الأربعاء، 14 فبراير 2024

الخوف من الذكاء الصناعي بالأنمي والأفلام

أول مرة ذكرت فيها كلمة "روبوت" كانت في العمل المسرحي للصربي كارل تشابك (إنسان روسوم الآلي) عام ١٩٢١م وللبحث أحفوريّا عن أصل الكلمة نقرأ في القواميس:

from Czech, from robota  forced labor. The term was coined in K. Čapek's play R.U.R.  Rossum's Universal Robots (1920)

 بعبارة أخرى تعني "عبد"

هل كان تشابيك أوّل شخص ألمح الى ذلك؟ لا؛ لدينا رواية ماري شيلي (فرانكنشتاين) ١٨١٨م، الكائن الذي أعيد تجميع أعضائه من جثث الموتى وأعيد احياؤه. كائن من صنع بشريّ! كان الأدب غالبا الأسبق في استشراف المستقبل من العلم لافتقاده كثيرا الى الخيال. فقد عبر انشتين بأن الخيال أهم من المعرفة فالخيال لامحدود وذو أفق أوسع والمعرفة محدودة.

من صدقت تنباؤته حول عالم القرن العشرين والواحد وعشرين قبل قرون؟ العلماء أم الأدباء؟ سؤال يحتاج لموضوع آخر للإجابة عليه.

   

الأدباء حذّروا بالسابق وحاليّا العلماء يحذّرون!

الخبر: روبوت يهاجم أحد المهندسين العاملين في شركة تسلا والشركة تنفي ذلك. قام بغرس مخالبه المعدنيّة علر ظهره.

هذا خبر صحيح وليس اقتباسا من فيلم. مع اطلاق Chat GBT بدأت التحذيرات تصدر من أفواه العلماء المطورين أنفسهم وليس من أفواه الناس والإعلاميين. الموضوع بدأ يأخذ منحى أكثر جديّة وقد تتجلّى أمامنا حوادث كالتي حصلت في مختلف الأعمال الأدبيّة والأفلام والانميّات التي عرفناها ومنها فيلم I,Robot (2004) أو إنمي ناوكي أوراساوا Pluto على سبيل المثال. إذ تمتلئ أعمال السينما والإنمي بمثل هذه التنبّؤات وغالبا ماكانت من باب الإثارة والمتعة لكن شيئا منها حمل طابعا مقلقا كالذي يقلق العلماء هذا اليوم.


كيف رأت الأفلام والانميات عالم الذكاء الاصطناعي؟ ومن تنبأ وتناول موضوعه بصورة أفضل وأدق؟  

 

يصعب حصر الرؤية بالأمثلة لكثرتها ولكن لنرى أمثلة أعربت عن قلقها من الذكاء الاصطناعي، من الانمي:


 


١. آلي لم يكن يعرف بأنّه رجل آلي

البطل خماسي، الحلقتين الأخيرتين من الموسم الأول، ١٩٧٦م:

" سامحيني ياميا إنني رجل آلي مثلك ياميا ليتني عرفت بذلك من قبل لكنت قبلت حبّك يا ميا" 

بهذا العبارة ودّع غارودا ميا. كان يظنّ أنه كائن فضائي يقود هجوما على الأرض، صدم لأنه لم يكن يعرف حقيقة نفسه ورفض حبّ ميا لأنها آلية وبالنهاية هاجم زعيمة كوكب كامبل، من كانت توجه له الأوامر على أنها أمّه واكتشف بأنها كانت تخدعه.  

 




٢. كمبيوتر يدرب فريق كرة قدم

من (الهدّاف)، الحلقة ١٣، ١٩٨٣م:

 فريق البرق يستخدم أجهزة كمبيوتر متصلة ببعضها ليتدرب على كرة القدم بالفصول الدراسية بدلا من الملاعب.  وبمساعدة أستاذهم يتلقون توجيهات الكمبيوتر الذي يحتفظ بكل البيانات عن الخصوم وطريقة التغلب عليهم أثناء المباراة بواسطة جهاز لاسلكي. لكن الفريق يهزم بعد أن لعب أمام خصم لعب بطريقة عكسية تخالف البيانات المخزنة بالكمبيوتر!




٣. كوكب آليّ.

فرسان الفضاء، ١٩٨٥م.

يرسل البشر سفينة نحو الفضاء ويصادفون الكوكب أودين الذي يرسل إليهم أجسادا آلية ونصف آلية لمحاربتهم ويكتشفون بأنّ هؤلاء كانوا نصف بشر استولى جهاز الكمبيوتر الأساسي بالكوكب المصطنع أودين على إرادتهم وباتوا تحت سيطرته! هذا الانقلاب يذكرنا بفيلم I, Robot (2004). 

 



٤. عصر يهتم بحقوق الآليين

بلوتو، ٢٠٠٣م:

 لقد جعل ناوكي من هذا العمل موسوعة لكلّ التصوّرات الممكنة عن الذكاء الصناعي، آليون يعيشون جنبا الى جنب مع المجتمعات البشريّة وينخرطون بمختلف الأعمال وينالون حقوقا قانونيّة بل ويصبح أي اعتداء عليهم جريمة في نظر القانون وعمل مشين في نظر المجتمع. فهم مصممون كي لايقتلوا أي انسان، لكن المفاجأة حدثت وقام آلي بقتل انسان. وبدأت سلسلة جرائم يتم ارتكابها في حقّ أكثر الآليين تطوّرا في العالم. بدأ البشر يشكّون وبدأ بعض الآليون يشكّون بأنّهم قد يمتلكون مشاعر وأحاسيس مثل البشر بطريقة ما.  


ومن الأفلام:



١. The Terminator

 (1984) ،(1991)

 يدور حول محاولة الآليين الانقلاب على البشر واعلان الحرب عليهم، وبعد معارك مدمّرة وتأكدهم من هزيمتهم على يد أحد قادة البشر يرسل الآليون عبر الزمن آلي (سايبور مُدمّر) لقتل أمه قبل أن تلده لكن هذا الآلي يفشل ويتم تدميره. وفي الجزء الثاني يرسل الآليون سايبور آخر (مُدمّر زئبقيّ) أكثر تطوّرا هذه المرة لقتل القائد الذي كان صبيّا إلا أن سايبور استنسخه البشر من مُدمّر الجزء الأوّل يساعد الصبيّ وينقذ حياته ويتخلّص من السايبور الزئبقيّ.   




٢. 2001: A Space Odyssey 

(1968)

فيلم عظيم الأثر لكوبريك وأشهر أحداثه عن الذكاء الصناعي تدور حول مركبة فضائية عليها رائدي فضاء، بومان وبول بالإضافة الى ثلاثة آخرين في حالة تنويم. يساعدهم بإدارة المركبة كمبيوتر متطوّر يتحدث مثل البشر ويتلقّى الأوامر شفهيّا ويجيب على الاسئلة واسمه "هال" كان كلّ شيء طبيعيّ حتّى أعلن هال عن وجود عطل ليتفحّص أحد الرواد العطل وليجد كلّ شيء طبيعي وظنّ أن هال أخطأ إلا أن هال يدافع عن نفسه وبدأت الشكوك حول تصرفات هال تزداد لينفرد رائديّ الفضاء في غرفة ويبدؤون بالحديث والتفكير بتعطيل هال المثير للريبة إلا أن هال يقرأ شفاههم ويدرك المؤامرة ليتسبب لاحقا بموت بول وليفصل الاوكسجين عن الرواد المنوّمين ليموتوا جميعا إلا أن بومان يتمكن أخيرا من تعطيل هال (اطفائه/قتله) على وقع كلمات هال الراجية لثني بومان عن فعلته.



٣. I, Robot

(2004)

يصنع البشر رجال آليين كخدم ومساعدين لكن التحقيقات حول قضية قتل أحد العلماء واتهام رجل آلي بقتله تثير الشكوك والقلق حولهم من قبل شرطي يكره الرجال الآليين ويتبين مع التحقيقات وجود عقل مدبّر يعمل بالخفاء وهو كمبيوتر مركزيّ في المصنع الرئيسي بدأ يطوّر طريقة للسيطرة على باقي الآليين والتحكّم للقضاء أخيرا على البشر.



بنظرة عامة:

 في الانميات نجد روبوتات آلية لها أسماء لطيفة كالتي تعطى للحيوانات الأليفة مثل روبوتان وأليكترو وغيرهم في حين تميل الأفلام للريبة ويكتسب وجودها طابع التهديد ولايشكّل الذكاء الاصطناعي بالانميات غالبا موضوعا بحدّ ذاته تتمحور حوله القصة بل جزء عرضيّ متروك لوسع المخيلة بدون فرضيات ومخاوف محتملة.

أكثر مايخيفنا ذكاء اصطناعي يسعى للقضاء على البشر، تكرر ذلك بالأفلام ومرّ علينا بإنمي "فرسان الفضاء" يظهر ذلك بقدرته على التطوّر تلقائيّا وهي بذرة لأغلب مخاوفنا من الذكاء الاصطناعي. الخيال في الانمي كان أكثر تحليقا للخارج ونظرت إليه من بعيد في حين تعمّقت الأفلام بقلق داخل هذا العالم باستكشاف وقلق. في Pluto -أكثر عمل شامل عن عالم الذكاء الاصطناعي- عندما شعر العالم بالتهديد لم يوجه أصابع الاتهام للذكاء الاصطناعي بل الى البشر كسبب أساسيّ لكل ذلك، مردّ ذلك ربّما لأن العمل تعامل بأنسنة نسبيّة مع الذكاء الاصطناعي ولايغيب عن بالنا مشروع كوبريك، الفيلم الذي أخرجه سبيلسبرغ  A.I. Artificial Intelligence (2001) والذي صنع مزجه لمسألة مستقبل البشريّة الغامض مع الذكاء الاصطناعي والماضي الممزوج بالخرافات أثرا عميقا بأنسنة الذكاء الاصطناعي.

 

ويأتي سؤال: هل ينظر الانسان الى تهديد الذكاء الاصطناعي بقلق حقيقي أم بقلق فضوليّ وخيالي يشبه قلقنا من وجود غزاة يأتون يوما من الفضاء؟ ما يمكن اعتباره خرافة الانسان الحديث حول مخلوقات اسطوريّة من الفضاء وهي امتداد لخرافاتنا القديمة حول مخلوقات أسطورية صنعتها مخيلتنا. مع الانتباه الى أن القلق هذه المرة يأتي من كائن صنعناه بأيدينا.