أحيانا يخيّل إلي إنّ أرقام بيع التذاكر السينيمائيّة لاتعكس مدى حبّ الأمريكيين للأفلام بقدر ماتعكس هوسهم بتناول "البوب كورن" والمشروبات الغازيّة. الأرقام كبيرة للغاية، تماما مثل كلّ الأرقام الأمريكيّة والتي تتعلّق بالمال التي لولا الأمريكان ربّما ماسمعناها. فحتّى الكلمة الأمريكيّة الأشهر على مستوى العالم Google تشير الى رقم خرافيّ.
لو اطّلعت لوجدت أن ميزانيّة الفيلم الأمريكي -رغما عن مخرجه الكندي- (Avatar) تساوي ربّما ميزانيّة آخر عشرة أفلام أوروبيّة فازت بجائزة "السعفة الذهبيّة" بل ربّما آخر عشرة أفلام أوروبيّة وغيرها فائزة بجائزة: الدبّ الذهبي، الأسد الذهبي، والسعفة الذهبيّة! أمّا على صعيد المبيعات فقد نقول آخر خمسين فيلما فائزا.
أعلى الأفلام دخلا والأكثر بيعا والأعلى ميزانيّة كلّها تصنيفات رقميّة اللغة المفضلة للأمريكيين. يتكلّمون عنها كثيرا ويتباهون بأفلامهم من خلالها بخلاف غيرهم. وإن الإخذ بهذا التصنيف سيجعل الأفلام الأمريكيّة بالمقدّمة لمئة سنة أخرى.
وعندما تشاهد الأرقام الخاصة بالأفلام الأوروبيّة الرائعة ستتفاجأ بمكانة الأفلام الكبيرة مقارنة بأرقامها الصغيرة. وستتساءل عن مدى الشغف الذي يجعل الأوربيّون يواصلون انتاج أفلامهم رغم هذه الأرقام التي لاتسمن ولاتغني من جوع. وهذا هو الفرق بين أن يكون عملك (مصدر رزقك) هو هوايتك المفضلة وبين أن يكون عملك (مصدر ثرائك) هو هوايتك المفضّلة. الأفلام الأمريكيّة رائعة والأفلام الأوروبيّة عظيمة. بالنسبة لي أجد أن "رائعة" تناسب الأفلام الأمريكيّة الممتعة والمدهشة والمبهرة وكلمة "عظيمة" تناسب الأفلام الأوروبيّة التي تستحقّ الإعجاب والتقدير والإشادة معا. الكثير من الأفلام الأوروبيّة أو لنقل المليئة بالأوروبيين أنتجت أو لنقل جعلت أمريكيّة وناطقة بلغتها، الأمر الذي أكسبها أرقاما أمريكيّة. إنّها جنّة السينما فعلا، وأربابها يقومون بعملهم بجنون وشغف ولكنّه حتما لايشبه الشغف الهادئ المثابر التي تنتجه أفلام مثل الفيلم الروماني الجميل
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق