الثلاثاء، 9 ديسمبر 2025

تسمع باللوحة خير من أن تراها

لم تبدو الأساطير والمخلوقات الأسطورية ساحرة؟ لأنها مترعة بالوصف ولم نرها على الطبيعة بعد. أقرب مثال لهذا السحر، سحر تخيّل اللوحات الفنيّة من وصف الكلمات. هل تعلق اللوحات  في الذاكرة عند وصفها بالكلمات أكثر من رؤيتها؟ أتذكّر عددا من اللوحات قرأت عنها في أسطر الكتب دون أي صورة لها. كثيرا ما استمتعت بنسج تفاصيلها في تفكيري. قبل رؤيتها.


ما الذي سيفتنك ويجذبك أكثر، مقال جميل عن اللوحات خالي من الصور، أم مقال يعرض صور اللوحات ويتحدّث عنها؟ أراهن أنك ستختار مقالا يعرض الصور ولو أنّي أجزم بأنّ متعة ستفوتك من لمس اللوحة بالأحرف قبل مشاهدتها.

 في الذاكرة لوحات أحببتها من وصفها ولو اقتصر على عنوانها، لوحات مثل  "بائعة الحليب" لجويا، ولوحته الأخرى "العصبة الحاكمة بالفلبين" بالكاد استطعت تخيّل لوحة جمالية بهذا العنوان. لوحة "مكتب القطن في نيوأورليانز" لإدجار ديجا. لوحة فيلاسكيز الشهيرة "وصيفات الشرف" الكثير تحدّث عنها بما فيهم فوكو. رامبرانت أكثر من أبهرني برائعته  "حرّاس الليل". لوحات وجدتها أقل جمالا من صورتها العالقة في ذهني من ريشة الكلمات، غالبا لوحات لمونيه  وجوجان!  -مع التنبيه أني أحب كثيرا لوحات الأول وعددا من لوحات الثاني- أما رينوار، غالبا ما كانت لوحاته تليق بما وصفت من كلمات.   


في بالي لوحات أحب وصفها والحديث عنها أو التقاط تركيزك بعنوانها لا أكثر: 

"الطاحونة" لرامبرانت، فراجونارد في  "الأرجوحة"،  "المطر والبخار والسرعة" لتيرنر، "قسم الأخوة هوراس" لدافيدز، "عربة القشّ" لكونستابل. السكينة بلوحات الطبيعة الصامتة لشاردان، الأفق والغيوم في لوحات جاكوب رويسدال، أسرار الطبيعة الغامضة مع كاسبر فريدريش، لكن الوصف بالكلمات يزداد صعوبة مع الفنّ المعاصر؛ كيف لأحد  أن يعبّر عن ما يعجبه بلوحات سي تومبلي وجيرهارد ريختر؟ حتما، الوصف سيأخذ منحى مختلفا وعبارات مدعّمة بالمصطلحات الحديثة، ذلك يقودنا الى اعتبار الوصف بالكلمات يستخدم أدوات لا تختلف كثيرا عن الألوان والفرشاة.