كانت أول تدوينة لي هنا عن فيلم Julie&Julia (2009) الفيلم جعلني أحب التدوين والمدونات، لا زلت أتعجب من قدرة الفيلم على جعلي أرى ذلك الجانب اللذيذ من كتابة اليوميّات. كغيري فتحت عددا منها وهجرتها الآن لا أدري أين رميتها، أحنّ اليها مثل دفاتري "الكشاكيل" أحب فوضويتها وشخابيطها ورسوماتها، تمنيت تمنيت لو أني احتفظت بكلّ دفاتري تلك. المدونة جميلة كيوميات وفوضويات بلارتابة مع غياب شبه تام عن فكرة جذب ولفت الانتباه. كنت سأتمنى الاطلاع على دفتر الكشكول أكثر من مذكرات الشخص الذي أرغب بمعرفته. على كل حال الكشكول مخبأ داخل أدراج الغرف أحيانا بلا أقفال والمدونات مكشوفة بعالم النت فكرة أنها يمكن أن تُكشف خلسة هو ما يمنحها قيمتها لهذا لا نجد الدفاتر السريّة مخبأة داخل الأقفال ولا المدونات الخاصة محجوبة بمواقع مغلقة، لابد من خيط رفيع يمكن منه الوصول اليها. الأمر يشبه لعبة نلعبها بالهرب من القرّاء والافتراض بأن أحدا ما يلحق بنا.
طولت. أعود للفيلم جولي معجبة بالشيف الأمريكيّة جوليا، تحاول تقتدي فيها وتفتح مدونة فيها تفاصيل مقادير وطبخات "الشيفة" جوليا. كتابة كلّ شيء بلا مواربة هو ملح المدونة، كيف أنها بصعوبة استطاعت قتل الكركند[١] وصار القرّاء يسمونها "قاتلة الكركند" D: وشيء من وصف المقادير وعنّي أحب أحب أقرأ وصف الوجبات بمنيو المطاعم، أحيانا تكتب بطريقة شاعريّة وتشهّي عبارات مثل: مع صلصلة الـ ... الشهيّة ، المقرمشة، بنكهة الـ ... المنعشة، إلخ. طبعا كلمة المنعشة تعني شيئا حامضا أو مالحا مثل "الأومامي" الفيلم خالي من الأحداث لكنه حليو وحتّى البطلة جولي "وش ملحها" بالفيلم.
أحاول أشرح معنى عبارة "وش ملحها" لا أعني جمال الملامح التعبير يوحي بأنّ تصرّفات الشخص "راكبة ولايقة" على الملامح. لهذا يسهل وصف أحدهم بأنه "جميل" من الصور لكن يصعب وصف أحدهم "المملوح" فقط من خلال الصور دون رؤية شيء من التصرفات. "الملح" وصف لملامح الشخصيّة لا الوجه كجزء علويّ يحتوي على أعضاء من جسد الانسان. ألهذا نسمع كثيرا احداهنّ تصف ابنها أو ابن قريب محبّب اليها بـ "ياملحه" وما رأيكم بعبارة "كله ملح وقبله" كلها توحي بالقبول وحلاوة الشخصيّة أكثر من الملامح. كثيرا مانعنيها بجمال الروح ولكن بسياق عامي عندما نحاول تحاشي وصف الملامح. بكل صراحة هذا ما أفهمه من العبارة وفق السياقات التي مرّت عليّ. ولأن نظريّة الانتخاب الطبيعي يمكن أن تكون صحيحة أكثر شيء في عالم المصطلحات والعبارات، أجد أن لهذه العبارة جذر عميق. الأكلة والطبخة مهما كانت متقنة راح تكون ناقصة لو خلت من الملح والأمر ينطبق كذلك على الملامح.
--------------
[١] الكركند: دائما عند قراءتي لهذا الاسم احتمال يكون المقصود لوبستر أو كابوريا أو استاكوزا أو أم الربيان. المقصود بالفيلم الكائن المفصليّ الطويل صاحب الكلابات. بالطبخ أحيانا يتم قتله بغرس سكين حادة وقوية خلف عنقه أو يلقى حيّا بماء مغليّ حتّى يتحول لونه بعد الموت للون البرتقالي. جولي لم تستطع قتله وعلى ماذكر اضطرّت للإلقاء به حيّا في قدر مغليّ، لهذا سميت بقاتلة "الكركند"
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق