الثلاثاء، 4 يوليو 2017

عندما يصادفك الفيلم بأشياء جميلة Cinema Paradiso



الفيلم الايطالي Cinema Paradiso
نظرة بسيطة الى بوستر الفيلم وستدرك بأنّ القصّة تدور حول طفل شغوف بالأفلام السينمائيّة، تستطيع أت تشعر بفرحة قلبه من بريق عينيه. وكان لهذا الصبيّ من جعله يحبّ هذه الأفلام الأمر الذي جعله يعيش وهو غير قادر على الخروج من إطارها، فقد بات يعيش كما لو أنّه في فيلم والأجمل أن الفيلم لم يوضّح ذلك مباشرة على الإطلاق. أمّا النهاية فهي كنهايات أجمل الأفلام. 
لاأدري إن كانت الصدفة جعلت من هذا الفيلم أكثر جمالا بنظري مما هو عليه، لكنّ حتما أجمل الصدف لاتأتي إلا في أماكن تشبهها، وكذلك كانت مشاهدة هذا الفيلم. 

أول صدفة وقد كان خطأ من النسخة الموجودة عندي إذ أن الرقم كان يشير إلى أنّ مدّة الفيلم ٤ساعات! استغربت إذ أنّ أطول فيلم أعرفه ٣ ساعات وهذا الفيلم لم أسمع عنه أنّه كذلك. لكن كفيلم أوروبّي وخاصة ايطالي تصوّر بأنّني لن أجد صعوبة ولن أشعر بالملل بمشاهدته. فالأفلام الأمريكيّة تصبح كئيبة ومملة عندما تقلّ الأحداث والإثارة ولكن بالأفلام الإيطاليّة، حتّى عندما يكون المشهد فارغا من الأحداث فلن يعجز الايطاليّون عن ملئه بأجمل الحوارات والأحاديث، أتصوّر بأنّه لايوجد أفضل منهم لملء الفيلم بسيناريو وحوار مطوّل وشيّق. كيف لا، وايطاليا مشهورة كثيرا بمقاهيها -حقل مثمر بالأحاديث الشيّقة-) والكثير من أصناف القهوة لها أسماؤها الايطاليّة المميّزة (كابتشينو، موكاتشينو، امريكانو) وكذلك التيرامسيو والتي كثيرا ماتوسّطت طاولة بين اثنين. لعلّ الايطاليّون وحدهم من نستطيع تقليد نبرة حديثهم وحواراتهم، بفضل لغتهم المميّزة ولأنّها مألوفة، حتّى في برامجهم الرياضيّة ومهاتراتهم والكثير من برامجهم وإن على صوتها لاتشعر بأنّها مزعجة، لاأتصوّر ايطاليّا لايتحدّث كثيرا، بل إنّه من فرط مايشعر بعجز لسانه على الكلام يحرّك يديه أثناء الحديث!، لك أن تشاهد لاعبوا الكالتشيو وهم يحرّكون أياديهم كثيرا أثناء كلامهم. هم شعب يحبّ الحديث كثيرا وله أسلوبه المميّز، لن تشعر بالملل أبدا عند سماعك تعليقات رئيسهم السابق بيرلسكوني حول كلّ المواضيع. هم كذلك في الكثير من أفلامهم.
على كلّ حال الفيلم تفاجأت بنهاية الفيلم بعد ساعتين! وتمنّيت لو كان الفيلم أطول قليلا. 


بمناسبة الحديث عن المقاهي والثرثرة، أعتقد أنّ من بين أكثر الأشياء التي نستطيع من خلالها فهم طريقة تفكير شعب ما هي بالنظر الى الأماكن التي يتحدّثون عنها كثيرا، هل هي مقاهي يقضون فيها ساعات طوال، أم كافيهات يأخذ المرء قهوته بعد أن ينادوا بإسمه وهو بالكاد يسمعه بسبب السمّاعات التي يضعها على أذنه، ويتناولها واقفا، حيث الحديث حتما سيكون عابرا. أم في مجالس بروتوكوليّة، يسمع فيها المرء حديث كبار السنّ كثيرا وغالبا ماتكون نصائح جيل لجيل آخر. 


ثاني صدفة كانت هذه القصّة القصيرة والمؤثّرة بالفيلم
بالطبع لايمكنني أن أنزع المقطوعة الموسيقيّة التي رافقت المشهد عن بالي كلّما نظرت الى الصورة




















.. أتعرفون ماهو الجميل في في آخر مشهد؟ أن الصندوق الذي وضع الصبي فيها صورة والده كان مليئا بأقصوصات أفلام مجمعها، وقد تكون مليئة "بالقُـبَـل"

الصدفة الثانية كانت في قصّة هذا الأب، الذي مات في روسيا بالحرب العالميّة الثانية -حتما في جبهة ستالينغراد- وأذكر أنّني قد كتبت قبلها بسنوات قصّة قصيرة حول بنت فقدت أباها بنفس الجبهة وكانت تسأل أمّها بنفس الطريقة.
وهذه هي القصّة 

عندما تتفتّح الزهور

عندما قرّر هتلر إعادة اقتحام روسيا من الجنوب وخطّط لحملته لعام ١٩٤٢ لم يستطع إكمال الفراغات التي خلّفتها الخسائر الجسيمة التي لاقتها جيوشه، عندما قذف بها بكلّ جنون في شتاء روسيا ١٩٤١ فاستعان بحلفائه، كانت هنالك وحدات هنغاريّة ورومانيّة وايطاليّة لسدّ الثغرات، كان المساكين عبارة عن وحدات على الخريطة لاتملك أيّ شيء يؤهلها من معدّات، لقد تمّ قذف أضعف الجنود وأتعسهم حظّا في هذه الجبهة الموحشة، إن كان جيش الألمان الذي لايقهر إلا بقيادة مجنون مثل هتلر، فكيف بحال هؤلاء الطليان. العديد منهم ماتوا متجمّدين منسيين. وبالرغم من أنّك عندما تقرأ عن الجنود الايطاليين بالحرب العالميّة الثانية وانكساراتهم المعتادة فيها لاتكفّ الكتب عن الإشارة إلى شجاعتهم واستبسالهم في القتال الذي حدّد مصيره بفضل ميزان القوى من معدّات. 


عودة للفيلم فالفيلم جميل ولم يكن هذا المشهد إلا في البداية. وطوال أحداثه تحسّ بحميميّة القصّة، كان الفيلم بالنسبة لي جميلا لدرجة أنّه ترك فرصة للحديث عن العديد من الأشياء التي وددت الحديث عنها.

وهذا المقطع باليوتيوب، ويبدأ بالدقيقة ٢:١٠
من أجمل المشاهد التي شاهدتها على الإطلاق. إن هذه الدقائق المصوّرة بين هذا الصبي المحبّ للأفلام وبين أمّه يمكن أن تدور حولها العديد من القصص والحكايات. ونظرة الأمّ للطفل وهو منسجم مع تخيّلاته كانت جميلة 






 




مشاهدة ممتعة ،