الثلاثاء، 13 يونيو 2023

-٣٤-

 


ليتك تعرف مالذي تعنيه هذه الصورة بالنسبة لي؟ لن أكذب لو قلت بأنها واحدة من أهم  عشر أو خمس صور رئيتها في حياتي -موضوع صور أثّرت بحياتك يبدو شيّقا؛ له وقفة لاحقة- بعيدا عن الرومنسيّات واجترار الحديث عن الذكريات. هذه أوّل صورة رأيت بها زيّ برشلونة، في صغري بمجلة قديمة ومهملة قلبت الصفحات -لا أذكر أكنت حينها أعرف القراءة أم لا- لكن "يلعن" كم يبدو اللون الأحمر والأزرق فاتنا بشكل لا يصّدق! أحببته وحينها لا أذكر من سألت وقال لي: هذا هاجي والآخر ستويشكوف لاعبي برشلونة ومن بعدها وأنا برشلوني الى الأبد. 

 

منذ فترة كنت وددت الحديث عن كرة القدم كثيرا. بعيدا عن محبيها الصاخبين والمحللين الذين يتحدثون بلغة الأرقام الكسولة وهم يقولون هذا أفضل وهذا أعظم من هذا، عليك أن تعرف أن كلّ الأرقام عليها أن تخرس أمام مدرب نوتنغهام فورست الراحل براين كلوف الذي حقّق مع نادي صاعد من الدرجة الثانية دوري الأبطال مرتين متتاليتين وقبلها الدوري مع فريق صعد به. لكي لا أشعرك بالملل؛  قد لا تبدو محبّا لكرة القدم وأعدك أني سأتحدث عن ما سيحبه كل انسان في عالم كرة القدم، قصص الوفاء، الحزن والفرح وبعض اللقطات الغريبة. سأجرب أن أقول ما أرغب بالحديث عنه من أحداث دون سردها. لحظات غريبة مثل معانقة كاسانو للحكم الرهيب كولينا  وعن اللاعب الذي أصرّ بعناد على ارتداء الرقم "١٣" في فرقه متحديا المعتقد الذي يقول بأنه رقم مشؤوم ومع ذلك لا أذكر وجها حزينا مثل وجهه -قد يهمك أن تعرف اسمه- عن الفرق ذات اللعب الجميل والتي ياللحسرة لم تتجوّج لهذا قلّة من يتذكّرا روما سباليتي مثلا وغيره وأجمل فريق مرّ بالتاريخ برشلونة من قدوم رونالدينهو وصولا الى بيب حتّى رحيل ميسي، لن نحسد الأجيال السابقة على مارادونا. ماكنت أشعر به وأنا أتابع مباريات السيريا أ مثلا بين سيينا وأتلانتا وأسماء أشكّ بأنّ أحدا سيتذكّرها. 

أطلت الحديث؟ هذه ليست الطريقة الجيدة للحديث عن كرة القدم، هل يمكن أن يُكتب شيئا عنها أجمل مما ترويه المقاطع؟  يمكنك أن تقرأ تصريحات بيب غوارديولا وهو الأكثر واقعيّة وتصريحات زالاطان -الاسم الذي أطلقه على زلاتان ابراهيموفيتش- الأكثر جنونا من الجميع. أتذكّر منتدى اسمه "الهدف الرياضي" كان يجمع عشّاق الكالتشيو (الدوري الايطالي) وهم أجمل من يتحدّث عن كرة القدم. كانت المواضيع هناك بجمال المواضيع التي تتحدث عن الشعر والتي كنت أقرؤ الكثير منها ذلك الوقت. أؤكد أني قرأت ما يمكن منه اخراج أمتع وأجمل الكتب حتّى لمن لم يشاهد مباراة كاملة في حياته.

 

أعود الى الصورة أول مرة رأيتها كنت صغيرا وكنت ألحّ بحثا عن زيّ برشلونة بألوانه التي فتنتني، للأسف لم يكن هنالك أيّ لبس بهذه الألوان، وماوجد كانت درجات الأزرق والأحمر تعيسة.   


+

اضافة متأخرة، أحب النطق الحماسي لرؤوف خليف في مباراة بروسيا دورتموند وريال مدريد لاسم اللاعب ونجم بروسيا رومان ليفاندوفسكي، كان رؤوف ينطقه "ليفاندوسكي" ليتناغم مع رتم الحماس لتعليق رؤوف. كانت ليلة مميزة وسوبرهاتريك تاريخي لليفا. بروسيا دورتموند لعله أكثر أندية اوروبا حضورا بالجماهير، ظلت جماهيره تسجّل أرقاما قياسيّة بالحضور ومؤازرة الفريق. دورتموندالمدينة تقع بالاقليم الصناعي "الرور" أكثر اقليم الماني تعرّض للقصف والتدمير في الحرب العالميّة الثانية. تذكّر مقلب تلفزيونيّ عرضوا فيه على مشجعين اندية المانية تشجيع النادي الخصم، لا أنسى مشجّع دورتموند العجوز، أصلع بملامح حادّة وصارمة لكن ذلك كلّه لان بحزن وهو يقول أبدا لا يستطيع ولا يمكن هو شيء ليس كما يتصوّرون طلبه. رغم المبلغ الكبير الذي عُرض عليه وهو ولاشكّ مبلغ كبير جدّا ليمنح لشخص بنهاية عمره كم كانت حياته ستتغير فقط لو وافق على تغيير ميوله الكرويّ لكنّه أصرّ على الرفض وبدت ملامح الحزن على وجهه، كأنه يسأل نفسه مالضير من تغيير ميوله؟ بدا وكأن مجرّد السؤال انتهاك لحرمة عزيزة على قلبه. لكنه بالنهاية رفض، نعم رفض كلّ ذلك من أجل ناديه الحبيب.

مذهلة كرة القدم الى أيّ حدّ يمكن لها أن تكون شيئا ما وأي ما في داخلنا.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق