الخميس، 27 أبريل 2023

حنيني الى كتاب عن الفضاء الخارجيّ




أجمل ما يمكن أن تقرؤه بعزلة كتب الكون والفضاء. أثناء القراءة يقودك حنين غابر للتحليق أبعد عن عالمك. للأرقام الفلكيّة، والأبعاد السحيقة جاذبيّة غريبة؛ اللحظة التي تبدأ فيها بتخيّل المكان والزمان هناك تمنحك سكينة تكاد تجعلك تشعر بغتة بنبضات جوفك. إن التعجّب من كلّ تلك المعلومات تجعلك وياللمفارقة تدرك الكون الذي أنت تمثّله بالنسبة لملايين الخلايا والمكوّنات الحيّة التي تعيش في داخلك.


الكتاب الموجود بالصورة، كان الوحيد عن الفضاء الخارجي في المكتبة، كان بعبارة أخرى مكوكي الفضائي الوحيد الذي يمكنني من خلاله الانطلاق نحو عالم يتمنّى البشر جميعا معرفة كلّ شيء عنه. 


كنت أتخيّل عند كلّ جملة تصف تضاريس وأجواء كوكب ما، كيف سيبدو العيش هناك؟ وكيف ستبدو الحجارة هناك؟ وكثر الخيال الى حدّ أني كنت أشعر ببرد الكواكب البعيدة وبالحرارة اللاهبة للكواكب القريبة من الشمس. وكم شعرت بالاختناق بعد أن قرأت بأنّ الزهرة كوكب يفوح بالأدخنة الملتهبة، وتحسست تلك الحرارة وهي تلهب قصبتي الهوائيّة. وبعيدا الى المريخ، أعتقد أن نبضات قلبي تغيّرت قليلا؛ عند القراءة بأن القطب الشمالي منه هو المكان الوحيد الذي يمكن العيش فيه! بضعة عشر درجة تحت الصفر. المريخ كوكب عجيب؛ تقرؤ فجأة بأن أعلى قمة جبل فيه ارتفاعها أكثر من 25 كيلو مترا، (قمة افرست تقريبا 8 كيلومترات). كيف يبدو المشهد على القمة هناك؟ هل تخيّلت ذلك؟ لو قرأت الكتاب وحيدا لتخيلت بالفعل. بعد المريخ وبمسافة سحييقة يطلّ المشترى وتبدأ الكواكب بعدها بالتباعد أكثر وأكثر عن الشمس، وعن الأرض حيث نحن. الكواكب بعدها أكبر ومتباعدة أكثر، ولم أستوعب إلا متأخرا أن المشترى وزحل كواكب غازيّة يمكن أن تغوص فيهما على حدّ فهمي! كأنه كوكب من طين. وكنت أدهش لأن وصف كوكب زحل مرّ بالكتاب الخالي من شاعريّة التعابير بسلام؛ دون التغزّل بحلقته الفريدة. حجارة وقطع من الجليد أهذا كل ما في الأمر؟ الواقع أن الكتاب ليس بحاجة إلى تعابير شاعريّة؛ الأرقام الفلكيّة تُغني. بالكتاب مرّ عليّ أكثر من مرة الفلكي الالماني هيرشل، والفلكي الفرنسي الذي خمّن بذكاء (بسبب انحراف كوكب أورانوس) بأنه يوجد كوكب مجهول خلفه، وبالفعل كان نبتون وعن الفلكيّ الانجليزي تعيس الحظّ، الذي استنتج مثل الفرنسي وجود نيبتون، لكن المرصد الحكومي تجاهله في حينها.

 

بقيّة أجزاء الكتاب، عن البيئة وغيرها لم أقرأها بعد. كنت أكتفي بصفحات الفضاء وأعيد الأسطر علّي أجده يتحدّث بأسطر نسيتها -أو لا أدري تظهر فجأة!- عن الحياة في الكون، لكن للأسف لم يكن كتابي من هذا النوع، أحببت محاولتي الاحتكاك بهذا الموضوع ولو عن بعد.


لا زلت ومع مرور السنوات أقلب صفحات هذا الكتاب سريعا في كلّ مرة. حنين الى تلك الأحلام.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق