الاثنين، 21 نوفمبر 2016

حبّ من طرف واحد. دانتي آليجري

vide cor meum
"see my heart"

اسم لمقطوعة لحنها الايرلندي باتريك كاسيدي وتمّ عرض مقطع منها في فيلم "هانيبعال" الجزء الثاني من "صمت الحملان" وهي مستندة الى كلمات دانتي آليجري الموجودة في كتابه "حياة جديدة".

تلك الكلمات كان قد كتبها دانتي في أول فتاة أحبّها وهي بياتريس. والتي تزوجت وماتت باكرا وهي على مايبدو لم تكن تعرف شيئا عن كلّ ذلك الشعور الذي كان دانتي يكنّه لها.

لم يستطع دانتي أن يغذّي قلبه إلا برؤيتها وإلقاء التحيّة عليها عندما يصادفها في الطريق -كأيّ أحد كانت تبادله التحيّة- ، كان قلبه يقتات من تلك اللحظات البسيطة ولأنّ ثواني العاشق ساعات لاعجب أن كتب كلمات تستعرّ شوقا اليها. فقط عندما يغدو العاشق وحيدا وفي محراب ذكراه يكتب عن حبّه أو عذابه لأنّ الحبّ ليس إلا عذابا وإن كان لذيذا بلذّة الكلمات التي كتبت فيه. ولاشكّ أنّ لحظات التأمّل والتذكّر كانت هي البديل عن لقاء الحبيب. كمن يصنع دمية لمن يريد العيش معه ويعيش معها ويعطيها قسمة من روحه!.

مجرّد كتابة اسمها واسم دانتي في google ستشاهد عشرات اللوحات التي رسمها العديد من الفنانين وبالطبع ستجد زمرة الفنانين الانجليزيين الذين كوّنوا مجموعة فنيّة لإحياء فنّ عصر النهضة وفنّ رافايل وقد رسموا نفس العنوان جميعا! وهو اللقاء الذي كان يجمعهما صدفة بالطريق. وكأنّهم يقولون: انظروا فقط من خلال تلك اللقاءات كتب دانتي ماكتب فيها. المقطع يصوّر مثل ذلك اللقاء والذي لايعلم أحد كم مرّة تكرّر ذلك وربّما بعدد اللوحات التي رسمت تلك اللحظات.







 جزء من لوحة رسمها هنري هوليدي عام ١٨٨٣م وهي تصوّر تلك اللحظة.

يحكى أن عبدالله بن عبّاس -رضي الله عنه- كان يستعيذ من العشق عندما رأى رجلا اختلف عليه عندما رآه نحيلا قبل موته بعد أن كان جسيما ولم يكن به داء إلا العشق!. كثيرا مانسمع كلمات الحبّ وأغاني الحبّ والعشق وهي تترنّح بألحانها كترنيمة فرح! يبدو أنّ هنالك لبس في فهم العشق.
قد تسمع أغنية أجنبيّة يتحدّث المغنّي عن الحبّ والهيام وكلّ ذلك من واحدة ربما يقضي معها أطول الأوقات اسبوعيّا وإن لم يكن يوميّا ويلتقيان في أكثر الأماكن خصوصيّة وبانفراد! برمكاننا أن نعتبر الأمر جزء من التلوّث الذي أصاب هذا العصر وأصاب مفهوم العشق والذي لم يكن يعني إلا المعاناة لصاحبه، لـصـاحـبـه! وعندما يمرّ بنا مثل هذا الكلام في الكتب لعلّنا ننسى أن ذلك يعني (من طرف واحد) بكلّ ماتعنيه هذه الكلمة من معنى، بمعنى أنّ المعشوق بالكاد يعلم عن ذلك الحبّ إلا عندما يمرّ على العاشق في حلمه.

أتذكّر كلمات الشاعر ابراهيم خفاجي من أغنية محمد عبده "أشوفك كلّ يوم". لاأعرف أعنية وصفت العشق بصدق وببساطة مثلها. لاأتخيّل عاشقا إلا وقال مثلها في نفسه. ففي مقطعها:


"أشوفك كلّ يوم وأروح
وأقول نظرة تردّ الروح
أعيش فيها عشان بكره
عشان ليلي اللي كلّه جروح"

"ومادام النظر مسموح
أشوفك كلّ يوم و ... "


كلمات ربما تكرّرت كثيرا وبجميع لغات العالم لأنّ العشق لايفرّق بين اللغات.

وعودة الى المقطع والكلمات باللغة اللاتينيّة إلا أن ترجمتها الانجليزيّة هي:



Chorus: And thinking of her
Sweet sleep overcame me

I am your master
See your heart
And of this burning heart
Your heart
(Chorus: She trembling)
Obediently eats.
Weeping, I saw him then depart from me.

Joy is converted
To bitterest tears

I am in peace
My heart
I am in peace
See my heart


عندما نقول بأنّنا عاجزون عن التعبير كأنّنا نقول بأنّنا نجد صعوبة في ترجمة مشاعرنا لمن يتحدّث معنا (وبنفس لغتنا) فكيف بلغة أخرى؟.
ترجمة الشعر عمل شاق بل يبدو غير مفهوم وبحاجة إلى أن تعرف قصّة النصّ وخلفيّته لعلّ ذهنك يساعدك في ترجمة مشاعر صاحب الكلمات. عندما أقرأ شعرا أجنبيّا أجد صعوبة في فهم الكثير من مغزا الكلمات، إذا أردت أن تدرك مدى صعوبة فهم التصوّر بين اللغات انظر الى تعابير الـ slang مثلا.
عندما نقول عن أحدهم بأنّ قلبه أبيض سنفهم بأنّه طيّب القلب لكن الأجنبي عندما تقول له: he has white heart سيتعجّب من قولك ولن يفهمك. بالطبع مثل تلك التصوّرات ليست إلا جزئيّات بسيطة من القصائد الأجنبيّة في حين أن مفهوم الحبّ،الفراق،الألم مشترك بجميع اللغات وبالطبع الموسيقى تفهمها كلّ لغات العالم لذلك بالموسيقى ترجمان نفهمه جميعا.

باختصار ترجمة الشعر تحتاج الى ترجمة.
والقصص والمناسبات والموسيقى والخيال كلّ ذلك وسيلة لترجمة:ترجمة الشعر.

وهذه هي الأغنية وهي تصوّر مشهد اللقاء الشهير.






نفس الأغنية كيف مشهد مشهور لفيلم Hannibal





ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق