الخميس، 8 أغسطس 2019

كائن غريب وقت الظهيرة



الكلاب تنبح! لاشك بدأت الشياطين تتجول وقت الغروب. لطالما وجدت في الخرافات تفسيرات معقولة أكثر من الأفكار المنطقية. لازلت أحكم على الأشياء وفق ماتعلمته في صغري، كان مبنيا أكثر على الخرافات، يمكننا اعتبارها تفسيرات منطقية صيغت على شكل قصص مشوقة. 

بدأت الطيور تخلي السماء وعادت الى أعشاشها. أستطيع أن أدرك الآن بأن الكلاب باتت تخاطب بعضها البعض بنباحها، ولم تعد تكترث للشياطين التي تتجول في الأرجاء، هل بدأت أفهم لغة الكلاب؟!

قبل سنوات، أيام طفولتي وأنا أتحدث عنها وكأنها كنزي الوحيد الذي أحب أن أعرضه لكم. كنت أجد الشارع أكثر رحابة ومتعة وقت "القايلة" كل الكائنات التي لا تحب البشر ولارؤيتها يمكنها الخروج بحرية في هذا الوقت وحده. اعتادت أن تراني كثيرا، لم تعد تنزعج من وجودي. ولا من الكائنات التي كنت أتخيل مقاتلتها، يبدو أنها كانت تراها بالفعل. الشمس حارة  لكنها لاتبدو مزعجة ووجهي يشتعل احمرارا بالمرآة أجده أكثر وجه أراه يعبر عن سعادتي. وقت أذان العصر يخرج البشر ويبدؤون بالتجول وتكثر العصافير والسيارات المزعجة والسماء تمتلئ بالطائرات المسافرة، والتي كنت أناديها بأسماء أقاربي علهم يسمعوني. كانوا قد غادروا نهاية العطلة الصيفية بالطائرة. يقينا كنت أشعر بأنهم يسمعوني، وحين كنت أسألهم كانوا يقولون: نعم نذكرك! ما كنت لأحب الحقيقة لو كانت غير ذلك. 

عندما يكثر البشر وتبدأ الشياطين وقت الغروب بمزاحمتهم وصوت العصافير يضج بالسماء قبل العودة الى العش، أشعر بهذا الوقت. خانق للغاية ومزدحم في تلك الساعة، تتبادل جميع الكائنات أدوارها حتى عندما ألعب بالتربة، الحشرات والديدان تكون أكثر وقت الغروب. البشر، الشياطين، العصافير، الحمام، القطط، الديدان، ونباح الكلاب، والسيارات والطائرات وقد بدأت تضيء والنجوم بدأت بالظهور و الأحياء والأموات كل شيء حيّ كان متواجدا في ذلك الوقت لهذا أجد بأن ذلك هو ما يجعل الصدور تضيق وقت الغروب. ولا شيء أكثر. لا لأنه يذكرنا بالراحلين ولا أي شيء من هذا الكلام. 

ذاك مايجعلني أحب وقت الظهيرة للعب أكثر. حيث الكائنات تشبه بعضها، التي تحب الحياة خلسة، كائنات لا أحد يعرف عنها شيئا وأراهن لو أن هنالك كائن لم يكتشف بعد حتما سيكون واحدا من تلك الكائنات التي تخرج في هذا الوقت، عدا عن سيارات قليلة جدا وأشخاص ملثمين يكتبون على الجدران أشياء لامعنى له. 
أفتقد تلك الأشواك، كانت حادة لكنها لاتعلق داخل الجلد، خضراء بقوة وزهرها أحمر فاقع في غاية الصغر. لا تشبه الأشواك التي تبدو عدوانية بمجرد النظر إليها. 

كانت الكلاب تنبح قليلا، الشياطين لا تخرج أبدا في هذه الأوقات. لكن كنت قد سمعت عن كائن يعيش في هذه الأوقات ويشكل مصدر قلق. كائن خرافي ولا شك أنه خرافة حقيقية؛ ماكان لأحد أن يختلق كائن خرافي يعيش في هذه الساعات. أكثر ساعات البشر مقتا وكسلا. 

أفهم جيدا سبب تكاثر تلك الكائنات الغريبة في الليل والفجر ووقت الغروب. فهي أوقات لا تحتاج لخيال نافذ. بل إن حركات ظلال الأشجار وهي  تلعب على الأرض ونسمات الهواء الباردة والتي يحلو معها كل حديث. أشكال لا نهائية من المخلوقات. حتما لن يرى أحد هذه الكائنات في الظلام أي أنها ستظل موجودة في الأذهان للأبد. لكن كائن يعيش في أشد أوقات النهار وضوحا حتما سيلقى القبض عليه ويرى دون تجاهل. 

لا أفهم لغة الكلاب ولكن شيء ما كان هناك ولو هربت حينها لشعرت بشيء يلحق بي؛ الخوف يصنع المخلوقات. لكني لم أهرب، فالنهار لا يخفي شيئا والرؤية تردي هذه المخلوقات قتيلة بين أعيننا، فهي تتواجد أكثر إن لم نراها.
الكائنات تخفي شيئا، والتي اعتدت أن ألعب حولها بدت تتصرف وكزن لا شيء غريب يحدث هنا بطريقة توحي وبشكل صارخ بوجود شيء غريب مر من هنا. القلق وحشرات والطيور النادرة والقطط والسحالي والكلب الطائش كلها انتبهت بقلق الى شيء ما كان سيموت للأبد لو انتبهت إليه. 

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق