الفيلم الأمريكي arrival والذي
اختصر عنوانه كلّ شيء، فهو يتحدّث عن الوافدون الذين لانعلم عنهم شيئا حتّى
أنّنا لم نسمّهم إلا بأوّل صفة عرّفتنا عليهم. إضافة إلى الشكل
الغريب -الموجود بالبوستر- غرابته توحي لنا بأنه شيء لابدّ من الحذر منه. الفيلم
يدور حول قضيّة تناستها أو تجاهلتها أغلب الأفلام التي تحدّثت عن المخلوقات
الفضائية والتي كانت شرّيرة غالبا. إذ أنّ أوّل شيء يدور في أذهانهم كيف نقاتلهم؟
أمّا فيلم Arrival فقد دار الموضوع أغلبه حول السؤال الأوّلي: كيف نتواصل
معهم؟ مسألة قد نحتاج لعدة أفلام لخلق تصوّر وافي عنها في حين أنّها أختزلت في أفلام
عديدة مثل فيلم Independence Day -1996 أختصر التواصل في مشهد واحد حيث قام
الوافد بطريقته بالحديث مع البشر بلسان أحد الضحايا وعندما سئل: ماذا
تريدون؟ أجاب: بـ Die ! حسنا ومن بعدها يبدأ القتال، وكذلك هي أفلام
الفضاء. قبل التساؤل مع الفيلم، كيف يمكن أن نتفاهم مع هؤلاء المخلوقات وهل
يتحدّثون مثلنا؟ وكيف لنا نحن البشر الذين لم نتحدّث يوما مع الحيوانات
شركاؤنا بالكوكب أن نتحدّث عن مخلوقات من كوكب آخر؟. يبدو أنّنا ندرك
بعقلنا الباطن أنّ اللغة هي أهم صفة لمخلوق يمكنه صنع تلك السفن الفضائية. في هذه الفترة موضوع
اللغات والتواصل يمتاز بالجاذبيّة، ذكرت بطلة الفيلم قصّة رويت عن جيمس كوك
عندما أتى الى استراليا وشاهدوا الكنغر وهي تقفز وابنها في جيب بطنها سأل
السكّان الأصليين ماهذه؟ فقالوا: كنغر، وصار اسمها الكنغر في حين أنّ كنغر
باللغة الأصلية تعني: "لا أفهمك"! هذه القصّة تبيّن صعوبة الأمر ورغم أنّها
استدركت وقالت بأنّ القصّة غير حقيقيّة -وهذه القصّة تكرّرت على كلّ حال
في الكتب التي تحدّثت عن هنود المكسيك عندما سألهم الاسبان عن اسم هذه
الأرض فقالوا لهم: "يوكاتان" فأسموا الاسبان هذه المنطقة من المكسيك
"يوكاتان" أي لاأفهمك!- لكن الاستدراك الأبلغ هو ما أجاب به أحدهم: " ونعرف
ماذا حدث للسكّان الأصليين". فعلا ونحن نعرف ماذا حدث للسكّان الأصليين في
الأمريكيتين. هل يعقل أن تفعل تلك المخلوقات مافعلناه بنا؟ إذا كان الأمر
كذلك لعلّ احدى الطرق الجيّدة لمعرفة ماسيقوم به هؤلاء هو بقراءة الكتب
التي تحدّثت عن فتح أمريكا مثل كتاب تزفيتان تودوروف "فتح أمريكا: مسألة
الآخر" حيث روى الكثير مما قام به المكتشفون أو الـ Arriaval في أمريكا!
حيث شحن كولومبس احدى السفن بالعديد من المخلوقات الغريبة، مثل الببغاوات
وغيرها ودوّن كلّ شيء حتّى أنّه ذكر "دزّينة من الهنود" يبدو أنّنا
لانستطيع الخروج من أنفسنا عندما نحاول وصف الآخرين. فنحن لم نكسر بعد
قشرة البيضة التي نعيش في داخلها حتّى نصف من يأتون خارج القشرة (سكان فضاء). إنّنا
نخاف من الغرباء عموما ونجده شيئا مخيفا حتّى أنّ أحد القصص روت أنّ آخر
رسالة أرسلها أحد ضحايا مثلّث برمودا كانت "ماهذا.. شيء غريب" هذه القصّة قد
لاتختلف كثيرا عن قصّة الكنغر ويوكاتان ولكنّنا بهذه الطريقة نتعرّف على
الأمور. في هذا الفيلم ألمح الى أنّ هؤلاء الآخرين كانوا في الحقيقة نحن!
ومثل ذلك ولكن بشكل أوضح ذكر في فيلم Interstellar - 2014 حيث كان الآخرين
نحن في زمن آخر وذلك بالإضافة للشكل الغريب بالبوستر يعيد للأذهان الفيلم المشهور لكوبريك 2001: A Sace Odyssey عام 1968م حيث
كانت تلك الأشكال الغريبة أحد أبرز معالم الفيلم بالإضافة الى محاولة
الإجابة على سؤال: من نحن؟ فنحن عندما نحاول أن نصف الأشياء الغريبة نقوم بوصف
أنفسنا أحيانا دون أن نعلم وكأنّ كلّ شيء موجود ليس إلا مرآة لتصورنا.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق