أحيانا أتساءل هل من عاش الانميات "الكلاسيكية" على الفيديو والتلفزيون وبقت كذكريات قادر على لمس مواطن الجمال فيها بعيدا عن اعتبارها ذكاريات؟ مقارنة بمن بدأ مشاهدته لها متأخرا وعلى الانترنت ويرى فيها انميّات قديمة ومع ذلك يحبّها فهو لا يحمل تلك الذكريات التي قد يطغى وجودها على الحكم بجماليّة الانمي.
كل شيّء يتغيّر:
بدءا بالكوميديا التي كانت بالسابق تعتمد كثيرا على الأوجه المطاطيّة كماهي في "نينجا: كابامارو" وصولا الى التعابير التي وجدتها مختلفة ولم أفهمها إلا مع الوقت بمسلسل "ماروكو الصغيرة"، ظهور الخطوط على الوجه في حال الاستغراب والاستنكار بالإضافة الى قطرة العرق الفريدة والتي يعرفها حتما مشاهدي الانمي. هل هذا التغيّر يعني اندثار التعابير القديمة أو الاسلوب االقديم في التعبير؟
أغلب المسلسلات الكرتونيّة التي شوهدت بالتلفزيون والفيديو عربيّا كانت قديمة في موطنها ربما أقدم بعشر سنوات أو أكثر. لهذا لا يمكننا الحكم على العمل بإعادته للفترة الزمنيّة وفق سنة الانتاج إلا عندما نتحدّث عن صناعة الانمي كصناعة ولكن بالحديث عن تشكّل الأذواق والآراء عندنا، يهمنا بالدرجة الأولى سنة عرضها ودبلجتها، ما يعني ميلاد تشكّلها في ذائقة المشاهدين.
الأسلوب يتغيّر تبع الأذواق -وأشياء أخرى الحديث عنها قد يكون مملا- والتقنية تتطوّر تبع الزمن. بفضل التقنية بالإمكان تصوير المشاهد البهلوانّية لتروس التحكّم في "هجوم العمالقة" بحركات أكثر مرونة من مقاتلي النينجا بالانميّات القديمة. "ون بيس" المسلسل الذي لا ينتهي لا تشبه حلقاته الأولى حلقاته الأخيرة لا أسلوبا ولا تقنيّا وهذه أكبر نقطة ضعف في الانمي من وجهة نظري فهو لم يعد قطعة واحدة أو one piece بل بات يشبه مسخ فرانكنشتاين.
هل تتابع الأعمال مواكبة لأسلوبها أم لتقنيتها؟
لأسلوبها يعني أنك تتذوّقها، ولتقنيتها يعني أنك تستخدمها وتستمتع بها، وغالبا وبنسب مختلفة لكلا السببين معا نتابع الأعمال. التقنية بعد أن تصبح قديمة قد تصل الى
حدّ انتهاء صلاحيّتها ويفقد العمل بسببه مقدارا كبيرا من بريقه. لكن الأسلوب بعد قدمه هل تنتهي صلاحيّته؟ ومتى تنتهي صلاحيّة العمل أسلوبا أو تقنيّا؟ تقنيّا الإجابة أسهل جرّب نفسك هل تستطيع متابعة فيلم سينمائي صامت؟ (قديم) أما الأسلوب يمكن أحيانا في ظروف معيّنة يتم استعادته وإعادة إحيائه.
هل للانميّات صلاحيّة؟
كثيرا ما ينظر لتلك الأعمال باعتبارها قديمة ولا تصلح بوجود الانميات الحديثة وباعتبار أن مافيها من رسوم وحركات وتعابير وأساليب لا تمتّ للوقت الحالي بصلة إلا كذكريات. حسنا عرضت تلك الأعمال بعد انتاجها بسنوات عديدة، أي أنها عرضت بعد أن أصبحت قديمة فعليّا دون أن ندرك ذلك ولكن حينما نتحدث كمستهلكين أو مستخدمين لا كمحبين سننظر للعمر الحقيقي للمنتج على أنه عمر استخدامه الفعليّ، وبسبب طبيعتنا الاستهلاكيّة ننظر للأشياء بتعاقبيّة مستمرّة. الانمي في نظر من يراه كمنتج استهلاكيّ يكون قديما ومنتهي الصلاحيّة حال الانتهاء منه ليس لكونه فقط أصبح قديما أسلوبا وتقنيّا. وفي نظر من يراه كعمل ابداعي ومحبّ يمكن أن يكون قديما ولم تنتهي صلاحيّته. يراه الأوّل كمادة مستهكلة -لها عمر استخدام- أو علكة لذيذة ينتهي طعمها سريعا ويُلقى في سلّة الذكريات وعندما يتحدّث عنها بحبّ يحكي عنها كذكريات جميلة لعلّ هذا ما جعلنا نرى العبارة المغلوطة "الزمن الجميل"؛ جميلة لأنها أصبحت ذكريات. يصعب الخلاص من شرك الذكريات حتّى لمن نظر اليها كعمل ابداعيّ لن يخلوا حديثه من لذة الذكريات لهذا قد يكون أقلّ تمييزا لروعة الأعمال من الذي شاهدها بعيدا عن اعتبارها شيئا جميلا يتذكره.
بالنهاية هي أعمال جميلة أكثر من كونها ذكريات والأعمال الابداعيّة ليست سلع مستهلكة تنتهي بعد الاستخدام. توجد عبارة ولو أنها تستخدم أحيانًا بابتذال الا أنها تصف هذه الأعمال بدقة وهي "تحفة" أي عمل يبقى رغما عن أنف الأسلوب والتقنية. صحيح التقنية أحدثت فرقا واضحا بات بالإمكان انتاج عمل بقصة عادية ومع جودة الإخراج يصبح عملا مبهرا الأمر الذي لم يتوفر كثيرا بالانميات القديمة لهذا نجد ثقلها في القصة أكثر.
الى هنا انتهي وأجمل مافي النقاشات عن الانمي وعالمه بروز مصطلحات خاصة تدور في فلكها وان شابها لبس إلا أنها مفهومة مثل "كلاسيكية" و "الزمن الجميل" و الكلمة التي يستخدمها كثيرا محبوا الأفلام السينمائية "تحفة".
الأنيمي (الرسوم المتحركة) القديمة لها سحرها الخاص، قد تكون قصصها المؤثرة و المبادئ السامية التي تسوقها.هي السبب.
ردحذفكانت أغلب القصص الكرتونية مؤثرة ولها مبادئ سامية كون شركات الانتاج والدبلجة موجهتها للأطفال
حذف