الجمعة، 18 أغسطس 2017

فيلم Arrival ومسألة الآخر



الفيلم الأمريكي arrival والذي اختصر عنوانه كلّ شيء، فهو يتحدّث عن الوافدون الذين لانعلم عنهم شيئا حتّى أنّنا لم نسمّهم إلا بأوّل صفة عرّفتنا عليهم. بالإضافة إلى ذلك الشكل الغريب بالبوستر والذي يوحي بالغرابة، أيّ شيء لابدّ من الحذر منه. الفيلم يدور حول قضيّة اختزلتها بتجاهل أغلب الأفلام التي تحدّثت عن هذه المخلوقات الشرّيرة -في أغلب أفلامنا- إذ أنّ أوّل شيء يدور في أذهانهم كيف نقاتلهم؟ أمّا فيلم Arrival فقد دار الموضوع أغلبه حول السؤال الأوّلي: كيف نتواصل معهم؟ إنها مسألة قد تطول أفلاما وأفلام في حين أنّها أختزلت في أفلام عديدة مثل فيلم Independence Day -1996 أختصر التواصل في مشهد واحد حيث قام الوافد بطريقته بالحديث مع البشر بلسان أحد الضحايا وعندما سؤل: ماذا تريدون؟ أجاب: بـ Die ! حسنا ومن بعدها يبدأ القتال، وكذلك هي أفلام الفضاء. قبل التساؤل مع الفيلم، كيف يمكن أن نتفاهم مع هؤلاء المخلوقات وهل يتحدّثون مثلنا؟ وكيف لنا نحن البشر الذين لم نتحدّث يوما مع الحيوانات شركاؤنا بالكوكب أن نتحدّث عن مخلوقات من كوكب آخر؟. يبدو أنّنا ندرك بعقلنا الباطن أنّ اللغة هي أبسط الآلات وأنّ المخلوق الذي يمتلك هذه الآلة وحده هو القادر على صناعة مثل تلك الآلات الفضائيّة. في هذه الفترة موضوع اللغات والتواصل يمتاز بالجاذبيّة، ذكرت بطلة الفيلم قصّة رويت عن جيمس كوك عندما أتى الى استراليا وشاهدوا الكنغر وهي تقفز وابنها في جيب بطنها سأل السكّان الأصليين ماهذه؟ فقالوا: كنغر، وصار اسمها الكنغر في حين أنّ كنغر باللغة الأصلية تعني: "لا أفهمك"! هذه القصّة تبيّن صعوبة الأمر ورغم أنّها استدركت وقالت بأنّ القصّة غير حقيقيّة -وهذه القصّة تكرّرت على كلّ حال في الكتب التي تحدّثت عن هنود المكسيك عندما سألهم الاسبان عن اسم هذه الأرض فقالوا لهم: "يوكاتان" فأسموا الاسبان هذه المنطقة من المكسيك "يوكاتان" أي لاأفهمك!- لكن الاستدراك الأبلغ هو ما أجاب به أحدهم: " ونعرف ماذا حدث للسكّان الأصليين". فعلا ونحن نعرف ماذا حدث للسكّان الأصليين في الأمريكيتين. هل يعقل أن تفعل تلك المخلوقات مافعلناه بنا؟ إذا كان الأمر كذلك لعلّ احدى الطرق الجيّدة لمعرفة ماسيقوم به هؤلاء هو بقراءة الكتب التي تحدّثت عن فتح أمريكا مثل كتاب تزفيتان تودوروف (فتح أمريكا: مسألة الآخر) حيث روى الكثير مما قام به المكتشفون أو الـ Arriaval في أمريكا! حيث شحن كولومبس احدى السفن بالعديد من المخلوقات الغريبة، مثل الببغاوات وغيرها ودوّن كلّ شيء حتّى أنّه ذكر "دزّينة من الهنود!" يبدو أنّنا لانستطيع الخروج من أنفسنا عندما نحاول معرفة الآخرين. فنحن لم نكسر بعد قشرة البيضة التي نعيش في داخلها حتّى نصف منهم يأتون من خارجها. إنّنا نخاف من الغرباء عموما ونجده شيء مخيف، حتّى أنّ أحد القصص روت أنّ آخر رسالة أرسلها أحد ضحايا مثلّث برمودا كانت "ماهذا شيء غريب" هذه القصّة قد لاتختلف كثيرا عن قصّة الكنغر ويوكاتان ولكنّنا بهذه الطريقة نتعرّف على الأمور. في هذا الفيلم ألمح الى أنّ هؤلاء الآخرين كانوا في الحقيقة نحن! ومثل ذلك ولكن بشكل أوضح ذكر في فيلم Interstellar - 2014 حيث كان الآخرين نحن في زمن آخر وكذلك ذلك يعيد للأذهان بالإضافة الى الشكل الغريب في البوستر الى الفيلم المشهور لكوبريك 2001: A Sace Odyssey عام 1968م حيث كانت تلك الأشكال الغريبة أحد أبرز معالم الفيلم بالإضافة الى محاولة الإجابة على من نحن؟ فنحن عندما نحاول أن نصف الأشياء الغريبة نقوم بوصف أنفسنا أحيانا دون أن نعلم وكأنّ كلّ شيء موجود ليس إلا مرآة لتصورنا.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق