الأربعاء، 20 مايو 2020

-٢٢-

-٢٢-

وحدها الأشياء التي نحبها يمكن الكتابة عنها ونحن في أسوأ حالاتنا. الساعة الآن 5:52 مساءً، أصبحت و 53 وأنا أفكّر إن كان بعد تنوين الهمزة ألف، لايهم. السعادة تكمن في داخلك كم بدت هذه الكلمات فارغة وكم بدا كلّ من يحاول حثّنا على ايجاد سعادتنا هذه دجالا، لا يختلف كثيرا عن بائعي التمائم والأعشاب الطبيّة التي تعالج بفضل الوهم. هل يمكنك أن تلمس قلبك؟ مثلها السعادة وإن كانت داخلك كيف يمكن لمسها؟ ستظلّ عضوا في أحشائك تهرسه تقلبات مزاجك ويدك لا تصل أبعد من قشرة جلدك وأحيانا تغوص أعمق، إما بالأظافر أو بمشرط سكّين أو بموس حلاقة لا تدري متى استعملته لآخر مرة. يمكنك أن تبثّ سعادتك في الأشياء الموجودة حولك، أتدري وأنت في قمة البرد يمكن لأنفاسك وأنت تنفثها أن تصنع دفئا؟ ليس لك لكن قد تجد في معنى أن تمنح دفئا للفراغ شعورا يشعرك بالدفء. يمكنك أن تبثّ في الأشياء التي حولك ما يسعدك، يمكنك أن تخرج -لنقل ماتسمّى- السعادة في داخلك وأن تبثّها في أي شيء: تشاهده، تسمعه، لايهم وتشعر بأنّ هذا الشيء وإن كان تافها يسعدك. الأمر أشبه بأنّ تنزع من داخلك قطعة تشبه القطن، بيضاء نقيّة وشفافة -لنقل روحا- وتبثّها في أي شيء، قد تذهب هذه الروح سدى! وقد تحرّك أمامك جمادا لا قيمة له وتجده -ولا تدري كيف- يحدثك ويفهمك أكثر من أي كائن حيّ. هذا الجماد قد يكون أي شيء تسمعه، تشاهده، تلمسه، تمارسه. تلك الأشياء لا تدري إلى متى تدوم لكنها حتما وان لم تدم إلا دقائق قد تصنع بصمة غائرة في ذاكرتك. تشعر معها بملمس لطيف يبهج جلدك، يشبه الشعور الذي ينتابك وأن تمرّر أصابعك على قطعة قماش أو جدار أو إطار لتترك أثرها يعزف في ذهنك -كما نفعل، كما نفعل نحن-. الى أي حدّ استهلكت تلك الروح أو السعادة في بثها بأشياء لا قيمة لها؟ أو أشياء ابتلعتها دون أن تحرّك فمها حتّى. يدي خائفة، أن لا تجد شيئا باقيا في داخلي. عندها ستصبح الجمادات بلا روح! وهي التي كنت أجد فيها روحا لم أجدها بالبشر. أتذكّر الأشياء التي أسعدتني، لم تكن شيئا يعني إلا أني صنعت منها شيئا يعنيني. لا أخفي على نفسي حتّى أن لحظة تسجيل أنيستا لهدفه عام 2009 تركت أثرا في داخلي لا يُمحى. يمكنني تحسس البصمة التي تركتها ركلته تلك. فيها المكان الذي كنت فيه، استقبلت أصحابا لم التقي بهم من قبل ومع ذلك لم يكن ذهني معهم. كان الوقت متأخرا، حتّى أني لم أعد أجلس كما كنت أجلس أول حظوري، كانت جلستي توحي بأنّي سأخرج وعلى كاهلي حمل ثقيل من همّ لشيء يعدّه الكثيرون تافها؛ فريق مهزوم ويخرج من بطولة مهمّة في نظرهم. كان الحمل الذي كنت سأخرج به ثقيلا للغاية، لا أدري مقدار الروح التي قمت ببثّها في تلك الأشياء، وكأنّني أراهن بثمن لا يمكن استرداده ويمكن خسارته بلحظة، كدت أن أخسر كل شيء أنفقته إلى أنهى أنيستا كلّ قلقي وبثّ -حرفيّا- الروح في داخلي! مناسبة تافهة مقارنة بالكلمات التي أستخدمها الآن، لكنها لم تكن كذلك، حتما لم تكن كذلك. كان هدف أنيستا هو أكثر شيء استطعت لمسه حيّا في تلك الأيّام. اليوم وأنا أتحدّث عنه لا أشعر بأي شيء اتجاهه، بل أشعر بالضيق! لا أدري لم أشعر بأن ابتسامة بريشيانو -بالطريقة التي شاهدتها بها لأوّل مرة- تشعرني بالهدوء. ابتسامته باللقاء مع الميلان. كانت بين الرفاق، من الابتسامات القليلة التي رأيتها كذلك، ابتسامة بين الرفاق، رغم كثرة الابتسامات التي شاهدتها بالملعب. السعادة في داخلك! أتدرك معنى أن تشعر مع قدر مخيف من اليقين بأنّه لم يعد هنالك أي شيء في جوفك؟ لم يعد هنالك أي شيء في جوفي ولا يهمّ طالما أني أعرف بأنها موجودة في مكان سيعنيني للأبد.      

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق