الثلاثاء، 6 أغسطس 2019

كلام لا طائل منه حول البحر





لطالما اعتقد أن نقمته تمنحه القدرة على رؤية الأشياء بوضوح أكبر.


 "غشاوة قذرة على عيني" قالها وهو يمسح عينه من ماء البحر. حال خروجه من الماء شعر بالانزعاج وحبيبات الرمل عالقة على ساقه. كان مشمئزا من ملمس جلده اللزج بعد انحسار ماتبقّى من مياه البحر على جلده. لا يدري أي نوع من الافرازات تلك.

بعد أن شعر بأن حبيبات الرمل كادت تصل الى ركبته وهي تتسلق مع كل خطوة كان يخطوها نحو دورة المياه قتله اليأس "لاتوجد طريقة لمعاقبة الشعب أكثر من حرمانهم من مكان يغسلون فيه أجسادهم عند البحر" المكان مستخ إلا من رائحة الصابون التي زادته شعورا بالاتساخ.

عاد الى أصحابه متضايق من رائحته العالقة من البحر. قبل ساعة كانت الشمس ساطعة، بدت المياه صافية ونظيفة لكن بعد خروجه شعر بأنه كان قد تمرغ بسوائل البحر. الذي يتكون من عدد لا يحصى من الافرازات الخارجة من أجساد كل الكائنات التي يمكنك تخيلها. بدأ يتصور بأن البحر ماهي إلا الافرازات التي تخرج من جلد اليابسة، ونحن نتمرغ فيها بكل سرور. "لاشك وأن هذه المدينة في غاية التعب"  قال ذلك وكأن الطعم العالق في فمه أوحى له بذلك.

كل شيء منفر، البساط الذي كان نظيفا أصبح مشتتا بالرمال والملمس اللزج لجلده كان يضايقه أكثر من مساحات الجفاف التي كانت تحك جلده والذي علق فيه كل شيء، بقايا سمكة نافقة، افراز لزج لكائن رخوي، نبتة بلون العفن عالقة في شعره وخليط الملوحة العالقة في جسده من مصادر مختلفة التفكير فيها سيذهبه بعيدا. كل مايفكر به هو أن يسلخ جلد الافرازات وبقايا الكائنات العالق في جسده. لا شك أنه حساس ازاء كل شيء يلمسه.

لطالما ادعى بأنه قادر على الشعور بأي أحد عند مصافحته. "اللمس أكثر من حاسة" هذا ماعتاد قوله. أي شيء لمسه وجعله يشعر بكل هذا الضيق؟ من علق في جلده؟

الكل يبدو مرحا وسعيدا في هذا الشاطئ
"كيف لك أن ترتاح وقد علقت فيك هذه المياه؟" بهذا فاتح اصحابه. "كنتَ سعيدا وأنت تتحدث عن السباحة على شواطئ الجزر التي زرتها" معلقين باستغراب وتهكم. "البحر هنا يلوثك ليس إلا كومة من الافرازات لا أشعر معها بارتياح. في الجزر افرازات الأسماك التي تشبه أسماك الزينة تعلق بك وشعيرات جوز الهند تعلق في شعرك وعوالق من نباتات لايشوب لونها الملوثات وحبيبات الرمل الناعمة، الطبيعة كلها تعلق بك وتلمسك. عدا عن بعض السياح هنا وهناك ومنهم من تتمنّي أن يعلق بك شيء منه و .."  شعر بأنه يخوض في جدال لا طائل منه فقد زال عنه ذلك الشعور بالضيق، فقد جفت آخر ذرة لزجة من جلده.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق