الأحد، 19 فبراير 2017

هل توجد أسئلة محرّمة؟

هل يوجد سؤال محرّم؟
أو بعيدا عن الدين هل هناك تساؤل غير مهذّب؟  حتّى أثناء الحوار الكتابيّ وعند إلقاء كلمة قد يساء فهمها فكثيرا ماتعني علامة الاستفهام (؟) استنكارا. بل إنّ لدينا مانسمّيه: سؤال استفزازي ويوجد كذلك مانسمّيه: سؤال محرج. وأحد أكثر الأمور التي تغضب الآباء وهم لاشكّ يحبّون أبناؤهم هي الأسئلة المتكرّرة.  

لا أذكر أن هنالك حديثا يمنع السؤال ولكن أذكر أن هنالك أكثر من قصّة تنهى عن الإكثار من الأسئلة التفصيليّة والتي ربّما نهيت لأنّها جاءت من باب التشكيك الصرف، أو الاستفزاز وغير ذلك. مثلا أن تكون أسئلة بلامعنى، لأشياء لاإجابة واضحة لها بالأساس، ففي مثل هذا الموقف التساؤلات التي يطرحها المرء على نفسه (تدبّرا) أفضل من توجيه سؤال قد يبدو مريبا. 

الإجابات المقفلة تقتل التأمّل، والإنسان في هذا العصر بات شرها يبحث عن الإجابات وحين لاتكفيه يصنع العديد من الأسئلة المفتوحة ويفترض بأنّ لها إجابة واحدة ومحدّدة. الإبقاء على جزء من الإجابات مفتوحا هو ماجعل الإنسان ينمّي عقله باتّجاه الفراغ التي تتركه والذي قاده لعوالم أخرى لانهاية لها. أجاب الكثير من العلماء والمخترعين على العديد من الأسئلة والتي بفضل ماتبقّى من فراغها أتى غيرهم ليكمل الإجابة ويضعنا أمام عالم جديد بابه مقفل بالعديد من التساؤلات. يقال بأنّ اينشتين علّق على نظريّته التي أنهت جزئيّا نظريّة نيوتن بأنّه سيأتي من ينهي نظريّته كذلك.     


يقول الله تعالى بالحديث القدسيّ " .. مالا عينٌ رأت ولا أذن سمعت ولاخطر على قلب بشر" 
هل يمكن أن يوجد شكل ما أو لون ما لم يسبق لنا رؤية شيء مثله أو قريب منه؟ إنّنا عندما نرسم أشكال المخلوقات الفضائيّة -التي لم نرها ولانعلم أصلا إن كانت موجودة أم لا- في أفلامنا نقوم بتشكيل الأجساد بناءا على أشياء سبق وشاهدناها، أتذكّر تقريرا يقول: بأنّ الكثير من المخلوقات الفضائيّة بهوليوود تمّ اقتباس أشكالها من الكائنات المجهريّة. الافتراض بأنّ شيئا ما غير موجود فقط لأنّنا لانعرف شيء عنه أو لأنّنا لانستطيع تصوّره قد يكون تكبّرا. إنّنا نعرف القول "تكلّم كيّ أراك" ونعرف بيت عمرو بن كلثوم: 
"ألا لايجهلنّ أحد علينا -- فنجهل فوق جهل الجاهلينا" يوضّح إلى أيّ حدّ يكون الاستحقار نتيجة الجهل بأحدهم، باعتبار أنّ لاوجود له بسبب جهلنا به. 
ولأنّني لا أستطيع القفز فوق أسوار الحواس وماتزوّده من بيانات لذاكرتي، فمن الصعب أن أصيغ مثالا حول شيء يوضّح ما أعنيه أكثر من اللون والشكل. وبهذا الشكل يبدو أن الحديث يشير فعلا إلى أمور لايمكن أن تُعطى في إجابات واضحة. 


كان هنالك تساؤل مثير وهو حول الرجل والمرأة ومن هو الأقدر بينهم على العيش دون الآخر؟. بالبداية تصوّرت بأنّ الرجل أقدر بكلّ بساطة؛ فالمرأة وهي التي تحبّ الجمال وتهواه في نفسها تعتمد كثيرا على رأي وذوق الرجل في ملابسها وزينتها؛ أكثر مصمّمي الأزياء من الرجال وأشياء كثيرة يطول ذكرها إلى أن تذكّرت بأنّ الله وعد المؤمنين والمؤمنات بجنّات النعيم وذكرت الحور العين للرجال ولم يذكر شيء للنساء العازبات. كان هذا بالضبط ماسأَلَت عنه إحداهنّ بأحد البرامج التلفزيونيّة أحد الدعاة: إذا كان الرجل الأعزب يلقى حور العين بالجنّة، فالمرأة العزباء بالجنّة وش لها؟.. بعد أن تذكّرت سؤالها بدأت أميل إلى استبدال إجابتي، لعلّ السبب في ذلك كون مايمثّله وجود المرأة من نعيم أكثر من كون وجود الرجل للمرأة نعيما لها.. لا أدري .. 
على كلّ حال الكثير من الأسئلة لاتحتمل إغلاقها بأجوبة بسيطة، وسيكون عنادا متطرّفا لو فرضت على مثل هذه التساؤلات أجوبة مغلقة وقد تكون خانقة. 

   

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق