الأربعاء، 2 سبتمبر 2020

الحياة تضيق داخل جلده

 



"مالذي ينقص هذا الكرسيّ حتّى يكون مريحا؟" 

لطالما تساءل عن عدم اكتمال أي شيء جيّد من أجله. قام بغسل وجهه ليشم رائحة الماء، وبدأ يجفّف الماء من وجهه ليشعر بلذعات الهواء أكثر على جلده، والذي يزعجه الشعور بأنه يتصبّب عرقا من الداخل. 

 

"كلّ شيء جيّد لهذا اليوم؛ لم أضطر للقيام بأي عمل جديد بالنسبة لي. إعتدتّ إلى الآن على أداء هذا القسط المريح من الأداء مع الناس" قال ذلك رغم أنه يبقيه بعيدا عنهم. 

 

"لديك زيارة للسيّد # " فاتحه مدير عمله بذلك قبل أن يرحّب به بشاشة. 

"هل سأحتاج لبذل مجهود أكبر على ملامح وجهي؟ جلدي ملتصق بشدّة وتحتاج رسم التعابير إلى عضلات أقوى. بالأمس أدّيت جيّدا لكنّي أنهكت عضلات وجهي في رسم ابتسامات لم تكن ظرورية" قالها مستعطفا مديره.

 

"ستعتاد على المقدار الأدنى من هذه الابتسامات مع الوقت" قالها بعد أن رسم له ابتسامة موزونة وأردف قائلا "ليس عليك على كل حال أن تحرّك وجهك كثيرا، السيّد # بالكاد يرى جيّدا"

 

اطمأن صاحبنا * لذلك قائلا "هذا يعني أن أتكلّم بنبرة ألطف أو أرسم بها عوضا عن تجاعيد وجهي ابتسامة مسموعة"

 

ردّ عليه المدير بكلّ رضى "كدت تتقن كلّ شيء، لم يبقى عليك إلا القليل يا * "

 

أمام المرآة، بدأ بتحسين هندامه ويتأكد أن يظهر بالمرآة بالشكل اللائق، ليبدأ عمليّة تجميد هيئته بأحسن هيئة ممكنة، ويحملها كما هي إلى عمله للسيّد # . شعر بانزعاج طفيف، الجلد مشدود على جبينه أكثر وهو يخشى أن يتقرّح. 

"ليتهم قالوا لي بأن مرهم الوجه أهم بكثير من أشياء أخبروني بأهميّتها" قالها متأففا. 

 

أثناء مشيه خارجا للسيّد # لم يخفى على أحد بأنه كان يواصل وضع اللمسات الأخيرة على هندامه. رغم وضعيّة الجمود التي غطس بها غامرا تفكيره. لم تكن تلك اللمسات التي لا تحدث فرقا في حالة الجمود أن تنتهي إلا لحظة دخوله على السيّد ( .. )

 

يقفز الى الرصيف و يشعر بأنه تجاوز شيئا أكثر من البضعة سنتمترات التي تجاوزها بالفعل لامتطاء الرصيف. بدأ يتخيّل نفسه وهو يجري أمام الملأ ويقفز بين فترة وأخرى. هل سينال ذلك الشعور، الشعور بأنه تجاوز شيئا لا يعرفه ويستمر بالقفز أكثر؟

" في اليوم الذي أودع فيه هذا العمل المقيت، سأقفز خارجا منه" 

 

لم يضطر لإظهار مالم يعتد عليه مع السيّد ( .. ). كلّ شيء سار بهدوء. عدا أن شعورا عاصفا كان يعصف في داخله. حاول التماسك أكثر. فهو لا يريد تمزيق هيئته التي باتت تخنقه أكثر ويحاول طرد فكرة تمزيق كلّ شيء والقفز خارجا من كلّ ذلك. 

 

شعر بأنه يرتدي شيئا أجبر عليه على غير رغبته وطبيعته التي قاسى منها ومن أجلها. ( ذلك يشبه ارتداء ملابس شتويّة في صيف قائظ وتحمّل درجات الحرارة العالية وإشادة الأشخاص البليدة والتي ترفع درجة حرارة جسده المحرج أكثر) 

 

وبعد أن وصل إلى غرفته الوحيدة أخيرا وتكرار قول "كلّ شيء جيد لهذا اليوم .. " وبكل حذر وهو يراقب إن كانت غرفته خالية تماما وبعد إغلاق الستائر بحذر كي لا يراه أحد على حقيقته والظهور عاريا بها. وبصعوبة قام بنزع جلده المزعج وأطلق جسده تنهيدة قويّة بحجم الإختناق لهذا اليوم. 

 

 

 



ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق