الاثنين، 7 ديسمبر 2020

يشكو من لا شيء


*



خرج وهو يشعر بالبثور على وجهه أكثر. أخبره بأنه على مايرام ولا شيء يشوّه جلده. وصل لمسكنه وبدأ بصعود الدرج حيث لم يتغير رتم طرقات قدمه عليها منذ بدأت حالته هذه تزداد. مشى بدربه الى أن وصل لغرفته ولو أبعدت قليلا لغاصت قدمه وعلقت بالأرضية. هكذا شعر إلى درجة أنه أحس قليلا بالبلل أسفل بنطاله وكأنه آتي من طريق موحل. 


( كان هذا الكائن يعيش داخل دفتر بعدد صفحات قليلة لم تعد فيه مساحة لملء أي شيء، كان مليئا بالأيام والذكريات وكان عنده حسّ مرعب بالانتباه لكلّ نتوء وانحناء للخطوط لدرجة أن انحناءً بسيطا كافيا ليصنع سكينا يمزق دماغه قبل أن يدرك بأن ذلك لم يكن إلا انحناء بسيطا لأحد الأيام والكلمات )


يستلقي على السرير يحاول الالتواء بالغطاء حتّى يشعر بأن شيئا إلتف عليه بإحكام ليهدئ روحه التي وإن سكن جسده لا تبدو مستقرة. بقي قلبه يرجف تاركا بأثر الإرتجاف فراغا خانقا. شعر بأنه بحاجة لأن يتنهد ذلك الفراغ من قلبه لكن أنفاسه لا تصل إلى قلبه. 


يتنفس وكأنه بذل مجهودا كبيرا قبل وصوله. كان تفكيره يشعره بأنه قطع مسافات طويلة ذهابا وإيابا عبر الوقت.


بدأ يلتوي بشكل عكسي حتّى يتحرر من الغطاء رغم أن روحه بدأت بالاضطراب لكنه شعر بشيء من الراحة وهو جالس على جانب سريره مطأطأ رأسه وتنهداته تتساقط من فمه. "ماكل ذلك يوم عادي، يوم عمل معتاد لا جديد فيه، وجبات معتادة، مالذي يكوّم التعب فيني أكثر" يسأل نفسه. 


وتذكر يوم أرسل رسالة لأحد أصدقائه كان قد اخبره بأن كل شيء حولنا ليس إلا تصورا ويمكن وفق ذلك أن ينال كل شيء يريده بعد أن يحكم تصور حيازته لما يتمناه بكلّ ما أوتي من قدرة. 

 

كان ذو قدرة عالية على التركيز، كان قادرا على خلق وهم لحظيّ لمدة وجيزة بوجود شيء ما. وكان يوجد فعلا! كان يلعب بهذه الأفكار حتّى أتقن ذلك لكن دماغه فقد السيطرة على نفسه وبدأ يتصوّر ما لا ينتهي من أمور  ولا يكاد دماغه يكف عن إلقاء كل تلك الأشياء المزعجة على كاهل رأسه

 

كان شعوره بالألفة ازّاء الجمادات يحزنه، هل من خطأ بأن يشعر لهذه الدرجة بها؟ احساسه بأثر بريق اللون بالفراغ ومايعنيه انعكاسه على سطح خشن مخدوش، يعرف بالضبط هذه الخدوش وكيف ترسم أثرها بالداخل وكأنها صوت واضح أو لمسة لا يمكن توهمها. كل ذلك يشعره بالحسرة؛ كان الأجدى أن يفهم البشر كذلك. فقط لو كان جمادا.

 

كان قد تخلى عن عاداته البدنية والتي تتطلب جهدا كبيرا منه، كان ذلك الاستسلام الأخير لدماغه. 

 

  بعد بضعة أيام:

 خرج بعد أن صُرف له مرهم لعلاج البثور على وجهه وأخبره بأنه سيكون على ما يرام. لكنه لم يشعر اطلاقا بملمس المرهم على جلده.




Alex Eckman-Lawn

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق