الاثنين، 7 يونيو 2021

( نادني لينا )





 "اندلعت الحرب العالميّة الثالثة عام ألفين وثمانية. استخدمت فيها الشعوب المتحاربة أسلحة مغناطيسيّة تفوق في قدرتها الأسلحة التقليديّة. ونتيجة لذلك حلّ الدمار في البرّ والبحر. انقلبت محاور الكرة الأرضيّة وباتت الكرة الأرضيّة تعيش كارثة مؤلمة. مضى الآن عشرون عاما على الكارثة ولم يبقى على هذه الجزيرة سواي. أتت الحرب على معضم أجزاء الكرة الأرضيّة. والآن أخذت الأشجار والحشائش تنمو ثانية، وأخذت الأسماك تملؤ مياه البحر. لقد انتعشت الأرض وامتلأت بالحياة من جديد"




المقدمة الأشهر في عالم الكرتون؛ لا شكّ أن الكثير ستشتغل أذهانهم بصوت جدّ عدنان وهو يكتب المقدمة بمذكراته ، ونسبة منهم سينتبهون لصوت عدنان وهو ينادي "جدّييييي" آخر المقطع. ألفت الرواية عام ١٩٧٠ تخيل المؤلف قيام هذه الحرب بعد ٣٨ سنة أي ٢٠٠٨م. 

 

رواية المدّ الهائل:



خبر إعادة الدبلجة ذكّرتني برواية (المدّ الهائل) لألكسندر هيل كي، وبدأت بقراءتها لأرى القصّة بالكتاب. أنهيت الرواية وبدأت أقارنها بالقصة الكرتونيّة

 


تذكّرت ستانلي كوبريك وهو يتعامل مع النصوص التي يقتبس منها أفلامه، التفاصيل موجودة في كتاب "ستانلي كوبريك: سيرة حياته وأعماله" للمؤلف: فنسينت لوبرتو. يمكن اعتبار هذا الكتاب مرجعا رائعا لهذه المواضيع وكذلك يحكي كثيرا عن التفاصيل التقنيّة والتي حتّمت على المخرج تغيير النصوص الأصليّة والخروج بنصّ جديد أو لنقل محسّنات سينمائيّة. التزم ميازاكي بأساسات القصّة مع تبديل كبير بالمسارات وترتيب الأحداث ماجعل ميازاكي يحلّق بالقصّة بمعنى الكلمة.

 

 الرواية انتهت عند الحلقة الثالثة  على ما أذكر من الجزء الخامس -عدنان ولينا مكوّن من ستة أجزاء- وأغلب الأحداث تدور بالجزء الثاني والثالث من الشريط الكرتونيّ، جزء كبير وكبير جدّا من إرث عدنان (القصّة الكرتونيّة) بجمالها وروعتها أستحدثه ميازاكي دون انتهاك لروح الرواية الأصلية.   

 

 

 إعادة الدبلجة:

نعود للدبلجة الجديدة، لم كل هذه الضجّة؟ قد لا يعرف بأنّ "سلاحف النينجا" لها دبلجتين مختلفتين كليّا وأجزم أنها لم تكن لتثر الجدل رغم اختلاف المستوى بينهما. و "هكلبري فن" على ما أذكر لها دبلجتين بل إن هنالك مسلسلات أعيد انتاجها بحلّة جديدة وأفضل مثال "ريمي الفتى الشريد" و "دروب ريمي" وأتذكّر مسلسلا أعيد دبلجته بما يسمّى بالدبلجة الاسلاميّة، كانت تجربة تدعو للسخرية أحيانا وطالت هذه التجربة الفيلم الجميل "قبر اليراعات" والمعروف عربيّا باسم "سيتا الحنون" دبلج ثانية باسم "نارا الصغيرة والطائرات المغيرة" وكانت أصواته تشبه أشرطة التسجيلات الاسلاميّة، لكن ذلك لم يحدث أي ضجّة تذكر، وإن تحسّرت على فوات النسخة المدبلجة من "سيتا الحنون" على من شاهدها بنسختها الأخرى "نارا الصغيرة.."

لكن مع عدنان ولينا الأمر مختلف. من الخطأ إثارة ردود الأفعال باسم ذكريات الطفولة؛ أنت لن ترغم غيرك على مسار طفولتك والمسألة ليست كما تقول الكلمات التي أقتبست كثيرا بالسوشيال ميديا عن المقاهي والرفاق ومن يعيد الرفاق والخ أنت لن تستطيع إعادة حالتك الأولى وأنت تشاهد عدنان ولينا في طفولتك؛ لن تستعيد الدهشة الأولى ولا تلك المساحات المبهمة من غموض التعابير والأحداث بالنسبة الى عمرك ومعرفتك وطريقة تعاملك الأمر أشبه بقاعة سينما بشاشة مميّزة أقفلت أبوابها الى الأبد ولو أعدت مشاهدة نفس المسلسل في أماكن مختلفة لن تغيّر من حقيقة أنك لن تشاهد بعد الآن هذا المسلسل من ذلك المكان. أنت بنفسك خسرت طفولتك بحكم الزمن، عن أي شيء تحافظ عليه إذا؟؟ من وجهة نظري إن كان هنالك شيء يدعو للغضب فهو: 

١. اقفال حلقات المسلسل القديم من اليويتوب وهو تصرّف عدواني -للأسف مشروع ربّما- 

٢. التفريط بقيمة عمل ثمين يعدّ إرثا، لا لطفولة جيل بل لنا جميعا.

 

 

قيمة الدبلجة القديمة:

دبلجت مئات المسلسلات الكرتونيّة لكن عندما نتحدّث عن عدنان ولينا ستدرك أذهاننا أن لها نجاحا مختلفا، يمكن أن نعبّر عنه بأنه كان نجاحا أيقونيّا. إذا كان جزء كبير من قيمة المسلسل الكرتوني "جزيرة الكنز" في صوت وحيد جلال (جون سيلفر) فكيف بعدنان ولينا والذي يستمدّ جزءا كبيرا من روعته وقيمته من نبرات صوت المؤدين وانفعالاتهم، نستطيع القول بأنّه أفضل عمل كان الأداء الانفعالي للأصوات فيه مميّزا. قد يتذكّر من شاهد المسلسلات الكرتونيّة العديد من المشاهد واللقطات والمواقف ولكن مع عدنان ولينا سيتذكّر حتما بعض الكلمات والجمل؛ لا لأنّها جملا ترسخ ككلمات بل كأصوات علقت بانفعالها بالأذهان. من مِن متابعي عدنان ولينا لا يتذكّر جيّدا كلمة "إخررررس" بصوت نمرو وعلام -بالرواية ذكرت كلمة "إخرس" مرة واحدة ص ١٧١- ليس في الأمر مبالغة عندما أتحدث عن مثل تلك الأمور فلها وقعها ومثال آخر ضحكة عبسي وأجد مفردة مؤدّي الصوت لا تؤدي الغرض لعل مفردة مجسّد الصوت أفضل تعبيرا، فكلهم كانوا يتفاعلون بالمشاهد ولا أذكر مسلسلا كرتونيا خلق في الأذهان ذاكرة صوتيّة مثل عدنان ولينا الدبلجة الجديدة تشبه مقطع يوتيوبي لتعليم الأطفال الجمل والكلمات. رتم ثابت ورتيب وبلا روح وتفاعل.  

 

 

"نادني لينا"

بهذه الجملة بالدبلجة القديمة تحدثت لينا مع عدنان وفي الدبلجة البديلة تقول "أنا اسمي لينا، لينا نادني باسمي" . يعرف الكثير البداية الشهيرة لرواية "موبي ديك": "نادني اسماعيل" لهذا الاسلوب من الكلام سحره، أقرب للحديث منه إلى الإنشاء وهو الفرق بين الدبلجة القديمة والحديثة.

 


مقارنة بين الرواية والانمي:



"إذ قال: وغطّت السماء طائرات تشبه الفراشات"

لينا وهي تحكي لعدنان ماقاله جدّها عن ذلك اليوم

 المشهد المنذر بقيامة ذلك العالم، لينا قالت ذلك وهي تنظر الى عيّنة من تلك الطائرات (جمانة) وهي خامدة في قبو القلعة. الجمال الغرائبي والمخيف فنّ يبدع اليابانيون فيه كثيرا، لهذا أبدع الانمي في تصوير هذا المشهد. لم يستغرق استديو غيبلي في رسم التفاصيل كثيرا بالانمي كما نشاهده في انميّات أخرى مثل "قلعة هاول المتحرّكة" لكن بعض العناصر حيكت بتفاصيل إضافيّة خاصة القلعة والطائرة جمانة. تلك الطائرات كانت تشبه فراشة العثّة لكنها بلون معدنيّ قاتم ولها أجنحة ضخمة، حجم الجناح تقريبا بحجم حاملة طائرات، أي بحجم ملعب كرة قدم. ظهر هذا المشهد الذي وصفه الدكتور رامي للينا واصفا ذلك اليوم المشؤوم الذي انتهى فيه العالم "وغطّت السماء.." مرتين: الأولي بمقدمة المسلسل والثانية بفلاش باك سميرة وهي تتذكّر ذلك اليوم.



 

(سميرة تتذكّر)


لا وجود لهذه الطائرة بالرواية وهي عنصر مهمّ في المسلسل والانمي؛ يمكننا أن نخمّن بأنّ شكلها المخيف يعود الى طائرات سباق التسلّح المخيفة بالحرب الباردة؛ إذ تشبه طائرات B-2 الأمريكيّة وطائرات أخرى صمّمت بأشكال مشابهة. ولا ننسى طائرات النقل العملاقة السوفيتية "أنتونوف" الكثير من فئاتها ذات حجم مخيف


(قاذفات أمريكيّة ابّان الحرب الباردة)


  ونتحدّث عن عنصر مهم آخر ورئيسيّ بالانمي ولا وجود له بالرواية، القلعة. أغلب الأحداث تدور في أندستريا وهي الأرض المحيطة بالقلعة، ولا وجود لاسم أندستريا بالمسلسل؛ إذ أن القلعة تعني المبنى المهيب الضخم والأرض المحيطة بها -عندما أقول انمي أعنيه كمنتج من غيبلي وأسميه مسلسل وأعني الانمي بالدبلجة-  صوّر ميازاكي تلك الأرض كأرض جرداء خالية من أي علامات انسانيّة لكنها مليئة بالبشر، تشبه بيئة قائمة على دكتاتوريّة العمّال أو اليسار المتطرّف. مبنى القلعة، الشيء المفقود بالرواية لكنها علامة راسخة بالانمي، مبنى غريب وهائل ومخيف وفيها مقرّ استخلاص الطاقة الشمسيّة المرعبة، والأخيرة شيء أساسيّ بالانمي وهامشيّ بالرواية. لم تفصّل الرواية كثيرا بالمعدّات لكن ميازاكي الذي يحبّ التفاصيل فصّلها كثيرا. بعنصريّ: طائرة جمانة والقلعة. للقعلة مشاهد جماليّة، الليليّة منها بالذات، يمكن اعتبارها واحدة من أجمل صور استديو غيبلي الفنيّة.

  

(القلعة من الأعلى)

 

 (جمانة تخرج من أرض القلعة)

 

وما يجعلنا نعتقد أن المسلسل كدوبلاج كان بارعا جدّا تعامله مع الأسماء وطريقة التعريب: عدنان وهو بالرواية كونان احتفظ الاسم بالـ "نان" ولينا هي بالرواية لانا وجيمسي هو عبسي -وهل يخفى القمر- أما الاسم الأجمل، نمرو وهو بالرواية أورلو، نمرو ذلك الفتى المتنمّر والمتمرّد. تعامل مؤلف الرواية مع الكارثة ككارثة جيولوجيّة. ذكرت القشرة الأرضيّة في المسلسل أكثر من الرواية، وكأنّ ميازاكي تشرّب الرواية كثيرا. وبالرواية ذكر الـ "تسونامي" ولا أدري هل كان هذا الاسم مشهورا كما هو اليوم بعد تسونامي اليابان الذي ضرب المفاعل النووي؟ أمّا القنبلة المغناطيسيّة! كيف هي شكلها وكيف تعمل؟ لا أذكر بكتب التاريخ العسكري ولا المخترعات ذكرا لمثلها، لكنها تتكرّر كثيرا كثيرا في انميّات الميكا، غزو الفضاء؛ الكثير من الرجال الآليين يمتلكون أسلحة سميت بالانمي والمسلسلات أسلحة كهرومغناطيسيّة. أتخيّل هذا السلاح كقنبلة تخلق ثقبا أسودا أو فراغا ذو كثافة -ولو أن في هذا الوصف تضارب- لنقل تخلق فراغا كبيرا تعمل كدوّامة فراغيّة تجذب بكلّ عنف ماحولها وتدمره. 

ظهر مشهد من البداية حذف من المسلسل! وهو مشهد الكرة الأرضيّة وهي تغرق ببحرها والدوّامات تملؤها حاول ميازاكي بكلّ وضوح توظيف ما أمكنه من عناصر الرواية؛ في مشهد لسميرة وهي عند مرفأ القلعة كانت تقود الدراجة الهوائيّة بملابس أنيقة، بالرواية ذكرت قيادة الدراجات الهوائيّة كإمتياز طبقيّ وكذلك ذكرت بالرواية النقاط التي تمنح للأشخاص للترقية بدرجة مواطنته وهي النقاط أو العلامات في المسلسل. الاسقاطات السياسيّة أو الأيدلوجيّة واضحة بالمسلسل مثل الرواية والمسلسل حاول تصويرها أكثر. مدينة العمّال الكئيبة وفي أرض الأمل - جنّة هذا الانمي- أكثر كلمة ملفتة فيها كانت "العمل/الى العمل"  وهو ماكان يكرهه عبسي الفتى البريّ كما صورته الرواية. عبسي شخصيّة رئيسيّة بالمسلسل وهامشيّة بالرواية. والتقسيم وفق الأعمار، كانت صورته واضحة كثيرا في المسلسل؛ أرض الأمل والتي تشبه الأراضي السويسريّة -بالرواية ذكرت باسم هاي هاربور كأرض فيها غابة ووادي وهضاب لا أكثر- المسلسل استغرق كثيرا في تصوير هذه الجزيرة كجنّة أبدع في ميازاكي رسمها. واستبدل مشهد الماعز المشوي بالرواية بخنزير برّي مشوي على طريقة "ليشون" الفلبينيّة، في المسلسل سمي هذا الحيوان بالثور لأسباب واضحة مشهد عبسي وهو يعدّه ويلتهمه واحد من أشهى المشاهد في عالم الانمي

 

(ثور عبسي وبالأصح خنزير عبسي D: )


وتوكيدا لروعة المسلسل بالدبلجة أصوات العضّ والمضغ كانت مغرية D: . "يا لرائحة السمك القذرة" كان هذا تعليق سميرة عندما دخلت كوخ عدنان لأوّل مرّة ولكنها بالرواية تصرفت عكس ذلك والتهمت بنهم السمك المدخّن الذي افتقدته بسبب ندرة الأخشاب في مكان إقامتها. بالرواية ملابسها كانت بنطالا فضفاضا وسترة غير منمّقة لكنها بالمسلسل عكس ذلك؛ ترتدي بزّة رسميّة وعمليّة.المقارنات كثيرة كثيرة لكنها تدل على استنبات ميازاكي للعديد من الأشياء التي وجد لها تربة خصبة بالرواية الأصليّة.



(مشاهد من أرض الأمل)

 

"ثم نزل مسرعا الى الشاطئ الضيّق، صارخا، باكيا وملوّحا على نحو بريّ بيديه"

هذا المقطع من الرواية، الوصف كان معبّرا و تذكّرت سريعا المشهد بالمعنيّ بالمسلسل ووجدته كما وُصف. 

"ظهر مخلوق صغير رثّ الثياب"

"كان قد ناهز العاشرة وكان يكبر بطريقة بريّة"

(عبسي)

ماهو إلا عبسي تماما بالمسلسل. تذكّرت ملحّنا سألوه عن سرّ نجاح أغنية قام بتلحينها، قال بأنها أتت له الكلمات جاهزة ولحنها معها، كذلك الرواية، أرى أنها أتت محمّلة بالصور والخيال وما على ميازاكي إلا أن يعمل عليها.

 لنتحدّث عن بداية الانمي أو المسلسل، بالبداية التقى عدنان بلينا وهي بالنسبة له كائن لم يسبق أن رأى مثله في حياته فقد ولد في الجزيرة المفقودة ولم يشاهد بشرا إلا واحدا وهو جدّه وهي شخصيّة رئيسيّة بالمسلسل كثيمة لذاكرة عدنان ولا وجود لها بالرواية، من هنا ندرك كيف صنع ميازاكي بداية موفّقة. ردود أفعال عدنان الأولى مع لينا كانت ظريفة وتعلّقه بها وبرائحة ملابسها وهو يقوم بغسلها مع ضحكات بمشهد لا تخفي دلالة رسم الأسنان حقيقتها المشاغبة.

  


التخاطر:



في الرواية هو موضوع أساسيّ، التخاطر وقراءة الأفكار وكلّ ذلك مع تقمّص الأرواح عالم غيبيّ. كانت سمة واضحة بالرواية، أتحدث عن نفسي وعند مشاهدتي للمسلسل لأوّل مرّة ولأنه عالم غريب بالنسبة لي. لم أدرك كثيرا هذه الظواهر، لم يظهر المسلسل تلك القدرات كشيء إراديّ، بل على العكس ظهرت بالمسلسل بشكل أفضل من الرواية. حالات لا يمكن تفسيرها، اكتسبتها لينا بفضل طبيعتها وحديثها الدائم مع الطيور، كانت تلك الفكرة مقبولة كثيرا بهذا الأسلوب من التورية.

 

 

عودة إلى الرسم أكثر:

 المسلسل استغرق كثيرا بالتوسع بأمور أخرى دون الابتعاد عن الرواية، لهذا بتصوّري لم يوري اهتماما كبيرا بتلك الظاهرة (التخاطر) الا بلحظات معيّنة. علينا أن نعي عندما يرسم الرسّام شكلا فهو وبلا وعي يكون قد كوّن فكرة ولو بسيطة عن أجزاء الشكل الداخلية وتكوينها. بالإضافة الى جمال الأشكال التي رسمها الانمي وتدل على تصوّر عميق للقصّة، الأجزاء الداخليّة من القلعة والرسم التخطيطيّ لها


القلعة وكذلك الطائرة "جمانه" والتي تظهر بالمخطط والتي تحدّثنا عن مثيلاتها سابقا رسمت أجزاؤها بعناية ملحوظة.


لم ضدّ الاعتراض بهذا الشكل على إعادة الدبلجة؟

   عندما شاهدت جنود القلعة والذين كانوا يرتدون بزاتا خضراء موحدة وخوذ تغطي الأعين اندهشت كثيرا عند نزعهم لأقنعتهم وكيف أنهم بدوا يشبهون كثيرا بقيّة الناس البسطاء في أرض الأمل. كنت أعلم يقينا أنهم بشر لكن مشاهدتهم بملامح مألوفة جعلني أستغرب كيف يكونون مثلهم ويقومون بأفعالهم المشينة اتّجاههم. كذلك لا أنسى العديد من العبارات خلقت فجوات من عدم الفهم مثل "عبثا تحاول" عندما قالتها سميرة لم أفهم بالبداية وعلى وجه الدقّة ماتعني، ليس عيبا بالدبلجة بل أمر رائع أن تواصل الدبلجة رتمها ويضطرّ المشاهد -ان كان صغيرا- للحاق بها. كل ذلك وأكثر العمر حينها سمح لي بالاندهاش ودفعني للتفكير أكثر، الأجزاء المبهمة لصغار الأعمار تحفّز الخيال كثيرا في حين الأجزاء الدقيقة والمفهومة للبالغين تحفّز على التأمّل وهنا الفرق بين مشاهدتك لمسلسلك بطفولتك وبعد بلوغك، باختصار تلك اللحظات ولّت فليس لنا حقّ في الاعتراض إلا على اختفاء تلك النسخ من اليوتيوب بسببها وحسافة أن ما عشناه -وكان جميلا بدليل عمقها في ذاكرتنا- لن يعيشه غيرنا إن اقتصر وجود المسلسل على النسخة الحديثة.

 

بالنهاية قليلة المسلسلات الكرتونيّة التي تميّزت أساسا بجمال الدبلجة والأصوات و "عدنان ولينا" أجملها.  وفي المسلسل كوميديا لا تنسى وكم هو مؤسف لو فاتت أحدا منكم.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق