الأربعاء، 7 يونيو 2023

-٣٣-

 عن الانمي والذكريات أتحدث، كنت أفكر بالحديث عن كرة القدم والدوري الأوروبي. ربّما بمزاج آخر. 


هل استمتعت بالانمي بطفولتك؟ هل يمكن للانمي بعد الكبر أن تترك أثرها الناعم بذاكرتك كما تفعل بطفولتك؟ بالنسبة لي عالم الكرتون -أسمي الانمي بعد الدبلجة وماشاهدته بمرحلة الطفولة عملا كرتونيّا- ترك أكثر من ماريّة مميزة بذاكرتي، لا أنساها وأحب العودة اليها لأني بذلك لا أعيد المشهد بل أعيد المشهد وأنا أقف خلف ذلك الكائن الذي كنته طفلا. كيف ولماذا شعر بذلك؟ 


عن الاطالة ..

سأمرّ بأعمق ما أتذكره من مشاهد آتذكرها لحظة كتابتي هذه:

مشهد رامي في المسلسل الكرتوني "الهدّاف" وهو طفل منوّم بالمستشفى اثر حادث أدّى الى كسر ساقه، استيقظ ليلا، الغرفة مظلمة والجوّ راعد وماطر وبالنافذة رأى كرة ملقاة ومتّسخة تحت المطر. حمل رامي نفسه بعكّازه ومشى بصعوبة خارجا ليلتقط الكرة، تعثّر وسقط وابتلّ وتلطّخت ملابسه بانهاية ينتهي المشهد ورامي يمسح الكرة وعليه ابتسامة داخل غرفة المستشفى. المشهد خالي من أيّ كائن حيّ، وحده رامي والكرة والغرفة مظلمة ولامكان للنور. المشهد مليء باللون الأزرق القاتم. لم أفهم سبب المشهد ولا لماذا رامي حكى هذه القصة لحنين اخت علاء. لكنه كان كئيبا بدرجة ناعمة، كآبة لا تستدعي أن تطردها من ذهنك، تلامس حدّا رهيفا من القبول دون اختراقه.


من "الزهرة الجميلة سوسن" عمل فيه غرابة وحدّة ناعمة. احدى الشخصيات الشريرة مرعبة رغم أنها كوميديّة الاطار ومضحكة ويتمّ التنمّر عليها كثيرا لكن ملامحها كانت تمثّل لي كابوسا منفرا ولا أدري كيف! باحدى المشاهد كان هذا الشرير -نسيت اسمه- في الشارع يطارد سوسن لكنها وبوسط زحام المارة -هكذا اذكر- خرج ذيله الغليض؛ الشرير عبارة عن راكون بشريّ سمين ولونه قاتم وعند خروج ذيله وانتباه المارة اليه نفروا منه وبدؤوا بمطاردته لإيذاءه. شكله كان مؤذيا بالنسبة لي وكم كان المشهد مبهجا وغريبا في نظري. على فكرة أغنية المسلسل الكرتوني جميلة وصوت المغنّي عذب.

 

"مخلص صديق الحيوان" مشاهد كثيرة وغالبا ملامح لحيوانات حزينة. القفزة الانتحاريّة للحصان الأسود وروبو زعيم الذئاب ومشهد نهايته وأكثر حسرة مخلص على موته وندمه وكلماته ".. مهما كان السبب فقد قتلت حيوانا وأنا حزين" ولا أنسى الأغنية الحزينة بنفس الحلقة في مشهد فيدباك روبو.


من "الكابتن ماجد" عمل لا أحبه لكن مشهد الغروب والجرف الصخري واجتماع أعضاء الفريقين لمواساة وليد كان مؤثرا. حتّى موسيقى نهاية المشهد كانت مبهجة. حدث ذلك بعد الهدف الذي أحرزه بسام على وليد لأول مرة، في مباراة تدريبية اقتحمها بسّام بمشهد دراماتيكي. 


لا أدري لم كنت أحب الاعمال الكرتونيّة التي تصوّر الأصحاب والرفاق، المقاتلين وأعضاء الفريق كنت ألمس ذلك الخيط الحميميّ الذي يطوّقهم وكم كان مشهد اختفاء أحدهم موجعا بالنسبة لي. أعمال كثيرة ومنها "سنجوب" عندما غادرت السناجب الغابة التي دمرها البشر لمشروع صناعيّ يهدف الى قطع الأشجار، هاجروا بحثا عن غابة بديلة. مشاه كثيرا من هذا القبيل مكوّمة في حجرة ذاكرتي، تشبه الى حدّ ما المستودع المظلم تحت الدرج (بالعامي دِرِجة) لبيت عمّي كان مليئا مليئا بالألعاب المدمّرة كنت أغطس فيها بحثا عن أي لعبة جديدة وأنا أتلمّس بالظلام معالم اللعبة البلاستيكية "الخربانة" أحيانا كنت أمرّ على ملمس قماشيّ لدمية أو شعر أو شيء غريب. تذكرت، باي ذا وي تذكرت؛ زحدهم قال لي عندما انطفأ كهرباء المنزل وبات مظلما فجأة اندفعنا الى السطح عبر الدرج بسرعة يقول: كان ابن أخي يجري صاعدا ويده على -حديدة الدرج ما أعرف اسمها- وبينما يده تمسح المعدن وهي تصعد مرّت على ملمس غريب! كان فروا غالقا!! يقول من بعدها لم يعد ابن أخي كما كان. كيف أبحث بذاكرتي عن الاعمال الكرتونيّة وما فعلت بي، بالضبط أغطس فيها كما كنت أفعل بدرجة عمّي. أتمنّي أن تكون الصورة واضحا يا عزيزي القارئ. (": 


يوجد الكثير لكن وباختصار، أعظم عمل تحدّث عن ذاكرة الأعمال الكرتونيّة كان "مونستر" عبر شخصيّة شتاينر وجريمر. مشهد يطول ويطول الحديث عنه. أما حاليا فهجوم العمالقة يتسيّد كلّ اللحظات المرسومة في ذاكرتي. 


ويومكم سعيد.

 

 

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق