السبت، 12 أغسطس 2017

بورتريه لسيرة ذاتيّة


*


( الإسم: لايهم

جميع السير صنائع أصحابها إنّهم يعرفون بأنّ هناك من سيقرأ لهم. الإنسان صادق بشكل لايصدّق، فهو يصنّف كتب السير الذاتيّة أحيانا من ضمن الأعمال الأدبيّة لعلّ ما سأكتبه هي أوّل سيرة ذاتيّة، سأكون صادقا بقدر ما أتوقّع عدم قراءتها

بالبداية الإسم: قلنا لايهم

ثانيا الصورة الشخصيّة: 
إنّها غير صادقة أبدا فأنا بالكاد تحمّلت وظعيّة وجهي التي قام بضبطها عامل الأستديو على طاولة الفراغ، تماما مثلما تضبط المزهريّة على طاولة منزل لن يعلم أحد عن حقيقة وجودها إلا حينما تُكسر.

بإمكانك أن تختصر سيرتك الذاتيّة بوضع قائمة مرتّبة بالأغاني والأفلام والصور التي أعجبتك. على الأقل أنت لن تحاصر القارئ - الذي أفترض أنّه ليس موجودا- حتّى يرغم على الأخذ بحدود حروفك، ففي الأشياء التي تحبّها متّسع لفهمك أكثر. لهذه الأشياء عين ثاقبة: إسأل الشخص:
عن أوّل أغنية أحبّها؟
عن أوّل شيء ندم على عدم فعله لا على فعله؟
عن أوّل شيء .. أيّا يكن
 إن لم يجبك فاعلم أنّه لم يشعر بالوحدة بما يكفي للإجابة على هذه الأسئلة
حسنا وإن سألت، فكلّ هذه الأسئلة أستطيع الإجابة عليها وكم يؤسفني قول ذلك..


وماذا بعد؟
إنّني عبارة عن: ما أفكّر به
حسنا ولأكون صادقا لن أكتب ماينبغي قوله بل ما لاينبغي قوله. لو قدّر للأيّام أن تكتبنا لوجدناها تقول الكثير من الأشياء التي لاينبغي قولها والقليل مما ينبغي قوله. لن أرتّب كلامي لأنّنا لانكون مرتّبين إلا في المناسبات التي نتملّق فيها الآخرين ونلبس تلك الابتسامة على وجوهنا. من أين أبدأ؟  من المنتديات النتّيّة التي هجرت، كنت أحبّ اصطياد الأسماء الوهميّة. كان الأمر ممتعا أن أتتبّع أقنعة الاخرين، لم أحب الأقنعة التي تقوم بالردّ على نفسها بالجهة المقابلة  باليوزر. كانت تلك الأقنعة رديئة بالعادة بخلاف الأقنعة التي لاتردّ على أنفسها، وتكون صادقة إلى درجة يصعب الإمساك بها. كنت أخلط بين التعامل مع البشر والتعامل مع أقوالهم إنّهم يكرهون الأغنياء ولكنّهم  يحبّون أن يصبحوا أغنياء. يتصرّفون وفق طبيعتهم ويقولون أشياء تتحدّى طبيعتهم وأكبر عيب فيني أنّني حاولت أن أتصرّف وفق مايقال غالبا لا وفق طبيعتي. كان الأمر أشبه بمحاولة وجه من قطعة نقديّة أن تنقلب للجهة الأخرى. إنّهم يقولون بأنّ الكذب هو أسوأ مافي الإنسان، والواقع أنه بسبب ذلك يطول الكلام ويكثر الناس من الحديث أملا في محاولة اختراع تلك الكذبة الصادقة والذي يتحمّل الكثير عبء البوح بها غالبا. لذلك قد يكذب الإنسان لأنّه قد يكون أصدق من أن يطيل الكلام ويكون الكذب أعذب من الصدق عندما ينتهي باعتراف، وكأنه قال الصدق مرّتين. أنا لم أكذب إلى حدّ الآن ولكنّي أطيل الكلام من غير أن أبوح بكلّ شيء. للأسف لم يعد الناس بدوا يقولون كلّ شيء دون مبالاة، حيث تعلّموا من الصحراء أن كلّ شيء ستذروه الرياح وتدفنه رمال الأيّام، فكانوا يقولون كلّ شيء وأيّ شيء حتّي، ولكنّهم لم يعودوا بدوا. أتعلمون كانت هنالك أسطورة تقول بأنّ في إفريقيا مقبرة للفيلة! وأنّ الفيلة قبل موتها كانت تودّع أصحابها وتذهب الى هناك لكن في الحقيقة أنّ كلّ ذلك لم يكن إلا وهما لذيذا من أجل حكاياتنا فالفيلة مع تقدّم السنّ تفقد قوة أسنانها فتبدأ بالاقتراب نحو الأماكن التي تحوي على نباتات ليّنة وتقترب أكثر حتّى يلتقي ذلك الجمع من الفيلة في مقبرتهم. أفهمتم فكرتي؟ كذلك أهل القرى! والذين كانوا بدوا ولكنّهم ابتعدوا عن الحياة شيئا فشيئا واقتربوا أكثر وأكثر نحو المقبرة والتي تسمّى القرية. هناك حيث يموت الإنسان ويبدأ بالسكوت أكثر، فيكون متحفّظا حتّى بمعرّفاته الوهميّة. ولو أنّه حينها يكون صادقا أكثر لأنّه لايتحدّث كثيرا. على كلّ حال هذا العصر قد بنا قريته وأصبحنا من سكّانها. أريد أن أستيقظ ولا أعتقد أنّ ذلك سيحدث ضجّة في هذا العالم الذي لايريد ايقاظي. تذكّرت جريجوري سامسا وكيف أنّه أحدث ضجّة كبيرة في هذا العالم، الكثير من البشر يحتقرون الحشرات ولكنّم رؤوا في أنفسهم جريجوري سامسا الذي استيقظ فجأة كحشرة عملاقة! اللعين كافكا لقد حوّل العديد من البشر إلى حشرات! أبهذه الطريقة يرانا العالم، أمّ أنّنا نحسبه لأنّنا نرى الأشياء الصغيرة كذلك. 
قبل أن أنهي حديثي أريدك أن تعلم جيّدا بأنّنا نقول مالانودّ قوله لتعلم مانودّ قوله، إنّنا نقوم برسم مانودّ قوله بالكلمات التي لانريد قولها، ألا ترى أنّ النور ترسمه الظلمة؟ فانظر في ظلال الكلمات ما أودّ قوله. لست يائسا فحتّى لو لم يكن لوجودي قيمة فإنّ ذلك يمنح قيمة إضافيّة لمن لهم قيمة. كذلك الأشياء الجميلة هي تبدو كذلك بفضل الأشياء القبيحة. إنّنا صادقون رغما عنّا. واعذرني ان بدوت غاضبا فعادة ماأقوم بتوبيخ أيّامي حينما أتذكّرها. آه لوكانت لكلماتي هذه شكلا واحدا لأعفيتك من عناء التفكير بالقراءة لي
 .....................................   ) **



ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ


* : Edward Honaker
** :  ليست إلا صرخة تحاول أن تملأ ماأبقاه الصمت من فراغ.


ع



ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق