الأحد، 12 أبريل 2020

الصعود من الأعماق





كان المكان المحشور الخانق والضيق في أعماق المبنى أوسع من العالم الذي كان ضيّقا بحياته التي لا يمكن الهرب منها.

لم يكن يبالي بالسواد الذي يلطخ وجهه في كل مرة. ولا بذلك الغبار الذي يشعره بتلوث رئته. المكان في غاية البرودة.  لكنه عصيّ على الرياح. قلبه مع من يطلّ من فوقه، عند السطح المعرض للرياح. قلبه كان بالأعلى. 

رائحة ساعات طويلة من الجلسات العائلية بدأت تملؤ المكان بالعمق. يحكّ الجدار بأصابعه كأنه يمسح الغبار عن حديث عالق بالمكان. بدا غريبا أن يميّز ذلك بدقة، أشياء لم يعتد عليها كثيرا. 

بدأ يثني ركبته لينزل من عتبة شعر بوجودها رغم الظلام. 

"المبنى يبدو أكثر طولا من الأعماق"

أنهى كلّ شيء

صعد عائدا الى العتبة، وأكمل صعوده بعيدا للأعلى. المكان أشبه بالأنبوب. أو حفرة اسطوانية لطالما استيقظ فزعا من نومه بمجرّد شعوره أنه في جوف واحدة منها. اقتراب الكابوس كان كافيا لإفزاعه. 

متشبثا بالحبل الذي كان مشدودا بصاحبه أكمل صعوده. شدّ الحبل بقوة على خصره. شعر بأن خصلاته متصلة في أعماقه.

أطل أخيرا خارج أعماق المبنى. الهواء منعش وبارد. بدأت رئته تتنهّد. وبدأ ينفض عن نفسه أحاديث أهل المنزل التي علقت به. بعد أن أصبح خاليا منها. بدأ ينظر الى عينيه. إلى سماء شعر بأنه كان يحلق للوصول إليها من الأعماق. خارجا من الفوّهة وكأنه ولد من جديد.

من فوق سطح المبنى الكبير، حيث يحلو التحديق طويلا إلى المباني والسقوف التي صف القرميد فيها بعناية  وكأنها منظر خلاب صنع خصيصا من أجلهم.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق