لا يذكر إلا مع أعمق مشاعر الاعجاب والمهابة. المخترع العظيم فيغابانك والذي يبدو أن عقليته واختراعاته تفوق الوصف حتى في عالم مفتوح الخيال كإنمي ون بيس. بقي أن أقول بأني أحببت كثيرا الصورة التي قالوا بأنها لفيغابانك بشبابه ولكن ...
* بالنسبة لفيغا اسم لشيء، حالة أو حدث يصلح ترديدها كثيرا لأثرها البالغ على الأحداث وحضورها الدائم بالأذهان و المقطع اللفظي "بانك" منح الاسم شخصيّة ونطاق واضح بالأذهان. لاسم شخص فيه كل مافي اسم فيغا لكن في أطار محدّد للغاية. نهائيا لا يصلح كشخصية خيالية مثل فيغا. بل واقعيّة وإن لم تظهر أبدا بالأحداث.
 
 الصورة التي سرت اشاعة متخيّلة أنها لفيغابانك في شبابه - قبل الظهور العلني الأول لشخصيته بالمانغا D: -
 
بالنهاية هذا هو فيغابانك بعد ظهوره D: سبب كافي لتكره الانمي.

 
 
57. كارول :
صيغة أخرى من اسم "كارل" يطلق غالبا على الإناث.   
في برنامج في مثل هذا اليوم على القناة السوريّة -زمان- في اليوم الذي مات فيه مؤلف الرواية الشهيرة (أليس في بلاد العجائب) كنت منبهرا من معرفة قصّة مؤلف هذه الرواية التي أحببت صيغتها الكرتونيّة، بالذات أليس. حاولت أن أثبّت الاسم جيّدا في ذاكرتي عندما نطقت به متحدثة البرنامج وكان طويلا للغاية لويس تشارلز لودفيغ ديكسون وقالت المعروف باسم لويس كارول. الاسم الأوّل شعرت أنه يصلح لمؤلف عظيم بالفعل والاسم الثاني أدهشني كان يشبه لطف القصة الكرتونيّة وأغنية بدايتها في ذهني ووجدته يصلح ليكون اسما للمحببة أليس. الاسم كان خفيفا ولم أحب تخيّل أنه اسم المؤلف الدارج، كنت أتخيل أن الروائي يحتاج الى اسم أثقل لكن مع الأيام وجدت أن كارول ومع تتابع الشخصيّات التي مرّت علي وهي تحمل هذا الاسم مناسب للغاية لاسم المؤلف. كارول جميلة وذكيّة بشخصية لطيفة ومحترمة. هكذا تخيلتها دائما. وتشبه كثيرا "جودي" الاسم الذي يطلق على الفتاة الطيّبة والقويّة في المسلسلات الكرتونيّة عادة لكن كارول أجمل وأكثر اتزانا. 
* اسم لشابة جميلة وذكيّة ومتّزنة للغاية. يصعب نطق هذا الاسم بصورة سريعة أو ناقصة. لهذا أشعر أن حضورها مختلف. في هذا الاسم شيء من هيبة "كارل" وقوّته ولكن بصورته الأنثى.


58. كاكيرو :
اسم ياباني يمكن أن يأخذ معاني عدة مثل التحليق والانطلاق وحجر اللازورد.
سمعته أول مرة من المسلسل الكرتوني (الوميض الأزرق) معاني الاسم على ارتباط وثيق بهذا المسلسل. كاكيرو، الصبي الطيّب، صديق الحصان الأزرق الذي يستطيع الطيران. فتى طيّب وبالعامي "على نيّاته" لا يتّصف بالجبن ولا بالضعف بالمعنى الحرفي للكمة ولكن طيبته تجعل صفاته قريبة منهما الى حدّ الالتباس. لا أتخيل اسما آخر يصلح لهذا الفتى. فهو يخرج من النطق كأنه صيغة محبّبة لاسم أو لشخص ما. كأن الاسم لعبة لفظيّة. رغم وجود الاسم في عالم الانمي إلا أنه لسوء الحظّ لم يمرّ عليّ وكنت سأحب أن أرى وقع الاسم بشخصيّة مختلفة.
* اسم لولد محبوب ويصلح كثيرا لشخصيّة طفولية بأحد البرامج التلفزيونيّة المعدّة للأطفال. ولد يصلح كقدوة لما يكون عليه الفتى الطيّب. 

كاكيرو في المسلسل الكرتوني (الوميض الأزرق)

  
 

59. كيركجورد / كيركجارد :  
اسم دنماركي وتعني حرفيّا حديقة الكنيسة وبالعامي المقبرة -بحسب ويكيبيديا- المعنى الحرفي يساعد على نطق الاسم جيّدا  church yard
لهذه الأسماء ذات الطابع الجرماني الشمالي القديم هيبة وهي التي تنتهي بـ "جارد" كأنها تشير الى زمن عتيق وقريب من أن يكون أسطوريّا لكن الطابع يبدو أكثر حداثة ولينا بـ "كيرك" حيث يصبح كيركجارد. أول مرة قرأت فيها هذا الاسم كان بأحد المنتديات. شعرت بأن من يقرأ له عرف الكثير حتّى يصل الى هذا الاسم المجهول -بالنسبة لي- ولا شكّ وأنه يعرف جيّدا كيف ينطق هذا الاسم. الاسم مميّز النطق ومثله شعرت بأنّ الشخص الذي يقرأ له كثيرا شخص مميّز. نوعا ما شعرت بأنّ معرفة كيركجورد واحدة من أهم متطلبات التباهي بالأفكار. الاسم تحدّي في نطقه من القراءة الأولى وغريب غرابة الأفكار الغريبة. لطالما أقرنت هذا الاسم باسم فتغنشتين.أحببت هذا الاسم وأحببت العودة الى قراءته لأني كنت أنسى رسمه كثيرا. أهو كيركغارد -وهو الرسم الأجمل- أم كيركجورد؟ وهو ما يعتمده المترجم جاسم قحطان. لهذا الفيلسوف طابع فريد عندما تقرأ له أحببت أنني وجدت بعد قراءته شيئا فريدا لا أفهمه بدقّة يشبه ما وجدته ولم أفهمه بدقّة في اسمه. واحد من أكثر المؤلفين الذين سعيت للحصول عليهم والقراءة لهم وفهمهم مع ايمان جازم بأنّ فيهم ما يستحق الغوص في أعماقهم.
* اسم لرجل متعلم يعيش منعزلا إلا أن الجميع يحترمه ولا ينفرون من غموضه ويثقون برأيه.  ويصلح أن يكون اسما لبلدة بعيدة.  

الفيلسوف الدنماركي سورين كيركجورد رسمه ابن عمه نيلز كيركجورد ١٨٤٠ ملامحه لا تشبه اسمه

 
60. لو غالوسينير :
اسم لادميرال فرنسي من حرب السبع سنوات رولاند لو غالوسينير وبه سميت مجموعة من السفن الحربيّة.
 في كتاب عن السفن الحربيّة ذو رسمات جميلة تعرفت على هذا الاسم لأول مرة. بالبداية ظننت أن الاسم ليس اسما بل لفظ يعني شيئا بالفرنسيّة - انظر الى لورودوتابل- كان شكل السفن الفرنسيّة بالحرب العالمية الثانية ومنها هذه جميلا لكن حكايتها تعيسة فهي اما أغرقت غدرا في وهران أو أغرقت نفسها بطولون. حسرة تجد خلاصتها بالغواصة الفرنسية سيركوف. الاسم بالبداية بدا لي جميلا لكنه فاجأني عندما رأيته بكتاب يحكي عن معارك السفن وكانت معركة مينوركا ببداية حرب السبع سنوات. ولأنني أعرف أن كل المعارك فيها تقريبا لم تكن إلا هزائم وانكسارات على الفرنسيين الذي كنت معجبا بالقراءة عنهم لكني تفاجأت بأن هذا الـ لو غالوسينير قد انتصر على الانجليز وفي معركة بحرية! آخر ماكنت اتوقعه نصر فرنسي بمعركة بحرية على الانجليز الذي كنت ابغض واشعر الملل من تكرار انتصاراتهم البحرية وانا أقرأ D:  لعل هذه المفاجأة صنعت ذلك البريق للاسم في ذهني. 
* اسم لشخص مقدام باتزان. ويصلح اسما لسفينة سريعة ومغامرة تعمل وحيدة. لفظ الاسم يأخذ الفم لأقصى امتداداته لهذا أشعر بأنه لشخص يستطيع الذهاب بعيدا الى أي شيء.  

 
 
61. لاكوندامين :
اسم لعالم فرنسي هو شارل لاكوندامين 
في مسلسل كرتوني عن المستكشفين سمعت هذا الاسم لأول مرة. رغم طوله لكن نبرته الأنيقة جعلته سهل الحفظ بالنسبة لي. أتذكّر الحلقة جيّدا بالبداية لم استمتع كنت أحب قصص مستكشفي البحار ولاكوندامين مستكشف للأمازون. ماكان ملفتا أن لاكوندامين كان بكامل هندامه في الحلقة وهو بين الغابات والسكان الأصليين والأنهار. استغربت أن اسم هذا العالم والمستكشف ظلّ قابعا برفق في ذهني واحببت ترديده في ذهني بسبب وقعه. كنت أحب التفريق بين الأسماء الانجليزيّة والفرنسية وهذا الاسم كان فرنسيا للغاية وكثيرا ما أحببت وقع أسماؤهم لفظيا
* اسم لشخص أنيق ومتعلّم يصلح لشخصيّة أكاديميّة ومحترمة وليست اعتياديّة ولا عدوانيّة ولا يقطّب حاجبيه كثيرا. بل لطيف ويراعي الايتيكيت كثيرا.   
 
 لاكوندامين كما بدا في المسلسل الكرتوني


62. لو رودوتابل :
كلمة فرنسية Le Rodoutable تعني المرعب أو المروّع -تقريبا-
في كتاب عن السفن الحربيّة وطرازاتها مرّ علي هذا الاسم لأول مرة وكان اسما لغواصة فرنسيّة، الاسم تكرّر مع كتاب آخر عن تاريخ المعارك البحريّة وأطلق على سفينة فرنسيّة. الاسم لفت نظري لأني لم أحكم نطقه لأول مرة لكنه بعد تكرار بسيط استحسن لساني الاسم ظننت بالبداية أنه اسم لشخص مشهور وتخيّلته ولم أتخيّل أن يكون الاسم مرّ علي كما مرّت علي مئات الأسماء الفرنسية دون أن أنتبه كنت أدرك بأني كنت سأحب الاسم حتما الى أن علمت أنها كلمة ولها معنى بالفرنسيّة. تخيّلت الاسم لسفينة مجيدة وشجاعة قضت وحيدة بمغامرتها، هي من ذلك النوع من السفن التي تحقق انتصاراتها منفردة، ولم أتخيلها جزء من اسطول كامل. هذا الاسم وجدته لكن في مخيلتي كاسم للسفينة الفرنسية الحربية التي ظهرت في فيلم راسل كرو Master and Commander: The Far Side of the World (2003) يحكي الفيلم عن سفينة انجليزية تطارد سفينة فرنسية داهمتها أكثر من مرة كانت الفرنسية مثل الشبح تظهر وتختفي فجأة وكانت جسورة.
* يصلح كثيرا لسفينة قراصنة كانوا بحارة لكنهم تمرّدوا وانطلقوا بمغامرتهم وحيدين الى أن وصلوا الى جزيرة نائية وعاشوا بعدها في عزلة وسلام.

63. لوسيان :
اسم فرنسي بالغالب ومن اصل لاتيني "لوسيانوس" ويعني الضوء
في كتاب اسمه (نابليون) لأوكتاف آوبري، في الفصل الذي بدأ يتحدّث عن عائلته وأشقاؤه. كان كل شيء يبعث على الضيق الى أن وصل لشقيقه لوسيان. اختلف الحديث وبدأ الكلام مشرقا عن لوسيان الوحيد الذي بدا كأخ لنابليون أكثر من غيره. لهذا التصقت صفة الشخص الطيب لهذا الاسم في ذهني وتخيلته الأكثر أناقة ووسامة من بينهم.هذا الاسم يغدو أكثر بريقا ان كان اسما لشخصيّة المانية كونه نادر وغالبا ما يكون لالماني له جذور فرنسيّة مثل الاسم القادم "مارسيل"
* اسم لشاب أنيق، طيب ووسيم يعتمد عليه وان بدا ضعيفا لكنه يحمل في قلبه اصرارا لكل شخص قريب له. كثيرا ما تخيلت أن شخصية ماريوس في رواية البؤساء لهوغو اسمها لوسيان 
 
64. مارسيل :
اسم للناطقين بالفرنسية في الغالب من أصل لاتيني من مارسيليوس منسوبا الى "مارس" اله الحرب عند الرومان
يشبه هذا الاسم لوسيان كثيرا لكنه أكثر حدّة وصلابة منه. مر عليّ الاسم كثيرا لكنه استوقفني أكثر عندما قرأت عن مؤسس شركة داسولت الفرنسية لصناعة الطائرات "مارسيل داسولت" الاسم اندفاعي أكثر من ماريوس ويحمل صفاة لوسيان وأكثر هكذا شعرت مع كل من يحمل هذا الاسم. والتصقت المعاني أكثر عندما مررت بالطيار الالماني هانس مارسيل. بدا وكأنه صورة كاملة عن مارسيل الذي أتخيله ومازاد روعته أن الاسماء الفرنسية الأنيقة تغدو مميزة أكثر عندما تكون لالماني مثل الوسيم هانز مارسيل وهو أحد أبطال سلاح الطيران الألماني بـ ١٥٨ انتصارا. أصوله من الهوغينو الفرنسيين الذين هاجروا قديما لالمانيا. وآخر مارسيل مرّ علي هو مارسيل من انمي "هجوم العمالقة" 
* ان تخيلت شخصا أكثر قوة واندفاعا وطيشا من لوسيان سيكون اسمه مارسيل وغالبا ما أتخيله اسم شخص بزغ نجمه سريعا ونال حياة مجيدة ولكن قصيرة. يترك أثرا مثل نجمة بالسماء.     
 
الطيار الالماني هانس مارسيل
 


65. ماغنوم :
اسم لمسدس له حظور أيقوني بالأفلام. 
ماغنوم بدا وكأنه شيء خاص جدّا عندما سمعته اول مرّة بلسان سكورسيزي الذي ظهر في مشهد من فيلمه الجميل الذي أخرجه Taxi Driver (1976) الحديث عن الفيلم لا ينتهي لمعانيه. لكن سأقف عند ماغنوم. ذلك الاسم الذي يشبه رنينه اسم القطع والآلات المتقنة في الأعمال الخيالية. تكرار سكورسيزي لهذا الاسم بالمشهد أشعرني بأنه يعتمد عليه ويؤدي مهتمه بنجاح هذا الـ ماغنوم. لدي شعور بأنّ بعض الأسماء صممت صوتيّا ليسهل تعلّقها بالذاكرة ومنها هذا الاسم. 
* اسم لأداة أو آلة مقتنة الصنع، تصلح في عمل يتحدّث عنها بتهيّب ويتمّ التلويح كثيرا بإمكاناتها وليس بالظرورة أن تظهر الإمكانات فعليا في مشهد أو غيره. الحديث عنها يكفي. 
 
سكورسيزي وحديثه في الفيلم عن ماغنوم

 
 
66. ماكس :
اسم مختصر للاسم اللاتيني "ماكسيموس" ويعني الأعظم. ومن أشكاله الأشهر بالألمانية والفرنسية ماكسميليان -أنظر رقم ٦٧-. 
لا أذكر المرة الأولى التي التقيت فيها هذا الاسم، لكن أذكر في عالم الكرتون كأنه كان اسما لشخص يظهر في حلقة معيّنة، عنيد ولا يحبّ اتّباع الأخرين. مثل هذه الشخصيات تمرّ كثيرا تلتقي بأبطال العمل بلحظة خصام أو بموقف حادّ وينتهي بتصالح ومحبّة الجميع. كأن ماكس الذي أذكره كان طيّبا لكن حدّته تخفي طيبته لأوّل وهلة. يوجد ماكس آخر في فيلم (2009) Inglourious Basterds - أنظر رقم ٦٧-  
* اسم لشخصيّة لا تظهر كثيرا لكنها تترك علامة مميزة بالأذهان ويجول بالخاطر بأنها طيبة لولا حدّتها. اسم يعطي علامة تشبه رسم الاسم بالأحرف الانجليزية Max
 
67. مترنيخ : 
اسم لوزير الخارجية النمسا الهابسبورغية أيام الحروب النابليونية وعراب اتفاقية "فيينا".  
عند القراءة عن الحروب النابليونية مرّت علي أسماء كثيرة  قواد المعارك غالبا من كل دولة باستثناء دولة واحدة مرّ علي كثيرا اسم وزير خارجيتها على غير العادة. مالذي يجعل هذا الاسم يزاحم قواد المعارك؟ مثل ني، بلوخر، كوتوسوف، لانس، سولت والكثير. بدا أن صاحب هذا الاسم داهية ومؤثر وهو ما أصبح واضحا مع انتهى الصفحات التي أقرؤها عن الحروب النابليونيّة بالتحديد عند توقيع معاهدة فيينا حيث استطاع أن يبرز اسم بلده كقوة رئيسية رغم عدم مشاركتها في المعركة النهائية واترلو. لهذا ارتبط الاسم بالنسبة لي بصفة الدهاء واستغلال الفرص وفرض المكانة. بدأت أتخيل ملامح هذه الشخصية كل مامرّ الاسم عليّ وتخيلته بملامح حادة ووسيم نسبيّا لكنه اللوحة التي تصوره أظهره كشخص وسيم بملامح ناعمة نسبيّا. 
* اسم يصلح لشخص يعمل بالخفاء ومؤثر وقد يتضح بالنهاية أنه اسم مستعار لشخصية هامة. أناني وان اتصف كثيرا بالولاء لأسياده.  

وزير الخارجية النمساوي مترنيخ

68. ماكسمليان :
أنظر رقم -٦٥-
ماكسمليان روبسبير كان أول من مرّ عليّ وبدا الاسم لي لائقا بتعقيده وطوله لمسيرة روبسبير وقوة رنين هذا الاسم حيث يصعب نطقه بالهمس و غراف فون شبي الأميرال الألماني الذي انتصر بمعركة كورونيل ١٩١٤م  على الانجليز وهزم ومات منهم بمعركة فوكلاند نفس العام. اسم برز كثيرا بفضل انتصاره وان لم يحتل غالبا من صفحات كتب حروب الحرب العالمية الأولى إلا صفحة أو صفحتين وعاد للظهور مجددا من خلال طراد حربي سمي باسمه في الحرب العالميّة الثانية أيضا مثل صاحب الاسم اشتهر الطراد بمغامراته في أعالي البحار بعيدا عن بحار المانيا واختفى الاسم سريعا باغراق الطراد في خليج لابلاتا في الأوروغواي لفت نظري تشابه مسيرة الاسم مع الشخص والسفينة وكلمة قائد السفينة الأخيرة قبل استسلامه وانتحاره. لهذا وعلى خلاف روبسبير تصورت صاحب الاسم بطلا يخوض معارك سريعة وينتهي نهاية بطوليّة ورغم قصر خدمته لا ينسى بسهولة. وعاد الاسم للظهور معي هذه المرة من خلال الفيلم الأمريكي (Inglourious Basterds (2009  كانت شخصية لم تُري طفل لجندي الماني بنهاية الحرب العالمية الثانية علم الجندي أنه رزق بمولوده وهو بعيد عنه بفرنسا ويود رؤيته ابنه في فرانكفورت لكنه مات مع الأسف في الفيلم.
* اسم لجندي مقاتل يقوم بدور بطولي لا يذكر إلا فيه. ولا يحتل مكانا في القصة إلا من باب الذكر والتكرار.

ماكسمليان غراف فون شبي الذي مات بالسنة الأولى من الحرب العالميّة الأولى

الطراد الذي حمل اسمه وأغرق أيضا في السنة الأولى من الحرب العالميّة الثانية


 
69. ميثريدات :
اسم من أصول فارسية ويعني هِبة ميثرا وهو إله أو ملاك زرادشتي.
"لقد انتقمت من الرومان ماستطعت إلى ذلك سبيلا وإن الموت هو من سيمنعني من إكمال هذا الانتقام" قالها ميثريدات السادس ملك البنطس قبل تجرعه للسمّ تفاديا لأسره، هذا النصّ من مسرحية راسين التي تحمل اسم الملك، كتاب بحثت عنه طويلا طويلا ولم أجده. أيام الرومان اعتاد سكان روما الطغاة على رؤية ملوك البلدان يجرجرون بالساحات ويهانون قبل اعدامهم والتنكيل بهم. كانت روما تفعل ذلك بكل ملك يعارضها لهذا أصيب الجميع بالفزع وخضعوا للرومان بملء خوفهم باستثناء أبطال تاريخيين كانوا حالات استثنائية مثل يوغرطة الملك النوميدي (في الجزائر) وفيرسون جيتوريكس -أنظر فيرسنجيتوريكس  - في كتاب مونتسكيو عن تاريخ امبراطورية الرومان قرأت لأول مرة هذا الاسم وذهلت من بين الأسماء التي خضعت وبعضها لم تذكر حتّى أجد هذا الملك يقود ثلاثة حروب مستعرة ضد الرومان بجبروتهم وأتعبهم كثيرا حتّى استطاعوا التخلص منه عن طريق الخيانات والتي لطالما كانت نهاية لمسيرة الأبطال التاريخيين. ملك بكلّ جدارة استطاع استنهاض الشعوب ضد روما بطريقته ودهائه وسياسته كانت مقولته الواردة في مسرحية راسين الخاتمة المثاليّة التي جعلت هذا الاسم يرسخ في ذهني كثيرا.
* اسم يصلح لملك اسطوري تدور حوله الحكايات والبطولات التي لا يعرف أحد على وجه الدقة ان كان فعلها أو ان كان موجودا بالفعل لكنه موجود بقوة في أذهان الآخرين.
 
ميثريدات السادس ملك البنطس
 
 
70. مورمانسك :
مدينة وميناء في أقصى الشمال الروسي.
شاهدت الاسم لأول مرة على الخريطة دون انتباه معتبر إلا أن تكرار هذا الاسم في الكتاب الذي أحبه "التاديخ الكامل للحرب العالمية الثانية" لريمون كارتييه جعلتني أقف عنده أكثر. الميناء كان نقطة اتصال للحبل السرّي الذي مدته أمريكا لدعم الاتحاد السوفييتي وبه نجت من أي شحّ يطالها في مجهودها الحربي لمقاومة الألمان. بدا مذهلا أن يبدو هذا المكان البعيد حيّا ومهمّا إلى هذا الحدّ، الاسم بمقاطع حروفه لا ينسى وان ذكر لمرّة واحدة. وحدث والتقيت بالاسم بمكان آخر في حساب انستغرام يصنع أكوابا جميلة، قرأت الحساب وأين يسكن وكان يسكن مورمانسك.
* اسم لمكان يذكر لمرة واحدة بحدث معيّن يعنيه.  
 
مورمانسك وموقعها البعيييد في أقصى الشمال الروسي.


71. هارولد :
اسم انجليزي قديم يعود به الى جذوره الجرمانيّة القديمة حيث وجد الاسم سابقا وصيغته الاسكندنافية هارالد.
من هذا الاسم بدأت معي حكاية الأسماء بصغري. أول اسم فتنت به في قراءتي الأولى لكتاب مايكل هارت (المائة الأوائل) أيام كان التاريخ فيها ضبابيّا بالنسبة لي قرأت عن وليام الفاتح والمعركة التي انتصر فيها ومنها استولى على عرش انجلترا لتتغير انجلترا الى الأبد بعد معركة هاستنجز ١٠٦٦م وقتها كان الطرف المدافع عن الشعب الانجليزي ملك منهم يدعى هارولد كان هارولد بالنسبة لي من المائة معه بدأت حكاية التعاطف مع الأبطال المهزومين، اسم يستحيل قطعا تجاهله ويستحيل قطعا ذكر هذه المعركة دون ذكر اسمه مهما طغى الحدث التاريخي الكبير ودور وليام الفاتح سيظل اسم هارولد يتردّد بقوّة. في تلك الأيام لم يكن ممكنا القراءة عن هارولد، بحثت عن كتب عنه ولم أجد الى الآن بالكاد كنت أجمع ماستطعت عنه وكيف أنه خاض هذه المعركة بعد انتصاره الكبير في معركة ستامفورد بريدج ضد الدنماركيين إلا أن حظه لم يسعفه واضطرّ لقطع مسافات طويلة ليتصدّى لوليام الفاتح لكنه هزم بفعل الظروف. تخيّلت وربما يكون وهما كم كان الأمل به كبيرا، لا أتخيّل أن موته مرّ دون أن تحيى في الأذهان خرافة أن يعود للحياة أو أن يولد مثل الملك الاسطوري آرثر. تقاطيع الاسم بحروفه كأنه كان منتقى ليرسخ في ذهني لم أنسه ولا أدري كيف تمكّن من ذاكرتي بعد نطقه أحب حرف الـ "هـ" في الأسماء بداية نطقه الاسم لطيفة لكنه يصبح أكثر قوّة عند نهايته، يصعب أن ينطق بامتهان أو بشكل عابر إلا ويبدو للذهن أنه اسم لشخصية مهمة. لا توجد صورة مشهورة له ولا بورتريه تخيّلي يصوّره وأجده هكذا أجمل. 
* اسم لشخصيّة حقيقيّة وأسطوريّة تحكى بحنين وأمل للعودة الى زمن ما أو مكان ما أو لعودته هو. يصلح أن يطلق على عهد يشعر الناس بالحنين اليه.    
   

72. هانس :
اسم جرماني ظهر بالسجلات في السويد لأول مرة قبل أكثر من ٧٠٠ عام وهو نطق مختصر للاسم جوهانس/يوهانس وتعني كذلك جون الصيغة الانجليزية ليوحنّا.
أخيرا وصلت إليه. أصعب اسم في المجموعة ان كان هارولد - الرقم ٧٠ - أول اسم فإنّ هانس أقرب اسم وأعمقها. أول مرة عرفت فيها هذا الاسم من شخصيّة البحار هانز صديق سيلفر في المسلسل الكرتوني (جزيرة الكنز) وفي الرواية اسمه مختلف "هاندزه" ومن يدري ربما لو التزم المسلسل الكرتوني بالاسم لما علق الاسم في ذهني بهذه الصورة أحب أن بعض المدبلجين والمؤلفين يغيّرون الأسماء الى أخرى تناسب أكثر. حدث ذلك بالذات في الحلقة التي قطع فيها جيم حبل مرساة السفينة عندما بدأت تتخبط في العاصفة وبدأ بحارة السفينة بالشجار ومن بينهم هانز الذي عجز عن احكام السيطرة عليهم وقتلوا بعضهم أصيب هانز وقتها بالجنون وصل سيلفر القلق الى السفينة ليطمئن عليها وتفاجأ بأن هانز أصيب بالجنون يكلمه ويدعوه ولا يستجيب كان سيلفر يقول "أنا صديقك" وأخيرا قال "مسكين هانز أصبح مجنونا" أحب أن سيلفر كان يصرّ على أن ينادونه بالقبطان ولكنه ينادي البحارة في أوقات معيّنة بصديقي حدث ذلك مع أندرسون -أنظر اسم أندرسون- وعاد الاسم من جديد مع قائدالالماني المشهور بالحرب العالميّة الثانية ومبتكر حرب الصاعقة بالدبابات هاينز جودريان، على أن اسم هاينز مختلف تماما عن هانس/هانز لكني اعتبرته نفس الاسم مع جودريان، كل الاعجاب والانبهار بالجيش الالماني في بداية الحرب العالميّة الثانية يعود الفضل فيه لبضعة أسماء أبرزهم وأشهرهم هاينز. رسخ في ذهني أنه اسم لشخص يعتمد عليه كثيرا ويعرف ما يفعله وبدأ الاسم يبني موقعه في ذهني مع تكراره أكثر هذه المرة مع الموسيقي الالماني الذي أحب تقريبا كل فيلم يتواجد فيه هانس زيمر خصوصا بأغنية Now We Are Free التي غنتها ليزا جيرارد في الفيلم الجميل (Gladiator (2000 كما أنه في كل فيلم يضع هانس بصمته وجدت الاسم يضع بصمته في كل مرة يمرّ فيها من أمامي، في كل الأفلام والكتب والأسماء عاد الاسم في قصة (هانسل وجريتل) من القصص الخرافية للأخوين جريم. هانسل تصغير هانس وكان الصبي هانسل فعلا كما هانس دائما يعتمد عليه. وعاد الاسم ثانية معي في الفيلم الالماني الجميل (Nordwand (2008 عن متسلقي الجبال وبعد ان اختفى اثنين من المتسلقين في مسابقة تحدي تسلق الجانب الشمالي المرعب من ذاك الجبل في الجو العاصف ذهب أحد معارف المتسابقَين الى متسلقين سويسريين من سكان البلدة ليبحثوا عنهم لكن الجو كان عاصفا وحاول صديق المتسابقين حثّهم على الخروج للبحث لكنهم كانوا يتناولون طعامهم على الطاولة في كوخهم لم يستجب أحد؛ الجو عاصف ومرعب وبينما الصمت كان يخيّم على المكان التفت صديق المتسابقَين ومال بصوته الى أحدهم قائلا "هاااانس" راجيا هانس أحد الجالسين أن يساعد في البحث عنهم لم ينادي إلا على هانس. الاسم تكرر معي مرارا وتكرارا وفي أثناء بحثي عن شخص مجهول لكن اسمه بقي في بالي الى الأبد "زيلويغر" كنت أبحث عن زيلويغر هذا لأجده أخيرا واسمه الأوّل لم يكن إلا هانس!. من حينها وهذا الاسم ارتبط معي بعمق، حتّي أني تخيلت لو كنت سأراسل شخصا مجهولا أبوح له بكلّ شيء كنت سأسميه هانس كنت سأعتمد على كتمانه ويكفي إن لم يقل شيئا أن يكون اسما موجودا أكثر من شخص موجود. كتبت الى هانس أكثر من مرة في المدونة في  رسالة -٢٠- و في رسالة -١٩- و في رسالة -١٨- وأخيرا في رسالة -١٧- لا أدري لم هانس بالذات يبدأ الاسم من الرئة مع حرف الهاء لينتهي بكتمان الانفس مع النون أسماء قليلة لها تلك النبرة عندما تخاطب أحدهم بقرب وتودّد وأمل مثل هااانس وكأنك تنظر منه أن يستجيب لك ألهذا أحببت كتابة الرسائل الافتراضيّة إليه؟. وأيضا مارسيل ، هانس مارسيل الذي مرّ معنا في الرقم -٦٣- ويوجد هانس آخر وهو هانس جيشونيك القائد في سلاح الطيران النازي، كان قد خلف قائد سلاح المطاردات ارنست أوديت لكن أوديت انتحر عام ١٩٤١م ليلحقه هانس منتحرا بعد عامين.
* اسم لشخص ما ، عندما تحكي حكاية عن مكان وأناس ما وتذكر قصة لأحدهم فيها عبر ومواقف سيكون هانس. أو اسم لصديق جيّد تثق به، صديق طفولة أو صديق أخذ معك قسما من الزمن وبقي بعدها طول الزمن في ذاكرتك. غالبا إما في الأربعين أو صبيّ صغير ولا أتخيله شابّا يافعا أو مندفعا. 
 
هانس جيشونيك بالقرب من هرمان غورينج كان هانس قد قال في رسالة انتحارة إنه لم يعد يحتمل العمل مع غورينغ أكثر
 
 
بوستر الفيلم الجميل Nordwand
 
 
هانز قبل الوصول الى جزيرة الكنز
 
 
هاينز جودريان وكنت أحسب اسمه هانز جودريان
 
73. هايوما :
شخصيّة البطل في المسلسل الكرتوني "البطل خماسي".
لم أعرف إلا هايوما البطل خماسي أثار الانتباه غرابة ارتباط الهاء بمقطع "ـيوما" شعرت أن التفافة حدثت بنطق هذا الاسم صدفة ليكتشف اللسان اسما لطيفا.
* يصلح أن يكون اسما بشخصية انمي تشبه ملامحها كوجي كابوتو في مسلسل "جرندايزر" وسيم وشاب مندفع دون تفير ويتعلم سريعا من خطئه. 
 
 هايوما في (البطل خماسي) بملامح تشبه كوجي كابوتو


74. ويليام بارينتس :
اسم لملاح هولندي (١٥٥٠-١٥٩٧) أوائل من أبحر باتجاه القطب الشمالي وسمّي البحر الذي خاضه باسمه وتوجد مدينة باسمه بارينتسبرغ.
في كتاب مصوّر وجميل وفريد عن الرحالة المستكشفين قرأت عنه لأول مرة وشاهدت خطّ مسيره على الخريطة وكم بدا المسار مخيفا للسفر في تلك الأيام والظروف حدث ذلك في زمن انبعثت فيه حمّى محاولة اكتشاف أي طريق يؤدي الى الشرق. ذهب بارينتس في ثلاثة رحلات الى هناك ومات في الرحلة الثالثة. الصورة الموجودة هي نفسها الموجودة في نفس الكتاب وتعكس ملامحه وتعابيره فيها الاصرار وقلة الكلام والعناد للوصول الى هدفه وبدى بالنسبة لي كثيرا أن اسمه يشبهه تماما.
* اسم لشخصية تذكر باحترام لما فعله ويأتي نطق الاسم في آخر الحديث عنه.  
 
 هكذا بدا وليام بارينتس في الكتاب

 
74. يوهان :
اسم اسكندنافي يعني يوحنّا وهو الاسم الطويل لهانس.
كان أول يوهانس/جوهانس مرّ علي في مسلسل كرتوني يتحدث عن اعظم العلماء والمخترعين وكان مخترع الطباعة جوهانس جوتنبرغ أحببت نبرة الاسم الأولى خاصة صيغة النطق "يوهانس" المرتبط كثيرا بهانس. لكن القفزة التي أحدثها الاسم في ذهني كان مع مسلسل الانمي العظيم Monster وشخصيته الرئيسيّة يوهان. لا يمكن أن يغيب هذا الاسم عن بالك في هذا العمل سيظل يتكرر  كما يتكرر في ذهن الدكتور تينما. على أن صور جوتنبرغ مخترع الطابعة يوهانس قديمة إلا أنه بدا فريدا وعبقريّا كفاية ليقف جنبا الى جنب رغم أسماء عظيمة على وزن نيوتن وديكارت. يوهان يترك بصمة لا يمكن محوها. 
* اسم لم يختصره عمل بهذه الروعة مثل انمي Monster . شخصيّة غامضة وحاضرة مقاطع حروفه المناسبة للهمس تجعله كذلك.

مسك الختام يوهان في مونستر



-أخيرا-